متابعات

ولي العهد يبدأ زيارته إلى الهند لتكريس علاقات التعاون المشترك

جدة – البلاد

وسط ترحيب كبير واهتمام سياسي وإعلامي بالغ، يبدأ صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الدفاع ، زيارة إلى جمهورية الهند ، ضمن جولته الآسيوية التي بدأت بزيارة ناجحة لباكستان.

وتأتي زيارة سموه التاريخية إلى الهند في ظل حرص القيادة في البلدين الصديقين على تعزيز التعاون في العديد من المجالات وفي مقدمتها الشراكة الاقتصادية وزيادة الاستثمار ، والتفاهم المشترك تجاه القضايا الإقليمية والدولية خاصة مايتعلق بتحديات الأمن والاستقرار في مناطق الخليج العربي وشبه القارة الهندية والشرق الأوسط ، وهو ما يبحثه ولي العهد في دلهي ، وقد سبق أن اجتمع سموه مع رئيس الوزراء الهندي على هامش قمة العشرين مؤخرا في الأرجنتين حيث رأس وفد المملكة إلى القمة.

ترتبط المملكة والهند بروابط تجارية قديمة على مدى عصور ، وبعلاقات رسمية عريقة تمتد لأكثر من 7 عقود ، وتقوم على الاحترام المتبادل وأهمية دور كل منهما ، ورغبة البلدين في تقوية المصالح المشتركة ، حيث تنظر الهند إلى المملكة بكثير من التقدير لأهميتها ودورها الاستراتيجي سياسيا واقتصاديا على مختلف الأصعدة الإقليمية والدولية ، كما تقدر المملكة للهند مواقفها المناصرة للقضايا والحقوق العربية العادلة، وما يميز البلدين من تجربة تنموية حديثة لاقتصاد صاعد وواعد.

وشهدت العلاقات السعودية الهندية محطات تطور عديدة ، وتتوجها الزيارات المتبادلة بين القيادة في البلدين ، فبناء على دعوة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود – حفظه الله – قام دولة رئيس وزراء جمهورية الهند ناريندرا مودي، بزيارة رسمية إلى المملكة يومي في الثاني والثالث من إبريل لعام 2016م ،

حيث استقبله الملك سلمان بن عبد العزيز ، وأجرى الزعيمان محادثات حول العلاقات القوية التي تربط البلدين وشعبيهما، وتبادلا الآراء حول عدد من المسائل الثنائية والإقليمية ذات الاهتمام المشترك، وصدور البيان الختامي الذي تضمن تأكيد القيادة في البلدين على العلاقات الثنائية الوثيقة الودية التي تعود جذورها إلى التاريخ المشترك بينهما وتستمر بالتطور عبر الشراكة المتنامية في مجالات الاقتصاد، والتعاون متعدد الأوجه، والتواصل فيما بين شعبي البلدين، والمناقشات البناءة واسعة النطاق التي جرت في جو ودي وتفاهم ، والتأكيد على الصلة الوثيقة بين الاستقرار والأمن في منطقة الخليج وشبه القارة الهندية، والحاجة إلى المحافظة على بيئة آمنة سلمية من أجل تنمية بلدان المنطقة.

ومما تضمنه البيان الختامي التقدير المشترك من الجانبين للتحول الذي تكلل بالنجاح في العلاقات الثنائية في المجالات السياسية، والاقتصاد، والأمن، والدفاع، والقوى العاملة، والتواصل بين الشعبين في السنوات الأخيرة، حيث زاد ذلك الأمر من قوة العلاقات الثنائية، وأعربا عن ارتياحهما للتبادل المنتظم للزيارات بين البلدين، وأهمية مواصلة توطيد العلاقات الاستراتيجية الثنائية في إطار مسؤوليتهما تجاه تعزيز السلام والاستقرار والأمن في المنطقة وفي العالم، بما في ذلك مجالات الأمن والدفاع والتعاون لخدمة المصالح المشتركة لكلا البلدين وشعبيهما.

ومن المحطات الدافعة لتعزيز العلاقة السعودية الهندية ، الزيارة التي قام بها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود إلى الهند في فبراير 2014م ، بصفته ولياً للعهد ونائباً لرئيس مجلس الوزراء ووزير الدفاع وحققت الزيارة نقلة في مسار العلاقات بين البلدين ، والتأكيد على أهمية توطيد الشراكة الاستراتيجية ، وتعزيز التشاور والتنسيق بينهما في القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، وهو ما عبّر عنه رئيس الوزراء ناريندرا مودي ، بأن مذكرة التفاهم حول التعاون في مجالات الدفاع التي وقعها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود أثناء زيارته تعد بمثابة حدث مهم في إطار تعزيز الشراكة الاستراتيجية بين البلدين،

أيضا أشار البيان الختامي لزيارة رئيس الوزراء الهندي للمملكة ، إلى اتفاق الجانبين على تعزيز التعاون وتقوية الأمن البحري في منطقتي الخليج والمحيط الهندي، اللتين تضمنان أمن ورخاء الدولتين، كما اتفقا على تعزيز التعاون الثنائي للمساعدات الإنسانية، ولإخلاء المناطق في حال التعرض للكوارث الطبيعية والأزمات.

مكافحة الإرهاب وغسل الأموال
وتعد مكافحة الإرهاب إحدى الملفات الهامة التي يتفق عليها البلدان كموقف ثابت ، وهو ماأكد عليه البيان المشترك في ختام زيارة رئيس وزراء الهند للمملكة ، فقد عبّر خادم الحرمين الشريفين ورئس وزراء الهند عن إدانتهما الشديدة لظاهرة الإرهاب في كل أشكاله ومظاهره، بغض النظر عن هوية مرتكبيه وأياً كانت دوافعهم، كما دعا القائدان الدول كافة إلى رفض ممارسة الإرهاب ضد أية دولة، وتفكيك البنية التحتية له وقطع كافة أشكال الدعم للإرهابيين الذين يسيرون العمليات الإرهابية ويمارسونها من مناطقهم ضد الدول الأخرى، وتقديم مرتكبيها إلى العدالة لمحاكمتهم.

ومما تضمنه البيان الختامي في هذا الصدد ، اتفاق خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز ورئيس وزراء جمهورية الهند ناريندرا مودي ، على تعزيز التعاون في مكافحة العمليات الإرهابية وتبادل المعلومات الاستخبارية وبناء القدرات وتقوية التعاون في تنفيذ القانون، وفي مكافحة غسل الأموال وتهريب المخدرات، وغيرها من الجرائم العابرة للحدود الوطنية، وذلك اعترافاً بالتعاون الأمني الثنائي القائم وإشادة به، كما رحبا بتوقيع مذكرة التفاهم المتعلقة بالتعاون في تبادل المعلومات الاستخباراتية بشأن غسيل الأموال والجرائم المتصلة بها وتمويل الإرهاب ، واتفق الجانبان على اتخاذ الإجراءات اللازمة لمنع التمويل غير الشرعي للأموال. وقد أشاد دولة رئيس الوزراء ناريندرا مودي بجهود المملكة في محاربة الإرهاب من حيث الفكر، والتنظيم، والتمويل، وبمشاركة المملكة في الجهود الدولية لمحاربة الإرهاب بما في ذلك مشاركتها في التحالف الدولي.

تحفيز الاستثمارات
وحظي التعاون الاقتصادي بين البلدين باهتمام كبير خلال زيارة رئيس الوزراء الهندي إلى المملكة ، وفي هذا الصدد أكد البيان الختامي على تقدير القيادة في البلدين الصديقين للآلية المؤسسية الثنائية في مجالات التجارة والاستثمار والطاقة والدفاع، ومجال القوى العاملة، ونوه الجانبان بالتحول الاقتصادي الإيجابي المستمر في كلا البلدين، وأكدا أهمية توسيع روابط التجارة والاستثمار من أجل دفع التعاون الاستراتيجي قدماً ،

ووجها وزيري التجارة والمالية في البلدين بالعمل سوياً لإيجاد السبل والوسائل لزيادة تدفق الاستثمارات وتنمية التجارة بين البلدين. كما نوه الجانبان بالزيادة المضطردة في حجم التجارة الثنائية خلال السنوات القليلة الماضية، وأعربا عن سعادتهما لما وصلت إليه تجارتهما الثنائية في عام 2014-2015م، إذ بلغت قيمتها (39) مليار دولار أمريكي، واتفقا على الحاجة لمواصلة تعزيز هذه العلاقات، خاصة على صعيد تنويع التجارة غير النفطية، علما بأن البلدين تم تسجيلهما أفضل بلدين في الشراكة التجارية والاقتصادية ، وأعرب القائدان خادم الحرمين الشريفين ورئيس الوزراء الهندي عن ارتياحهما إزاء تزايد أعداد الشركات السعودية والهندية في أسواق كل منهما، واتفقا على مواصلة تسهيل التدابير لتعزيز التجارة، والمشاركة في المعارض والأسواق.

وقد رحب الجانب السعودي باهتمام الجانب الهندي بالاستثمار في المملكة، وخاصة بالاستفادة من الفرص الاستثمارية التنافسية التي توفرها المدن الاقتصادية والصناعية السعودية.

تعاون استراتيجي
وكان صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع السعودي ، قد التقى على هامش قمة العشرين في العاصمة الأرجنتينية بيونس آيرس، رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي ، ونقل رئيس الوزراء تحياته لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، كما عبر عن شكره وتقديره للمملكة قيادة وشعباً على ما تحظى به الجالية الهندية في المملكة من طيب المعاملة.

وتم خلال اللقاء استعراض آفاق التعاون الثنائي بين البلدين الصديقين في المجالات السياسية والأمنية والاقتصادية والاستثمارية والزراعية والطاقة والثقافة والتقنية. وفي المجال الاستثماري، تمت مناقشة فرص الاستثمار في مجال البنية التحتية من خلال صندوق الاستثمارات العامة، وكذلك فرص الاستثمار في المجال الزراعي ، وفي مجال الطاقة، تم بحث استعداد المملكة لإمداد الهند بكل ما تحتاجه من النفط والمنتجات البترولية،

وكذلك استثمار شركة أرامكو السعودية في قطاع تكرير النفط في الهند وبخاصة المصفاة العملاقة في الساحل الغربي للهند ، وفي مجال تخزين النفط ، كما تم الاتفاق على الاستثمار في مجال الطاقة الشمسية من خلال صندوق (رؤية سوفت بانك) ومن خلال الشركات السعودية التي ستقوم بتنفيذ مشاريع الطاقة الشمسية.

وفي المجال العسكري، تم بحث استراتيجيات توطين الصناعات العسكرية والتعاون في مجال الصناعات العسكرية بين البلدين.

كما تم خلال اللقاء استعراض ما تم إنجازه خلال العامين الماضيين في مسار العلاقات الثنائية، وكذلك الفرص المتاحة لتصدير المنتجات السعودية غير النفطية إلى الهند، وسبل تنمية التجارة البينية بين البلدين بترتيبات مستدامة وبالذات في السلع الاستراتيجية مثل الأسمدة السعودية، وتشجيع الاستثمارات المتبادلة في القطاع الصناعي ، وقدم رئيس الوزراء الهندي الدعوة للمملكة للانضمام لمبادرة “الاتحاد الدولي للطاقة الشمسية”، وأعلن ولي العهد عن قبول المملكة لهذه الدعوة.

تعزيز التبادل التجاري
وتمثل زيارة سمو ولي العهد إلى الهند أهمية كبيرة في تتويج التقدم الذي شهدته علاقات التعاون ، ودعم نتائج اجتماعات اللجنة السعودية الهندية ، وكان آخرها دورتها الثانية عشرة في فبراير من العام الماضي 2018 م في الرياض برئاسة وزير التجارة والاستثمار الدكتور ماجد القصبي، في حين رأس الجانب الهندي وزير المالية وشؤون الشركات أرون جايتلي، والتي بحثت حجم التبادل التجاري بين البلدين، وسبل تعزيزه،

حيث بلغ في 2017 أكثر من 85 مليار ريال، حيث تمثل الصادرات السعودية إلى الهند نحو 67 مليار ريال، فيما تمثل الواردات السعودية من الهند أكثر من 18 مليار ريال ، واتفقا على ضرورة تكثيف الجهود المشتركة لزيادة حجم التبادل التجاري بما يتناسب مع رغبة البلدين في الارتقاء بمستوى التجارة البينية بينهما، وتعزيز أوجه التعاون ، خاصة في المجالات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية، كما بحث الطرفان سبل تطوير التعاون المشترك في مجال الطاقة والبترول، والتعاون المالي ، ورفع مستوى التعاون في المجال التجاري والاستثماري بين مجتمع الأعمال.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *