متابعات

معالجة الحماقة بتعزيز ثقافة التسامح

مسعود الفايدي (املج)، حمود الزهراني ( الدمام) إبراهيم المدني (جدة)

أجمع مجموعة من شيوخ القبائل والكتاب الصحفيين والرياضيين على أن الغضب والعصبية لهما أضرار كبيرة على مستوى الفرد والمجتمع على حد سواء، محذرين أن الغضب هو المسلك الأول للجريمة التى ينحصر معظمها فى الشجار والقتل ، فى حين أن الحوار القائم على احترام الآخر وعدم العصبية أكثر فائدة من التمسك بالرأي ، لذا أطلقت “الـبلاد” مبادرة بضرورة التحلى بضبط النفس و الخلق الحميد وهو ما حثت به آيات الذكر الحكيم فى أكثر من موضع بالقرأن الكريم والسنة المحمدية المطهرة.

يقول الشيخ سعد مرزوق الحجوري شيخ قبيلة في املج إن المشاكل تبدأ والعياذ بالله من الغضب وقد نهى صلى الله عليه وسلم على هذا الفعل بقولة فى الحديث المأثور الشهير (( لا تغضب)) فحين يغضب الانسان يكون في اضعف حالاته لدخول الشيطان والتمكن منه وينتهي ذلك عادة بعواقب وخيمة ، مضيفاً :”هنا يكمن دور الأسرة اولاً بمتابعة الأبناء وتربيتهم على عدم الخوض في المهاترات التي يعقبها المشاكل والعواقب التي لا يحمد عقباها ،وكذلك يأتي ثانياً دور مشايخ القبائل بمحاربة المبالغة في الدية وعدم إتاحة المجال للمخطئ بالاستمرار بفعله وردعه وعدم المجاملة في تحقيق العدل والإبلاغ عن ذلك ، و كذلك إعطاء الحقوق لأهلها في حال اسند ذلك لهم ومتابعة القبيلة من قبل المشايخ وتوعيتهم وتفقد أحوالهم ، وثالثاً يأتي دور الدولة فهي مصدر القوة والردع ومعاقبة المخطئ ويأتي ذلك في نشر الاحداث وما تم من عقوبة حتى تكون رادعاً لمن تسول له نفسة اختلاق المشاكل والوقوع بها ، واخيراً لو أن كل مخطئ اعترف وتراجع عن خطأه وعاد عن ما تسبب به لكان خيراً كثيراً”.

أما الكاتب الصحفي محمد لويفي فيؤكد أن النبى محمد صلى الله عليه وسلم أوصى بعدم الغضب ، وكذلك بنبذ التعصب والعنصرية ومن فعل ذلك فهو امرؤ فيه جاهلية ، وهناك ثقافة عند البعض ، وهى العنصرية والعصبية لأمر ما سواء كان قبيلة أو نادي أو حتى فكر أو رأي معين ،فالخلافات لابد ألا تفسد من الود ولا تؤدي للشجار والقتل ، فثقافة الحمية تنتشر عند بعض الشباب قد يكون بسبب ما يسمى بالشيلات والكلمات التي تمجد أناس على حساب آخرين.

وأضاف لويفى أن الدولة أعزها الله أنشأت مركز الحوار الوطني وذلك لنشر ثقافة الحوار وتقبل الآراء بدون تشنج أو قتل أو ضجيج ، لكون الناس سواسية ، لافرق بينهم لكن من المسببات لذلك انتشار شيلات التمجيد للقبيلة أو العائلة أو الفكر أو الأندية الرياضية وغيرها فالكلمات الحماسية لها دور وتوجيه خاطئ إلى العنف وخاصة بين الشباب ،فتثقيف المجتمع في وسائل التواصل بنبذ العنف والعنصرية واجب ديني واجتماعي ووطني.

وقالت نوير الفايدي – ادارية بمدرسة ابتدائية- إن تصرفات الإنسان تعكس ما يكتنزه من تربية وثقافة ووعي يدرك من خلاله عواقب الأمور والمعرفة التامة بما له وما عليه ، وحوادث الشجار التي تتطور في لحظة لتصل إلى حد الجريمة لا شك أن المجتمع الواعي يرفضها ويحرمها ، وغالبا ما تحدث الأخطاء في لحظات ضعف لجذور الوعي والخوف من الله والعقاب الدنيوي وتغييب العقل ويندفع الشخص رغبة فى الانتقام لاعتقاده بالظلم أو الإهانة وغالبا ما يقع فيها الشباب المندفع الذي يحاول -من خلال وجهة نظره- أن يحُكم قبضته على كل من يخالفه ليتباهى بتصرفه أمام اقرأنه ولعل الحوادث التي أبرزها الإعلام مؤخرا تضع حد لها وعقوبة رادعة.

ولفتت المدربة الرياضية أحلام الرفاعي إلى أن انفلات الأعصاب والشجار هو أمر منهي عنه شرعاً بقوله صلى الله عليه و سلم (‏لا تغضب لا تغضب ‏لا تغضب ) ‏ويحدث بعد الشتم و السب وهذا أمر خارج عن سلوك سلبي من كل الطرفين وهذا السلوك يترتب على عدة أمور منها النفسية و الاجتماعية و الفكرية و التعليمية في المرحلة العمرية.

وأكدت أن وجود الحماية او بالأصح الوساطة وإخراج الشاب من اي مشكلة يترتب عليها عقوبة وجزاء يدفعه للتمادي وإثارته ويشعر بنوع من فرد العضلات أمام الطرف الآخر في أي قضية قد تكون تافهة لكنه يستأسد في هجومه وبصورة وفيها من الحماقة الشيء الكثير ماتدفعه إلى ان يضر نفسه وأسرته بارتكاب جريمة كبيرة وحينها لاينفع الندم حينما يجد نفسه خلف القضبان فعلى أولياء الأمور والمدرسة وأئمة المساجد وقدوات المجتمع محاربة هذه التصرفات بشكل متكامل لتنقية المجتمع منها.

أما الإعلامي محمد حامد السناني يقول من المشاهد المؤلمة جدا هو أن يتحول نقاش على أمر بسيط ممكن تجاوزه بالحوار إلى قضية وأحيانا ومع الأسف إلى جريمة يذهب ضحيتها إنسان ولكن لا يمكن أن يفسر الأمر على انه نتاج للمشكلة بل بالعكس فإن هناك أسباب تقف خلفه ومن ذلك عدم الحلم واستعماله في وقته كما وجهنا حبيبنا صلى الله عليه وسلم وأهميته عند الغضب بالذات وهي اللحظة الصعبة جدا.

ويضيف أن الإنسان القريب لتعاليم دينه و يعرف جيداً أن الأخلاق والمعاملة الحسنة لها مثوبة عند الله كبيرة هو بلا شك ابعد عن مثل هذه الأفعال الغير مقبولة ، وما نحتاجه هو توجيه أبنائنا وبناتنا على ماهو صحيح لتدارك الأخطاء التي تواجههم من تصرفاتهم تجاه أي موقف لا سمح الله.

دور التربية
أما رئيس بلدية املج السابق حسين سليم الحمدي استهل حديثه بالقول إن غياب دور الأب في التربية أو التربية الأبوية إن صح التعبير لها دور في تنشئة الطفل بشكل سليم فالأيتام اقل مشاكل من غيرهم وقد يجدون من يعوضهم عن التربية الأبوية وكلكم راعي ومسئول عن رعيته والأب راعي ومسئول عن رعيته كما اخبرنا المصطفى الحبيب صلي الله عليه وسلم وبالتالي التربية السليمة تخرج نشئ سليم ، ومشاكل تطاول الأيدي تبدأ من ردود فعل بسبب الغضب او استثارة البعض لغيرهم او استفزاز يدفع للخروج عن إطار العقل والمنطق ولاشك أننا كمجتمع مسلم نؤمن بأن الشيطان حاضر وينشط في مثل هذه المواقف ولابد أن نربي أبنائنا على الحلم فالعلم بالتعلم والحلم بالتحلم ، ولاشك آن تربية النشء وغرس مفهوم العصبية والانتصار للذات واخذ الحق بالقوة منذ الطفولة المبكرة لهو السبب الحقيقي للنهايات المروعة التي نشهدها اليوم والتي تودي لسفك الدماء بسب اختلافات تافهه ومواقف عابرة.

وقال الاستاذ عبدالله بن هندي الزهراني مساعد نائب رئيس مجلس إدارة مجموعة شركات حماية أن أهم أسباب ومسببات الشجار في نظري أن أسباب ومسببات الشجار وخاصةً في الشباب المراهق هو إبراز للفتوّه واستعراض القوة الغير مبرره وكذلك الشللية وإبراز للشجاعة الكاذبة وربما أحيان يدخل في الأسباب التعصب القبلي غير الحميد.

ويؤكد أن من أهم أدوات العلاج هو وجود الوعي وكذلك الوازع الديني لأنه أساس لمنع حدوث مثل ما نشهده في الآونة الاخيره وربما أن من يقدم على جريمة يكون لديه دوافع أو انه عندما يقدم على تصرفه هذا يكون خارج عن وعيه وهنا المشكلة.

من جانبه يقول العميد الفني المتقاعد عبد الرزاق بن عبوش الزهراني ان من اهم اسباب ومسببات الشجار ضعف الوازع الديني حيث أن الإضرار بالمسلم مناف بالدين. ناهيك عن إزهاق الأرواح ، فمن قتلها فكأنما قتل الناس جميعا ومن احياها فكأنما احيا الناس جميعا، مشدداً على أن التربية.والأخلاق تغرس في نفس الشخص من صغره. وأيضا المجتمع فعندما يعيش في مجتمع متسامح متعايش فأنه يتخلق بتلك الأخلاق ويصبح عضوا فعالا وناجحا.

وأضاف” الزهرانى” أنه يكمن علاج تلك الحالة، أولا بالتوعية فى البيت والمدرسة والشارع والاستراحة وكل مكان يجمع اثنين أو أكثر، واستغلال منابر صلاة الجمعة ودعوة الأئمة الفضلاء للابتعاد عن الخطب التقليدية والاهتمام بما يهم المجتمع وتوظيف هذه المنابر لتوعية الناس ، مؤكدا على ضرورة تطبيق الجزاء الرادع وبسرعة وإعلانه في جميع وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعى والتشهير بالمتجاوزين ومنع جمع الديات ووضع سقف اعلي لها ، وعدم إعطاء مشايخ القبائل من التدخل بالجاه ولا بالمال فمن قتل يقتل ومن سرق تقطع يده وتطبق علي الجميع دون استثناء .

واكد المحامي خالد القاضي ان دفع الدية المبالغ فيها لاجل تفادي إيقاف تنفيذ حد القصاص وإيقاف تنفيذ الحكم، في هذه الحالة هي قبول أصحاب الدم بالدية بديلا للقصاص و القبول بالدية حتى وإن جاء مشروطا بمبالغ عالية وسوق سوداء مغالى فيها اكثر مما ينبغي في دية شرعية فان ذلك كله لايحول دون الحق العام ومعاقبة الجاني وتأديبه بما يراه القضاء رادعا ومؤدبا للاقدام على هذه الاعتداءات المؤلمة فهو إخضاع للجناة بتلك القضايا للمساءلة والمحاسبة فبذلك لاتكون الديات المبالغ فيها حيلولة دون معاقبته لمن يزيد في سعر الدية فليس النظام يغض الطرف عمن يزيد في مبلغ الدية المقرر شرعا عشرات الأضعاف ويتخذها وسيلة هروب عن العقوبة معرضا ارواح بشر بريئة وحياتهم للخطر ودماء الضحايا الابرياء للهدر من خلال حماقة أحدهم ضد الآخر بمجرد حالة شجار تنقصه ثقافة الحوار .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *