الرياض- واس
تمثّل الدرعية رمزاً وطنياً بارزاً في تاريخ المملكة العربية السعودية، فقد ارتبط ذكرها بالدولة السعودية الأولى وكانت عاصمة لها، وقد شكلت منعطفاً تاريخياً في الجزيرة العربية، بعد أن ناصر الإمام محمد بن سعود دعوة التجديد الديني التي نادى بها الشيخ المجدد محمد بن عبد الوهاب عام 1157هـ (1744م )، فأصبحت الدرعية قاعدة الدولة ومقر الحكم والعلم، واستمرت كذلك إلى أن اختار الإمام تركي بن عبد الله، الرياض مقراً جديداً للحكم، وذلك عام 1240 هـ (1824م).
نشأت الدرعية على ضفاف وادي حنيفة وارتبطت به حضارياً وبيئياً، مما أوجد نوعاً من التفاعل الإيجابي بين الإنسان والبيئة، أثر بدوره على النشاط الإنساني والوضع الاجتماعي للمنطقة، فأصبحت الدرعية نموذجاً لمجتمع الواحات في البيئات الصحراوية، ولقد جسّدت الدرعية من خلال ذلك التفاعل الهوية الثقافية للمنطقة فأضحت رمز أصالتها وعنوان حضارتها.
وتتميز الدرعية بالمظاهر الطبيعية الجميلة كالروافد والشعاب والأراضي الخصبة وكلها معالم خلابة من التراث البيئي، الذي يرتبط بتجربة الإنسان الحضارية في الاستقرار والبناء والتعمير، ويظهر المنجز الحضري من الدور السكنية وأنظمة الري والقنوات والأنفاق والقرى الزراعية بالدرعية ومحيطها الجغرافي.
وسرعان ما احتلت الدرعية الصدارة على الطريق التجاري من شرق الجزيرة إلى غربها، إضافة إلى تحكمها في طريق الحج إلى مكة المكرمة، فامتد سلطانها على عدد من قرى وادي حنيفة وبلغ نفوذها إلى ضرماء في الجهة الغربية من جبل طويق وإلى أبا الكباش شمال الدرعية. وبظهور دعوة الإصلاح في ربوعها – بعد أن احتضن حاكمها الإمام محمد بن سعود مؤسس الدولة السعودية الأولى (1157 – 1233هـ/1788 – 1818م) دعوة الإمام المجدد الشيخ محمد بن عبد الوهاب – بدأت صفحة جديدة في تاريخ الدرعية، حيث أصبحت أقوى مدينة في بلاد نجد، تحمل رسالة الإصلاح وتحقق الكثير من النجاحات، فقوي مركزها السياسي والعسكري والديني وتدفقت عليها الثروة، وتقاطر التجار على أسواقها وغدت منارة للعلم والتعليم وتوافد عليها طلبة العلم من جميع الأقطار.