إعداد – عبدالله صقر
في فبراير عام 1960 م نشرت صحيفة “البلاد” تحقيقا صحفيا تحت عنوان (رابغ تشرب من المشروع الجديد) تناول فيه المحرر ما أنشأته الدولة من خزانات جديدة شرق مدينة رابغ لتوفير مياه الشرب لأهالي رابغ بعدما كان الماء يجلب من جدة عبر سيارات النقل ( الوايتات) وكشف التحقيق عن نية وزارة الزراعة إنشاء شبكة خاصة لتوصيل المياه في المناطق الرئيسية في رابغ.
تقع مدينة رابغ على الساحل الغربي وتحدها من الشمال المدينة المنورة ومن الشرق محافظة خليص، ومن الجنوب جدة التي تبعد عنها حوالي 140كم، يمارس سكانها العديد من الأنشطة الاقتصادية، مثل الصيد لوقوعها على ساحل البحر الأحمر، والزراعة التي تعتمد على مياه الأمطار والسيول، إضافة الى وجود العديد من الصناعات والشركات المهمة كمصانع الكابلات والحديد والبلاستيك أضافة الى ميناء الملك عبد الله، ومدينة الملك عبد الله الاقتصادية ومحطة رابغ للكهرباء ومحطة تنقية المياه
رابغ 3 تروي المنطقة
وركزت المملكة في رؤيتها الطموحة 2030 على أهمية تحقيق الأمن المائي وتوفير الخدمات الأساسية، بما يتناسب مع ما تشهده المملكة من زيادة سكانية ونمو عمراني وما يمثله هذا القطاع الحيوي من أهمية قصوى. وتستهدف الاستراتيجية الوطنية للمياه زيادة إنتاج مياه الشرب من السدود إضافة إلى التوسع في بنائها وحصاد مياه الأمطار والسيول، ورفع إسهام المياه الجوفية في تأمين مياه الشرب وزيادة الخزن الوطني الإستراتيجي في الطبقات الحاملة للمياه وفي بحيرات السدود، لرفع الجاهزية. وتسعى المملكة من خلال مشاريع طموحة لرفع مستوى الخدمات، وتحسين كفاءة الإنفاق، والاستفادة من خبرات وتمويل القطاع الخاص وزيادة مشاركته من خلال أعمال التخصيص في إنتاج وتوزيع المياه وبما يحقق خفض مستويات استهلاك الطاقة ورفع الكفاءة التشغيلية في إنتاج المياه المحلاة. وفي ديسمبر 2018 م بدأت أولى عمليات التخصيص بالتوقيع على اتفاقيات مشروع إنتاج المياه المستقل من محطة التحلية في رابغ (المرحلة الثالثة) بسعة إنتاجية تبلغ 600 ألف متر مكعب من المياه المحلاة يومياً، ليغذي احتياج منطقة مكة المكرمة (جدة والطائف ومكة المكرمة )من المياه لمواكبة الطلب المتزايد ، حيث تم طرح المشروع على المستثمرين بنظام البناء والتشغيل والتملك وفاز به التحالف الذي تقوده شركة اكوا باور. ويعمل هذا المشروع بتقنية التناضح العكسي ومن المتوقع تشغيل المحطة العام القادم 2022م لتصبح المحطة إحدى أكبر محطات تحلية المياه بتقنية التناضح العكسي في العالم بتكلفة استثمارية تبلغ (700 مليون دولار)
سد رابغ يزود مكة وجدة بالمياه
في عام 2009 افتتحت المملكة سد رابغ والذي أقيم على وادي رابغ ..وهو سد خرساني يبلغ طوله 380 متراً، وبارتفاع 80.5 متر وهو ثالث أكبر سد في المملكة بعد سد وادي بيشة وسد وادي حلي،حيث تبلغ طاقته الإستيعابية ما يزيد على 220 مليون متر مكعب من المياه، ويقوم السد بالسيطرة على الفيضانات والمياه البلدية، وتغذية المياه الجوفية، لذا يعد من السدود الجوفية. ومن الأهداف المنشودة لهذا السد وفقآ لرؤية 2030 الإستفادة من فائض المياه بالسد وتغذية المناطق الأخرى عبر نقل هذه المياه بواسطة أنابيب خاصة. وقد بدأ مشروع النقل في العام 2017 حيث وقّعت المؤسسة العامة لتحلية المياه المالحة عددا من العقود الهادفة لتمديد أنابيب نقل وضخ المياه في في بعض محافظات منطقة مكة المكرمة
وكان من ضمن هذه المشروعات , تصنيع وتوريد أنابيب نظام نقل مياه (رابغ – جدة – مكة)، وتنفيذ محطات الضخ وتمديد خطوط.
وفي اوائل عام 2019 م تم البدء فعليا في مشروع إنتاج المياه ونقلها من سد رابغ إلى مدينة جدة بطاقة انتاج تبلغ 100 ألف متر مكعب يومياً ويشتمل المشروع على محطة التنقية على السد والخزانات ونقاط الربط للخط الناقل في كل من الرحيلي بجدة ومحطة التوزيع بثول وتفريعات الخط “ثول ، القضيمة ، صعبر”.
ويخدم المشروع أكثر من 500 ألف مستفيد في محافظتي جدة ورابغ والمراكز التابعة لهما. ويهدف لزيادة إمدادات المياه بمنطقة مكة المكرمة بكميات قدرها 100 ألف م3يومياً, لتأمين مصدر المياه للمراكز والقرى على طول مسار الخط الناقل من محطة التنقية على سد رابغ وحتى خزان الرحيلي شمال مدينة جدة، التي ستشمل ثول وإسكان الحرس الوطني, والمقرات الأمنية شمال جدة, وأحياء أبحر الشمالية بجدة . ويشتمل أيضا على المكونات الخاصة بعملية التنقية ونقلها إلى خزاني المياه المنتجة سعة كل منهما 50,000 م3 بسعة إجمالية تبلغ 100,000 م3، كما تتضمن المحطة نظام التحكم والمراقبة (SCADA)، ونظامي إنذار الحريق ومكافحتها، إضافة إلى خط نقل المياه من المحطة إلى خزانات الرحيلي بشمال جدة بطول إجمالي 160 كم.
وفي مايو 2021 م تم فتح بوابات سد وادي رابغ لمدة 30 يوما بمعدل تصريف 4 أمتار بالثانية وذلك لتصريف 10 ملايين متر مكعب من المياه تلبية لاحتياجات المزارعين ورفع منسوب المياه في الآبار على مجرى وادي رابغ.