ملامح صبح

منافي .. الزمن الذهبي .. للشعر

 

يكتبها : صالح الشملاني
عندما تتحدث عن زمن حديث وجذوره الحاضرة ضاربة في باطن الماضي ومستشرف المستقبل قل ان المخاض انتج التجربة والقراءة والموسيقى والربيع وتفاصيل الحياة الداكنة ،عكازة قلم تمشي على هذا النهر الاحدث الاعذب .. وعندما تقدم بنا العمر, نرجع للماضي ونتذكر علب الحلوى وبقايا الطبشور والاغاني الشعبية والبلابل …الخ ، جميلة هي الذكريات الماضية والسحيقة، ولكن المؤسف جداً أن نلوّن شاحب هذه الذكرى بالتقليدية المستهلكة الخارجه عن فصولنا بالأدب،الموجع. ان كل من يمتطي هذه الاحداث ويرفقها في كتابة قصائده ، اصبح يحارب الشعر الحديث والوعي الاكثر جمالاً ووضوحا وهو لا يعلم ان الشعر ليس تفتيل عضلات وسوالف كثيرة معقدة ومفردات لاتوجد في اي قاموس عربي ، الشعر ياصديقي وطن ممتلئ بالمتعبين والعشاق والتعساء ، ‏واصدقاء الليل ، الشعر طائر يحمل في جوفه اكثر من رسالة ومنفضة سجائر وزجاجة عطر وبقايا تبغ المغتربين ،لا اخفي ان التقليدية بحر جميل لكن عندما يأتي من يتربص بها خارجا عن فصول الأدب فسوف ننزعج ..دعونا نرجع لـزمن حسان بن ثابت الانصاري شاعر نبينا محمد عليه الصلاة والسلام واحد أهم شعراء عصر صدر الإسلام بالاضافة إلى انه احد الشعراء الذين ادركوا الجاهلية .حسان ابو الوليد كان شاعر الانصار بالجاهلية وشاعر النبي في النبوة وشاعر اليمانيين في الإسلام عاش ستين سنة في الجاهلية ومثلها بالإسلام تجربة هذا الخزرجي الانصاري مريرة إلى درجة أنه اصيب بالعمى قبل وفاته ولم يشهد مع النبي مشهداً لعلةْ أصابته .. يقول في مدح رسول الله صلى الله عليه وسلم:
واحسن منك لم ترّ قطٌ عيني
واجمل منك لم تلد .. النساء
خلقّت مبرءاً من كل عيبٍ
كأنك قد خلقت كما تشاء
يا الله هنا الوعي وكل تفاصيل الأدب والشعر, لم يأت أحد أو يحاول أن يجاري هذا الوصف الباذخ الصادق ياله من سرطنة شعر عظيمة لا زالت في قلب التاريخ تنبض وتتنفس و تأكل من آلاف السنين !! لو كانت هذه الأبيات تقليدية مستهلكة لم تبق كالنقش على الحجر ! ولم يتنفس الصعداء حين قراءته هل بعد هذا الكلام والدلائل وهذا الشعر الحقيقي يأتي شاعر ويصعد منبر ويصدح قائلا:( البارحة من ضيقتي .. جبت جزلات ) عن ماذا تتحدث الا تعتقد أنك ترتكب جرما في حق الأدب قبل الأدباء أرجوك إقرأ جيداً لكي تكتب شعرا نقيا وطبيعيا يخلو من الرتابة والملل ثم بعد ذلك تعي جيداً انك في الزمن الذهبي للشعر والذائقة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *