الدولية

دعاوى حماية حقوق الإنسان .. سيف مسلط على المنطقة العربية

محمد عمر – القاهرة

باتت قضية حقوق الإنسان منذ انتهاء الحرب الباردة ورقة ومظلة تستخدمها الدول الكبرى للتدخل فى شؤون الاخرين، سيما المنطقة العربية، لتحقيق أهدافها وأجنداتها السياسية والاقتصادية، بعيدا عن دعاوى الدفاع عن حقوق الانسان، فعندما تتعارض المثالية أي قيم الدفاع عن الحقوق مع الواقعية، أي المصالح، فإن الدول الغربية سرعان ما تضحى باعتبارات حق الإنسان، وهو ما يؤكد أن دفاع هذه الدول عن الحقوق ما هو إلا شعارات جوفاء، هذا بخلاف ان اغلب دول الغرب تتعامل بازدواجية مع قضية حقوق الإنسان، ففي الوقت الذي تهب فيه وتعلن عن انتقاداتها وتتخذ إجراءات ضد بعض الدول للدفاع عما تسميهم النشطاء السياسيين، نجدها تتقاعس بل وتتجاهل الانتهاكات الصارخة لحقوق الإنسان التي تقع في اراضيها.

وأجمع خبراء مختصون في حديثهم “للبلاد ” أن هناك ازدواجية غربية في مجال حقوق الإنسان وهذا ينعكس مع خطابهم للأحداث بالمنطقة العربية وخطابهم عند تشابه الأحداث لديهم حيث يتم التغافل عن تلك المفاهيم واعتماد إجراءات صارمة وحادة، على أن الدول العربية في ظل الحرب الالكترونية والمعلوماتية التي أضحت منتشرة في شتى بقاع العالم وأصبحت أكثر حدة وفاعلية فيما بين القوى العالمية. وأضافوا أن الغرب استحوذ على المفاهيم الخاصة بحقوق الانسان وحول هذة الحقوق الى حقوق غربية فقط تختص بالدول الكبرى دون أن تكون حقوق انسانية تطبق على الجميع.

فى البداية قال على بكر الباحث المتخصص في الشأن السياسي أن المنطقة العربية تشهد حرب معلومات كبيرة من خلال ادعاءات إعلامية كاذبة تقوم على أساس تشويه الصورة الذهنية البلدان العربية والتقليل من حجم الانجازات التي تحدث على أرض الواقع ، ومحاولة إظهار شعوب المنطقة العربية أنها تعيش في حالة سلبية بالمقارنة بالصورة المزيفة التي تنقلها عن واقعها طوال الوقت عبر إعلامها الرسمي وحلفائها والذين يعملون على استهداف الدول الفاعلة والمؤثرة في المنطقة.

ونوه “الباحث السياسي” إلى أنها لا تتعرض بأية حال من الأحوال الدول التي تتحالف معها بالإضافة للدور المشبوه لبعض المؤسسات الإعلامية ووسائل التواصل الاجتماعي التي أحدثت طفرة في حرب المعلومات ضد الشعوب العربية حيث يتم استخدامها في تغييب الوعي وتشويه الثوابت الوطنية.

وأشار” بكر” أن أهم تلك الآليات التي أدت إلى نشر تلك الظاهرة هي الحرب الإعلامية الموجهة للمنطقة وتأتى على رأسها المؤسسات الإعلامية لنظام الحمدين في الإطار الإقليمي والتي ساهمت في نشر التطرف وتبنى خطابه والعمل على تواجده داخل المنطقة العربية من خلال تسخير أدواتها وبرامجها لتلك الرؤية المتطرفة.

وعملت تلك المؤسسات على تزييف الوعى لذلك هناك ضرورة على الدول العربية أن يكون هناك تنسيق لوضع رؤية استراتيجية لمواجهة تلك الحروب الفكرية والإعلامية عبر تفنيد تلك الرسائل من خلال مختصين ، والمسار الآخر هو التنشيط الفكري وهذا يحتاج إلى تنسيق عربي بشكل كبير وعلى مستوى المؤسسات الفاعلة في كل دولة.

بدوره قال الباحث فى الشأن السياسى أحمد قبال إن مفهوم “حرب المعلومات” ظهر في ظل التطور الهائل لوسائل الاتصال والاستخدام المكثف لأنظمة الحاسبات في نظم القيادة والسيطرة ومجالات نظم المعلومات، وما ترتب عليه من كم معلومات هائل يتم تداوله كل لحظة من خلال هذه النظم في شتى المجالات.

ويقصد بحرب المعلومات الحرب التي تستخدم تكنولوجيا المعلومات كأداة تمد أطراف الصراع بوسائل غير مسبوقة، من حيث القوة والسرعة والدقة في تنفيذ المهام، لكن حرب المعلومات ترى المعلومات نفسها كيانا منفصلا إما كسلاح أو هدف في حد ذاته؛ لأن التنافس على المعلومات قديم قدم البشرية، والدول والمؤسسات بل والأفراد جميعهم يبحث دائما على زيادة وحماية ما يملكونه من معلومات ويحاولون الحد مما يعرفه الخصم عنهم من معلومات.

واعتبر “قبال ” أن أهم خصائص تلك الحرب التأثير على العناصر الرئيسية والحيوية للدولة في المجالات المختلفة والإضافة إلى قوة الطرف الذي يمتلك قدرا اكبر من المعلومات، وإمكانية التسبب في خسائر كبيرة بدون قتال وبدون خسائر بشرية فهي حرب غير دموية، وانخفاض التكلفة مقارنة بتكلفة الحرب التقليدية، وعدم التقيد بالحدود الجغرافية، وكذلك عدم وجود خطوط مواجهة محددة، وهي حرب لا يرتبط تنفيذها بالعسكريين، ولا تقتصر على الأنظمة العسكرية، بل يمكن أن توجه ضد مؤسسات مدنية، أو حتى ضد أفراد. مشيرا إلى أن الأدوات التي تستخدمها حرب المعلومات في المجالات المختلفة تتشابه ، وعلى صعيد العالم العربي يوجد قصور واضح في مدى إدراك أهمية هذا المفهوم نتيجة العديد من العوامل .

ونوه ” الباحث السياسى ” أن عدم التناسق والتكامل الثقافي بين التخصصات العلمية والفنية والتخصصات في العلوم الإنسانية والاجتماعية مما يترتب عنه تعذر إجراء دراسات متعددة التخصصات وظاهرة غزو الفضاء الإليكتروني جديرة بأن تدرس من طرف لفيف من المتخصصين في مجالات شتى لوضع تصور مجتمعي متكامل.

لكن إيجاد توازن بين هذه المصالح الأساسية ضروري ليتمكن القطاع الإعلامي العربي من الإسهام بفاعلية في التنمية الاجتماعية والثقافية، فالهيمنة جزء من السيطرة الإعلامية والثقافية والاستعمارية وما تحمله من أخطار مدمرة على القيم العربية والإسلامية.
اضاف: إذا أخذنا في الاعتبار أنه من أجل الهيمنة والسيطرة وبسط النفوذ وتحقيق المصالح، اعتمدت الدول الغربية عدة أساليب في مجال الدعاية الخارجية الموجهة إلى دول العالم المختلفة، وأعدت لكل ذلك فريق خبراء متخصص بشؤون البلدان المختلفة.

كما أن الهيمنة الاتصالية التي تمارسها وسائل الإعلام الغربية في الدول العربية بترويجها أنماطاً من الحياة تسهم في عولمة الثقافة وتهديد مرتكزاتها القومية والوطنية في تلك الدول.

من جهته قال المستشار القانونى علاء المهدي ان قضية حقوق الإنسان والمنادية باسم الديمقراطية والإصلاح السياسى منذ انتهاء الحروب أصبحت أداة وورقة ضغط تستخدمها الدول الغربية الكبرى للتدخل فى شؤون الدول الأخرى و تحديداً فى الدول الاسلامية والعربية ، من أجل تحقيق الاهداف السياسية والإقتصادية الخاصة بها وليس دفاعاً عن حقوق الانسان لهذة الدول وهو ما اتضح من خلال التعامل بمختلف القضايا التى تتدخل بها القوى الكبرى سواء بالمنطقة العربية ومنطقة الشرق الأوسط أو مايخص الدول الإسلامية .

وأضاف أنه عندما تتعارض القيم مع الديمقراطية بأى دولة من الدول الغربية الكبرى نجدها تضحى بالمبادئ الديمقراطية وحقوق الانسان التى كانت تنادى بها حيث تجد انها تتعامل مع بعض الدول بمنطق الدفاع عن ما تسميهم النشطاء السياسيين والمطالبين بالحرية والديمقراطية وتحرير المرأة وغيرها ، بينما نجدها على صعيد اخر تتقاعس بل وتتجاهل الانتهاكات الصارخة لحقوق الإنسان فى دول اخرى دون أن تتخذ اجراءات فعاله وهذا يدل دلالة واضحة أن حقوق الانسان بالنسبة لهذه الدول مجرد ادعاءات كاذبة وشعارات ليس لها قيمة واقعية .

ونوه ” المستشار القانونى ” ان الغرب استحوذ على المفاهيم الخاصة بحقوق الانسان وحول هذه الحقوق الى حقوق غربية فقط تختص بالدول الكبرى دون أن تكون حقوقا انسانية تطبق على الجميع واصبحت هذه الحقوق مجرد حقوق للمصالح تارة وتارة أخرى ورقة ضغط على الأنظمة السياسية المختلفة من اجل الابتزاز لتحقيق أغراض وأهداف تخدم مصالحها .

وأضاف حيث أن الكثير من الدول الغربية انتهكت سيادة دول أخرى وذلك تحت دعاوى حماية حقوق الإنسان وحماية الاقليات والدفاع عنها بينما تسعى لتحقيق مصالح لها ، وهذا ما يجعلنا نفكر فى ضرورة وضع ضوابط دولية واضحة من أجل تحقيق التوازن فى حقوق الانسان وبين المحافظة على سياسة الدولة وحقها فى مواجهة الخارجين عن القانون وتهديد استقرارها و أمنها القومى .

وشدد ” المهدى ” أنه لذا جاء رد المملكة وما اتخذته من إجراءات تجاه كندا مثل وقف الصفقات العسكرية ونقل الطلاب السعوديين فى الجامعات الكندية إلى جامعات فى دول أخرى ووقف الاستثمارات المستقبلية، واصفا الرد بالحازم وبعث برسالة رادعة ليس لكندا فقط وإنما لكل الدول الأخرى ودفاعا عن أمنها وسيادتها وعن الدول العربية فى مواجهة التوظيف السياسى لحقوق الإنسان من جانب الدول الغربية وتوظيف هذا الملف على وجة الخصوص للضغط المتزايد على الدول الاسلامية.

وفي النهاية اننا لاننكر أهمية حقوق الإنسان بل اننا نحافظ عليها ونحترمها ونلتزم بها بل أننا نسعى لتوضيح وكشف ازدواجية المعايير التى تطبقها الدول الغربية الكبرى ، نحن نريد تطبيقها بمنتهى الحيادية والمصداقية ممايزيد من فاعليتها على ارض الواقع بما يحقق سلاما عالميا بدون ابتزاز سياسي لتحقيق مصالح أو تقسيم دول على اساس الدين أو العرق أو اللغة بما يخدم مصالح دول أخرى .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *