طهران ــ رويترز
كشفت دراسة أوروبية، أجراها مجموعة من الباحثين الأوروبيين بجامعة “بروكسل الحرة” البلجيكية، نشرت في مجلة “ذا كونفيرسيشن” الجنوب أفريقية للدراسات السياسية، عن طموح إيران الإقليمي في منطقة الشرق الأوسط، متهمة طهران بتعميق الانقسامات داخل العالم العربي.
وقالت الدراسة: إن إيران سعت لتعزيز وجودها في بلاد الشام “سوريا، لبنان والعراق”، فضلاً عن دورها السلبي في تفاقم الأزمات في البحرين واليمن، عبر وسائل الدعاية والتحريض وعملائها المقاتلين.
وأشارت الدراسة إلى أن الانسحاب الأمريكي من الاتفاق النووي الإيراني، جاء نتيجة انتقادات إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب السياسة الإقليمية التوسعية، والتي تقودها طهران بشكل أساسي في بلاد الشام، ومحاولة زرع نفوذها في منطقة الخليج العربي.
وأوضحت الدراسة أن “الدستور الإيراني الذي وضعه نظام الملالي عقب الثورة الإيرانية ينص صراحة على التدخل في شؤون الدول الأخرى، تحت مزاعم النضال، ورد حقوق المظلومين حول العالم”.
ولفتت الدراسة إلى أن نظام طهران جعل الاعتبارات الإيديولوجية أساساً للسياسة الدولية الإيرانية، خاصة الإقليمية في منطقة الشرق الأوسط، مستغلاً ما تمر به المنطقة من تحركات وأزمات خلال تلك الفترة.
ودللت على ذلك، أنه عقب الغزو الأمريكي لأفغانستان عام 2001 ، والعراق في 2003، والقضاء على حركة “طالبان”، ونظام الرئيس العراقي الراحل صدام حسين، استغلت ضعف الدولتين في ذلك الوقت وزرعت نفوذها مستخدمة السلاح الإيديولوجي والخطب الزائفة لاستقطاب أنصار جدد لها.
وأشارت الدراسة إلى أن إيران لم تتوقف عند ذلك الحد؛ إذ عمقت الانقسامات داخل العالم العربي، بعد ما سممت حركات “الربيع العربي” عام 2011، وقامت طهران بتعزيز مواقعها في بلاد الشام، وزرعت أنصارا لها في منطقة الخليج العربي، خصوصا في اليمن.
ووفقاً للدراسة، فإن إيران أسهمت بشكل كبير في تفاقم الأزمة السورية منذ اندلاعها عام 2011، كما استغلت استيلاء تنظيم “داعش” الإرهابي على مدينة الموصل في العراق عام 2014؛ لتعزيز وجودها العسكري في العراق.
كما تسبب نظام طهران في متاعب لمملكة البحرين، وقدم الأسلحة والدعم للمليشيات الموالية له من الحوثيين في اليمن لزيادة نفوذها في تلك المنطقة المجاورة للسعودية، وتصويب صواريخ باليستية تستهدف المملكة العربية السعودية.
واعتبرت الدراسة، أن أحد أهم أذرع النظام الإيراني التي تعتمد عليها في الشرق الأوسط في زرع نفوذها في الشرق الأوسط العامل البشري، حيث إن لإيران مليشيات إرهابية يتم الاستعانة بهم لتحقيق أهداف استراتيجية محددة، فضلاً عن الخطابات الثورية والتلاعب بالعقول، عقب الدعاية المزعومة المعادية لإسرائيل وأمريكا.
وحسب الدراسة، فإن لبنان كانت نواة النفوذ الإيراني في المنطقة؛ حتى قبل الثورة الإيرانية، فكانت هناك علاقات خاصة بين الحركات اللبنانية والمرشد الإيراني السابق الخميني.
كما استخدمت طهران لبنان في دخولها العراق، ثم تأسيس مليشيا “حزب الله” جنوب لبنان بزعم طرد إسرائيل من الأراضي اللبنانية، على الرغم من مرور تلك السنوات إلا أن “حزب الله” لم يحاول إخراج قوات الاحتلال الإسرائيلي من الأراضي المحتلة في لبنان، واتخذت إيران إسرائيل ذريعة لدخول لبنان.
ورأت الدراسة الأوروبية، أن العامل الاقتصادي ثاني أهم عوامل التوسع الإيراني، فبعد إبرام الاتفاق النووي عام 2015 انتعش الاقتصاد الإيراني نوعاً ما، وبدلاً من أن ينفق النظام على تطوير الدولة وجه الأموال إلى التدخلات الخارجية، إلا أنه بعد الانسحاب الأمريكي من الاتفاق أسهم التدهور الاقتصادي في البلاد في فرملة السياسة الإقليمية الإيرانية.
على الرغم من أن إيران تمتلك قوة عسكرية بشرية إلى أن العقوبات المفروضة عليها منذ سنوات تسببت في جعلها وزناً عسكرياً هشاً بإمكانات ومعدات أقل حداثة أمام خصومها الإقليميين.
واختتمت الدراسة أنه على الرغم من ذلك، فإن إيران عادت مثل الماضي، غير قادرة على ممارسة الهيمنة الإيجابية المستدامة في المنطقة؛ لكون نفوذها عسكرياً فحسب”.
وفى سياق متصل، هدد الرئيس الإيراني حسن روحاني، بطوفان من الهجمات الإرهابية والمخدرات واللاجئين على الغرب؛ في حال استمرار العقوبات على نظامه.
وأوضح الرئيس الإيراني، في كلمة بثها التلفزيون الرسمي، أنه إذا أضعفت العقوبات -التي أعادت واشنطن فرضها على نظامه- قدرات طهران فإن الغرب موعود بطوفان من المخدرات واللاجئين والإرهاب.
وتعد تهديدات الرئيس الإيراني الثانية خلال أقل من أسبوع، حيث هدد، الثلاثاء الماضي، بتعطيل الملاحة البحرية ووقف عمليات تصدير النفط في الخليج، إذا استمرت الولايات المتحدة في فرض العقوبات على طهران.
وقال روحاني في كلمة بثها التلفزيون على الهواء مباشرة: “إنه ينبغي للولايات المتحدة أن تعلم أنه إذا لم تستطع إيران تصدير النفط، فلن يكون بوسع أي بلد آخر تصديره من الخليج”.
وأعادت الولايات المتحدة فرض عقوبات اقتصادية، وشددت عقوبات أخرى على قطاعات النفط والبنوك والنقل الإيرانية.
وتعد هذه العقوبات الأقسى في التاريخ الأمريكي، وذلك بعد أن انسحبت إدارة دونالد ترامب من الاتفاق النووي، الذي أبرم عام 2015، وتعهدت بمزيد من التحركات للضغط على طهران.