أحياناً يُبتلى الإنسان بالمرض والبلاء فتتحول حياته الهادئة فى لحظة تفاجئه بها الدنيا بقدرٍ كان مخبئ بين طيات الأيام لحياة أخرى ، ولكن يجب أن يكون الإنسان شكوراً وصابراً على المرض والبلاء ومحتسباً
المؤمن الحقيقى يدرك جيداً أن كل ما يأتى من عند الله فهو خير ويجب أن نعلم أن المرض ما هو إلا تكفير ذنوب وتخفيف منها فلا يصيب الإنسان حزن أو سخط على أقدار الله المكتوبة فالمرض لا يصيب الإنسان فى كثير من الأحيان إلا لإختبار درجة صبره وإيمانه بالله وأيضاً تخفيف من ذنوبه وخطاياه التى إقترفها فى حق الأخرين من غيبة وظلم وقذف باللسان وإختراق بالبصر والسمع ، فما المرض إلا إثنين عقوبة وإبتلاء ، العقوبة هى تكفير للذنوب حتى يخفف الله على العبد ما إقترفه تجاه الأخرين والإبتلاء يقع عليه لمعرفة درجة صبره على البلاء ، مررت مؤخراً بتجربة قاسية وهى مرض والدى الشديد فى الكبد ذلك المرض الفتاك الذى فتك به فى أقل من شهرين بالرغم من أننا لم نصدق الأطباء الذين إطلعوا على التحاليل الخاصة بأبى وأبلغونا فى لحظة توقف عندها الزمن أن أبى أمامه 6 أشهر فقط على قيد الحياة ، لم نصدق فلكل أجلٍ كتاب ولا أحد يدرى متى يسترد الله وديعته ولكن ما لم نكن نتوقعه هو أن أبى يرحل بعد أقل من شهرين ، فى ذلك الشهرين مررت بأسوء لحظات العمر كنت أموت وأحيا بالدقيقة ألف مرة ولكن كانت نظرات أبى عندما أشاهده وهو يجلس يقرأ فى مصحفه الشريف أجدها نظرات رضا وشكر وحمد لله على كل ما أصابه من مرض يفتك بجسم الإنسان يوماً بعد يوم ، فى تلك اللحظات وحتى اللحظات الأخيرة فى حياة أبى أدركت جيداً أن حديث الرسول صلى الله عليه وسلم أن الله إذا أحب قومٍ إبتلاهم فالله إبتلى أبى بمرضٍ شديد ولكنه كان عظيم الصبر والرضا بالرغم من أنه كان منهكاً للغاية إلا أن الله كافئه وعظم جزائه بقدر عظمة إبتلائه له ويجب على كل من يقرأ كلماتى أن يدرك جيداً إن كل ما سيصيب الإنسان خير يجب أن يشكر الله ويحمده عليه ومعرفة أن الله أرحم بنا حتى من أنفسنا لذلك لا داعى للجزع والسخط والإكثار من الشكوى ويدرك جيداً أنه قد يكون إشارة من الله للإنسان أن يعود إليه أو يخفف عن ذنوبه ويعرف أن الدنيا فانية وما عند الله هو الباقى والجنة التى يكافئ الله الإنسان بها على صبره فى الدنيا وتحمله للبلاء أجمل ملايين المرات من الدنيا الزائلة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( إن العبد إذا سبقت له من الله منـزلة لم يبلغها بعمله ، ابتلاه الله في جسده أو في ماله أو في ولده ، ثم صبّره على ذلك ، حتى يبلغه المنـزلة التي سبقت له من الله تعالى )