البلاد – جدة
في لحظة إقليمية مفصلية تتسم بالتقلبات والتحديات، يبرز الخطاب الإيراني بلغة تجمع بين الحذر والدعوة إلى التهدئة، فتصريحات قائد الحرس الثوري حسين سلامي، التي تحدث فيها عن “الاستعداد دون المبادرة بالحرب”، تعكس إدراكًا متزايدًا لحساسية المرحلة، وسعيًا للموازنة بين الحفاظ على الردع والانفتاح على التفاوض.
ورغم الضغوط المتزايدة والتغيرات الميدانية التي أثّرت في مواقع النفوذ الإيراني في أكثر من ساحة، فإن الخطاب الرسمي الإيراني يميل تدريجيًا نحو إظهار مرونة محسوبة، تتجلى في إعلان الجنرال محمد باقري عن موافقة المرشد الأعلى على فتح قناة تفاوض غير مباشرة مع واشنطن، بناءً على مبادرة أمريكية.
كما تؤكد مواقف وزير الخارجية عباس عراقجي التمسك بخيار الدبلوماسية والحوار، رغم النبرة العالية في بعض التصريحات الإعلامية. هذا التوجه يعكس قناعة متنامية داخل طهران بأن الحلول السياسية لا تزال ممكنة، وأن المصلحة الوطنية تقتضي الانخراط في مسارات تفاوضية تُراعي المتغيرات الإقليمية والدولية.
في المقابل، تتواصل الإشارات الأمريكية الحازمة بشأن ملفات حساسة كالمشروع النووي والبرنامج الصاروخي، في سياق مقاربة صارمة لكنها لا تُغلق باب الحوار كليًا. وقد تؤدي هذه الدينامية، إذا ما تم توظيفها بحكمة، إلى خلق مساحة تفاهم جديدة، تعيد ترتيب الأولويات وتفتح الباب أمام تسويات ممكنة تخفف من حدة التوتر الإقليمي.
في هذا السياق، يبدو أن طهران بدأت تدرك أن لغة الحرب لم تعد مجدية، وأن الانفتاح على الحوار بات ضرورة، لا خيارًا. والمرحلة المقبلة قد تكون اختبارًا حقيقيًا لقدرة جميع الأطراف على تقديم تنازلات متبادلة، تحفظ الاستقرار وتعيد التوازن إلى المنطقة.
منعطف جديد في العلاقات الإيرانية – الأمريكية.. بين التصعيد ودعوات الحوار.. طهران في اختبار التوازن الإقليمي
