المحليات

الجنادرية 33 .. انطلاقة حضارية تواكب تطور الوطن

الرياض – البلاد
برعاية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ” حفظه الله “، تنطلق بمشيئة الله تعالى، اليوم الخميس ، فعاليات المهرجان الوطني للتراث والثقافة “الجنادرية 33 ” ، الذي تنظمه وزارة الحرس الوطني كل عام، ويحضره عدد من قادات دول مجلس التعاون الخليجي، وأندونيسيا” الدولة الضيف”، وحشد كبير من أصحاب السمو الأمراء والوزراء وكبار المسؤولين والأدباء والمفكرين من مختلف دول العالم.
وتؤكد الرعاية الكريمة لهذا الحدث الوطني، الأهمية القصوى، التي توليها قيادة المملكة لعملية ربط التكوين الثقافي المعاصر للإنسان السعودي، بالميراث الإنساني الكبير، الذي يشكل جزءاً كبيراً من تاريخ البلاد، ومن أولويات الجانب التراثي بالمهرجان ، وإبراز أوجه التراث الشعبي المختلفة، متمثلة في الصناعات اليدوية والحرف التقليدية؛ بهدف ربطها بواقع حاضرنا المعاصر، والمحافظة عليها؛ بصفتها هدفاً من أهداف المهرجان الأساسية، وإبرازها، لما تمثله من إبداع إنساني تراثي عريق لأبناء الوطن على مدار أجيال سابقة، إضافة إلى أنها تعد عنصر جذب جماهيريا للزائرين.
ويعد المهرجان الوطني للتراث والثقافة ، مناسبة تاريخية وطنية في مجال الثقافة والتراث والفنون الإبداعية ، ومؤشراً عميقاً على اهتمام قيادة المملكة العربية السعودية، بالتراث والثقافة والتقاليد والقيم العربية الأصيلة.
وتعد الجنادرية مناسبة وطنية، يمتزج فيها عبق التاريخ التليد، للهوية العربية الإسلامية، وتأصيل ونتاج الحاضر الزاهر، وتأكيداً للموروث الشعبي الوطني بشتى جوانبه ، والحفاظ عليه، ليبقى ماثلاً للأجيال القادمة.
ويبرز المهرجان الرسالة الحضارية لوزارة الحرس الوطني في خدمة المجتمع السعودي، التي تواكب رسالتها العسكرية في الدفاع عن هذا الوطن، وعقيدته وأمنه واستقراره.
وتضم قرية الجنادرية بين جنباتها، مجمعاً لكل منطقة من مناطق المملكة، يشتمل على بيت وسوق تجاري، ومعدات وصناعات ومقتنيات وبضائع قديمة، وما تشتهر به كل منطقة من المناطق من موروثها الثقافي والحضاري والعروض الشعبية.
وتحتضن قرية الجنادرية أغلب مؤسسات الدولة ووزاراتها الخدمية؛ لتقدم الخدمة لجمهور القرية أثناء افتتاح المهرجان، وتعرفهم بما تقدمه من خدمات، وتعرفهم بالكثير من الأنظمة والقوانين، التي تخدم الوطن والمواطن، حيث يمتزج الماضي بالحاضر.
وتحاكي الجنادرية حياة المواطن السعودي، قديماً وتقدم نماذج لهذه الحياة البدائية من خلال نماذج مصغرة لها، مثل المزرعة، وجلب المياه عن طريق السواني، وحرث الأرض بوسائل زراعية بدائية. كما تجسد القرية الشعبية نماذج استوحيت من البيئة القديمة للمجتمع السعودي مثل: السوق الشعبي، ومجموعة من المعارض التراثية ومعارض المقتنيات، التي شاركت بها الهيئات الحكومية والقطاع الخاص.
وتقدم فرق الفنون الشعبية بمناطق المملكة المختلفة للجمهور في قاعة العروض طيلة أيام المهرجان جميع العروض الشعبية المعروفة في المملكة.
* فضاء رحب للحوار العالمي
ومن الفعاليات السنوية الهامة للمهرجان ، انعقاد الندوات الفكرية التي تشارك فيها نخبة من المفكرين السعوديين والعرب ومن دول العالم ، وتتطرق ندوات المهرجان الوطني للتراث والثقافة إلى موضوعات أكثر حساسية، وقريبة من الأحداث والواقع، ومنها ” تجربة التنمية .. ماذا بعد النفط ” وفلسطين صراع حضاري ” الوطن العربي في خضم التحولات السياسية الجديدة ومسئولية الإعلام في تأكيد هويتنا الثقافية” “مفهوم الشورى في الإسلام”، كما ناقش المهرجان الوطني في برامجه الثقافية مواضيع حساسة ومهمة، منها ” الإسلام والغرب .. الجذور التاريخية، ” الخطر الإسلامي على الغرب .. بين الحقيقة والوهم” .
وتلقى المهرجان رسائل شكر وتقدير على مثل هذه الندوات عام 1416هـ 1996م، من الرئيس الأمريكي بيل كلينتون، وزوجته هيلاري كلينتون معبرين عن تقديرهما لمثل هذه الندوات والأطروحات ودورها في نشر مفاهيم السلام والمحبة بين الشعوب، ” التجربة السعودية في خدمة الإسلام”، و”الإسلام والشرق”، و” الاستراتيجيات الاقتصادية في الشرق ودور الإسلام فيها”، و”الحوار العربي العربي”، و” الحوار الإسلامي الإسلامي”.
وتحرص الندوات الفكرية والثقافية الحوارية للمهرجان على مناقشة الموضوعات الحيوية ذات البعد السياسي والاجتماعي، ومنها ندوات ” التطرف والغلو .. الأسباب والعلاج ” وندوة “واقع الأمة ، “الغرب والإسلام فوبيا” دور العلماء في البناء الفكري للشباب”،” دور الأسرة في حماية وتنمية المجتمع”. وناقش العديد من المشاركين المدعوين والمتحدثين المحليين مستقبل المملكة على المستوى الاقتصادي والثقافي والاجتماعي؛ وفق رؤية المملكة 2030، وتطرق المتحدثون في هذا النشاط الثقافي إلى العلاقات العربية الأمريكية، في ندوة عنوانها:” السياسة الأمريكية نحو الشرق الأوسط”، “مهددات النظام الإقليمي العربي”، ” الإيدولوجيا في المشهد السياسي للعالم العربي”، “الرواية العربية المعاصرة والإيدولوجيا “، “مستقبل الإعلام السعودي في ضوء الثورة الرقمية”.
وتشهد ليالي المهرجان الوطني على مسرح قرية التراث العربي السعودي بالجنادرية، إحياء أمسيات شعرية شعبية، يقدمها عدد من الشعراء الخليجيين، في حين تحتضن الأندية الأدبية في الرياض وجدة والدمام، ثلاث أمسيات أدبية عربية.
** مشاركات عالمية وتكريم
ويشارك في الأنشطة الثقافية المصاحبة للمهرجان الوطني للتراث والثقافة سنويا أكثر من ” 300 ” أديب ومفكر من داخل الوطن، ومن مختلف أنحاء العالم، وهي شخصيات مؤثرة على المستوى العالمي، ومن الذين شاركوا على سبيل المثال .. مهاتير محمد رئيس وزراء ماليزيا ، والأمير تشارلز ولي العهد البريطاني، الدكتور صموئيل هنتغتون ، الدكتور جون اسبزيتو ، الشيخ ابراهيم جوب ، الدكتور جامد تشوي يونغ كيل ، الدكتور خورشيد أحمد، المخرج مصطفى العقاد ، الدكتور محمد عابد الجابري ، الشيخ محفوظ نحناح ، الدكتور رضوان السيد ، ولطفي الخولي، والدكتور أحمد الطالب الإبراهيمي، ويفجيني بريماكوف رئيس وزراء روسيا الأسبق، والدكتور باترك سيل والدكتورهلوت فيشر وزير خارجية المانيا والدكتور كمال الدين إحسان أوغلو، والدكتور محمد جابر الأنصاري، والشيخ محمد علي التسخيري، والمستشار طارق البشري، والدكتور الفن تولفر، والأستاذ عمرو موسى والأستاذ عرفان نظام الدين الدين، والأستاذ بوريس روغة سفير المانيا في المملكة، والدكتور مصطفي النعمان، والدكتور عبدالحميد الأنصاري، والدكتور سعيد حارب؛ بحيث وصلت أعداد المثقفين المدعوين إلى ما يزيد على عشرة آلاف مدعو، وبلغ عدد المشاركين المتحدثين في حدود ( 1000 ) مشارك من كافة الخريطة العالمية.
وكان المهرجان، قد كرم منذ دورته العاشرة (27) مفكراً وأديباً ومثقفاً، وتم منحهم من يدي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود –حفظه الله – وسام الملك عبدالعزيز من الدرجة الأولى، وهم: صاحب السمو الملكي الأمير سعود الفيصل – رحمه الله ، وحمد الجاسر، ومحمد أحمد العقيلي، وحسين عرب، ومحمد حسن فقي، والفريق يحيى المعلمي، وعبدالكريم الجهيمان، وعبدالله بن محمد بن خميس، وأحمد بن علي المبارك، ومحمد بن ناصر العبودي ، وعلي بن الشيخ الجشي، و عبدالله أحمد العبدالجبار، و الدكتور حسن بن فهد الهويميل، وعبدالعزيز بن عبدالمحسن التويجري، والدكتور عبدالعزيز بن عبدالله الخويطر، وعبدالله بن إدريس، والدكتور عبدالوهاب أبو سليمان، والشاعر إبراهيم خفاجي، والدكتورة ثريا عبيد، وسعد البواردي، وعبدالله بن أحمد الشباط، وأبو عبدالرحمن بن عقيل الظاهري، والدكتور أحمد بن محمد علي، والدكتور عبدالرحمن الشبيلي، وصفية بنت زقر، وتركي السديري، والدكتورة خيرية السقاف.
ويتم اختيار لجنة المشورة الثقافية من الرجال والنساء في حدود 40 شخصية، لكل دورة وتكون متجددة من مختلف مناطق المملكة، وتمثل النخب الثقافية والإعلامية والسياسية لإعداد تصور ومناقشة برنامج النشاطات والفعاليات في الدورة القادمة، واختيار الشخصية الثقافية المكرمة، وأسماء المشاركين والمدعوين في دورة.
ونفذ المهرجان الوطني ” 306 ” ندوات فكرية متخصصة وعامة، و (98) محاضرة و (78) أمسية أدبية، إضافة إلى ندوات شبكات التواصل الاجتماعي، والطاولة المستديرة.
وأثرى المهرجان الوطني للتراث والثقافة المكتبة العربية بما يزيد على ” 361 ” إصداراً في عدد من حقول التراث والثقافة والفنون والإبداعية ، كما أصدر ما يزيد على ” 510 ” نشرات متنوعة تصاحب فعاليات المهرجان أثناء إقامته .
وأسهم المهرجان الوطني للتراث والثقافة ” الجنادرية ” خلال دوراته الثانية والثلاثين ، في توحيد الرؤى الثقافية ، وزيادة اللحمة الوطنية ، وتقريب لهجات مناطق المملكة المختلفة ، حتى أصبحت ثقافة واحدة لكل الوطن .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *