متابعات

العمل التطوعي يبحث عن الجهة المتخصصة

المدينة المنورة – محمد قاسم
يعتبر العمل التطوعي جزءاً لا يتجزأ من حياة أهل المدينة، لا سيما أن المدينة المنورة تتمتع بتاريخ حافل من العطاء والبذل، وتحقيق الإنجازات المتتالية، والريادة في العمل الإنساني على مستوى العالم.
ويؤكد مجموعة من المتطوعين، الذين التقتهم” البلاد” أن شريان العمل التطوعي والعطاء والخير ، لا سيما وأنه يُعبر عن إحساس عال بالمسؤولية من الأشخاص المتطوعين تجاه محيطهم الاجتماعي، إلا أنهم مع ذلك لا يزالون يواجهون العديد من التحديات أثناء تطوعهم، آملين مواجهتها؛ ليكونوا دائماً وأبداً سفراء المملكة العربية السعودية في ساحات العطاء الإنساني.
التصوير وحب الظهور
بداية، يقول أ.د. هاشم بن حمزة نور خبير العمل التطوعي بمنطقة المدينة المنورة، أن ثقافة التطوع بمنطقة المدينة المنورة بدأت في الانتشار بوجود الجهات الحكومية والجمعيات والفرق التطوعيةوأيضا لتواجد مكتب العمل التطوعي بالمنطقة منذ عدة سنوات. فالمتطوع سواء كان رجلا أو سيدة أو شابا أو فتاة، ينقصه الاحتواء والرعاية والدعم. ينقصه وجود جهة تتبنى وتدعم الأفكار التطوعية التي يقدمها، والتي يرتقي بعضها حتى تصبح مشاريع خدمية في التنمية البشرية.
وأضاف نور: لقد أطلق مكتب العمل التطوعي بمنطقة المدينة المنورة، بموافقة كريمة من مقام الإمارة في رمضان 1431 ه مشروع” 11 % تطوع” أي أن يكون نصيب المدينة المنورة 11 % من رؤية المملكة 2030، لمليون متطوع، حيث لاقى هذا المشروع ترحيبا قويا وتفاعلاً عاليا من المواطنين والمقيمين في المدينة المنورة، تحدثت عنه وسائل إعلامية آن ذاك. وأضاف هاشم: العمل التطوعي في المقام الأول، هو عمل إنساني، فيه الجانب الخيري. فأتمنى تقليل التصوير العشوائي، وحب الظهور من بعض الأفراد التطوعيين. كما أتمنى التخلص من بعض العشوائية في تقديم العمل التطوعي، الذي يقوم به الأفراد أو الفرق، ولتلافيها، أقترح وضع خطط تشغيلية سنوية للفريق التطوعي. كما آمل في وجود التنسيق المسبق بين الجهات المختلفة التي ترغب في إقامة فعاليات تطوعية مع وزارة العمل والشؤون الاجتماعية؛ لتنظيم مثل هذه الفعاليات
وقف استنزاف مجهود ووقت المتطوع
وفي نفس السياق، قال سفير السلام والتسامح د. يعقوب بشاوري : يحتاج المتطوع للمصداقية خلا مشاركاته في الأنشطة التطوعية مع الجهات ذات العلاقة، حتى تكون هناك استدامة للعمل والثقة المتبادلة ووجه بشاوري إلى ضرورة وقف استنزاف مجهود ووقت المتطوع في الجهات التجارية لدوره كمتطوع، وان تحتسب له القيمة التقديرية المناسبة، ووجوب تطوير المتطوع ، أو الفريق حتى تتوافر مساحة جيدة للرفع من ثقافة العاملين بهذا المجال، ودعمهم ماديا ومعنويا.
من التدريب النظري إلى الواقع الملموس
وقالت قائدة فريق نخبة العمل التطوعي، جيهان السالك: من خلال تجربتنا في الفريق بعمل البرنامج التدريبي، بدأنا بفكرة ثم التخطيط و التنفيذ لها؛ وفق معايير علمية وعملية ، بهدف تحقيق مفهوم تدريبي معاصر، وهو انتقال المتدربة من مرحلة تلقي المعلومات والمعارف إلى مرحلة التمكن من المهارات وتطبيق المعارف التي اكتسبتها ، وكنا ، ولا زلنا،ـ بإذن الله، نسعي إلى تحويل تجربة التدريب لدي المتطوعات، من تدريب نظري ومجرد الحصول على شهادة حضور الدورة ، إلى واقع ملموس للتجربة التطوعية والحصول على فرصة لتطبيق ما تدربن عليه ، عبر فرصة عملية على أرض الواقع، وأضافت: تعزيز الانتماء الوطني ومسؤوليتنا تجاه مجتمعنا حتمت علينا تحدي الصعوبات التى واجهتنا. واستطعنا جني الثمار وتحويل هذه الصعوبات والتحديات، إلى فرص إيجابية. وأهم ميزة في المتطوع بالمدينة المنورة، أنه يخدم زوار مسجد الرسول، صلى الله عليه وسلم.
وقال سامي أيوب، قائد فريق هايكنج المدينة: لابد من التوجيه السليم للمتطوع؛ ليكون الجهد المبذول في مكانه ووقته المناسب، مع إقامة دورات تثقيفية وتخصصية لصقل المهارات والخبرات، لكيفية التعامل مع الجمهور والتعامل بين المتطوعين.
وأضاف أيوب: الميزة الإضافية للمتطوع بالمدينة، حبه للعمل التطوعي في جميع أحواله، وذلك لأنه يخدم أهل وزوار مدينة رسول الله، صلى الله عليه وسلم. فقط يحتاج للتوجيه والتنسيق.
صعوبة اختيار فريق مناسب
وقالت قائدة فريق” أثر” فايزة علمي: إن من أبرز التحديات التي تواجه غالب المتطوعين هي إثبات المتطوع لنفسه في المجال، بالإضافة لصعوبة اختيار مظلة، أو فريق مناسب له، ولطموحاته كمتطوع، ومن أكثر السلبيات شيوعا، وللأسف في المدينة المنورة، التحدي أو التنافس غير الشريف بين بعض الجهات، والفرق الذي يؤدي لمالا يحمد عقباه؛ كإبطال مبادرات أو عدم التعاون، من مبدأ “لا أريد أن ينجح أو يتميز سواي في العمل التطوعي، وأضافت علمي: الدافع القوي للاستمرار في ممارسة الأعمال التطوعية، أرى أنه من أكثر الإيجابيات، بفضل الله، رغم ندرة توفر البيئة الجيدة، أو الدعم المستحق، بالإضافة للشغف والروح العالية؛ كوننا نحظى بجيل واع، لديه قدرة كبيرة لإحداث تغيير، ووضع بصمة ، وذكرت فايزة أن من أهم المميزات التي يحظى بها المتطوع ، هي قدرته على ممارسة الأعمال التطوعية في المسجد النبوي الشريف، وخدمة ضيوف الرحمن؛ خصوصا في فترة الحج.
كسر ثقافة «الأنا» لخدمة «نحن»
وأوضح أحمد محمد الحيدري ، متطوع، أن هناك الكثير من الفرق التطوعية، التي تضم مئات المتطوعين، وللأسف الشديد فإن بعضها لا يطمح إلا بتحقيق الأهداف الشخصية، كالظهور وتسليط الضوء عليه فقط، أو الحصول على مقابل مادي وهدايا؛ لذا ينبغي كسر ثقافة «الأنا» لخدمة «نحن»، من خلال وضع خطة عمل تضبط العمل التطوعي، وتضم جميع التخصصات والمهارات المتعلقة بهذا العمل. وآمل بوضع آلية موحدة للعمل التطوعي من قبل الجهات المعنية. لأن العمل التطوعي يعد واجباً وطنياً والتزاماً أخلاقياً ومجتمعياً، وحقاً إنسانياً في التكافل والتواصل. من جانبها ترى المتطوعة، روان العنزي أن سبب التطوع ، الأجر من الله بمساعدة الغير؛ بما تعلمناه ثم دعوات من أقدم له المساعدة، ولو بالشيء البسيط . ومن أكثر المواقف المخلدة بذاكرتي خلال تطوعي في المسجد النبوي الشريف هذه السنة، “ كانت دعوات الزوار والمعتمرين والحجاج تتناثر علينا من كل مكان “. ولذلك أحب أن أقول : إلى من صنع مني روحاً مِعْطاء ، إلى من جعلني أقوى ، إلى التطوع ..! أدامك الله لي، وأدامني لك. وقالت
غاده القايدي، سيدة أعمال ورئيسة لجنة سيدات الأعمال بالغرفة التجارية بالمدينة: العمل التطوعي في المدينة المنورة، ليس وليد اللحظة، إنما هو من سمات أهل المدينة، المتعارف عليها والمتوارثة من جيل إلى جيل، فلقد نشأنا في بيئة تشجع على العمل التطوعي، وتغرس في داخلنا منذ الصغر العطاء والإيثار والمساهمة، في خدمة زوار الحرم،
ولكن في البداية، لابد أن نتعرف على من هو المتطوع، وماهو العمل التطوعي ؟ فالمتطوع هو الشخص الذي يسخر نفسه عن طواعية، ودون إكراه، أو ضغوط خارجية لمساعدة ومؤازرة الآخرين؛ بقصد القيام بعمل يتطلب الجهد وتعدد القوى في اتجاه واحد، والعمل التطوعي هو عمل اجتماعي غير ربحي، وبدون مقابل مادي يقوم به الافراد أو المجموعات؛ بهدف تحقيق مصالح مشتركة، تساهم في تطوير وتنمية وتثقيف المجتمع ، فلو تحدثنا مثلا عن أبرز التحديات التى تواجه المتطوعين وأعمالهم في المدينة، سنجد أنها تختلف بناء على توجهات الفرق في مساهمتها وبرامجها، ولكن أبرز تلك التحديات تبدأ من المنزل، وهي في إقناع الأهل بالمشاركة، وأحيانا تكون عقبة كبيرة، إن لم يكن الأهل على وعي وإدراك لهذه المساهمات. بينما وجود دعم الأهل يصنع من الأفراد قيادات مجتمعية ناجحة، ثم يظهر التحدي الآخر في كيفية تحول الفرق، إلى عمل مؤسسي تنموي مستمر، لا ينتهى بذهاب قائده، وهناك نماذج لفرق كثيرة، بمجرد ترك القائد لمكانه، يختفي الفريق وتصبح جهوده ذكريات.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *