عواصم- وكالات
إثر الهجوم الإرهابي الآثم على المنشآت النفطية في بقيق وخريص قفزت أسعار النفط أمس بصورة لم يسبق لها مثيل عالمياً مما يؤكد أهمية تواجد المملكة في السوق العالمية وتأثيرها المباشر فيه حيث تستحوذ على 10 في المئة من الإنتاج العالمي للنفط البالغ 99 مليون برميل يوميا، وفق بيانات شهر أغسطس الماضي.
وتعد السعودية مورداً عالمياً أساسياً للنفط، الذي تقارب مستويات استهلاكه هذا العام 100 مليون برميل يوميا فيما توقع خبراء أن تستعيد المملكة ضخ ثلث الإنتاج على الأقل بعد تراجعه بمقدار النصف وأفادت نشرة “معلومات الطاقة” (إينرجي إنتليجنس) نقلاً عن مصادر في قطاع النفط، إن مجموعة أرامكو العملاقة “على وشك استعادة ما يصل إلى 40%” من الإنتاج الفائت، أي حوالي 2.3 مليون برميل يوميًا.
كما قدرت “إينرجي أسبيكتس” أيضًا أن المملكة ستكون قادرة على استعادة ما يقرب من نصف الإنتاج المفقود في وقت مبكر بينما أكد التلفزيون السعودي أمس إن أرامكو مستعدة لإعادة تشغيل منشآت خريص التي تعالج 1.5 مليون برميل في اليوم.
طاقة إنتاج نفط فائضة
وقال وزير الطاقة الإماراتي سهيل المزروعي أمس الاثنين إن بلاده تملك طاقة إنتاجية فائضة للنفط لمواجهة اضطراب محتمل للإمدادات بعد الهجمات على المنشآت السعودية لكنه قال إنه من المبكر للغاية الدعوة لاجتماع طارئ لأوبك.وقال المزروعي للصحفيين في أبوظبي “لدينا طاقة إنتاجية فائضة، هناك كميات يمكن استغلالها في الاستجابة الفورية”.
وأضاف أنه إذا دعت السعودية لاجتماع طارئ لأوبك، “سنتعامل مع الأمر”.
وقالت كوريا الجنوبية، أمس إنها ستدرس سحب نفط من احتياطيات الخام الاستراتيجية إذا تدهورت أوضاع واردات النفط الخام في أعقاب هجوم يوم السبت الماضي.
وقالت وزارة الطاقة الكورية الجنوبية في بيان، إنها لا تتوقع تأثيراً على المدى القصير بشأن الحصول على إمدادات النفط الخام من السعودية، لكنها أضافت أنه إذا استمر الوضع فإنه ربما يعطل إمدادات النفط الخام.
وتملك كوريا الجنوبية، خامس أكبر مستورد في العالم للنفط، نحو 92 مليون برميل من النفط الخام والمنتجات المكررة كمخزونات استراتيجية. ومن بين الإجمالي البالغ 96 مليون برميل، تحتفظ البلاد بنفط خام قدره 82 مليون برمل، والباقي منتجات مكررة مثل البنزين والديزل والنفتا.
وقالت الوزارة “ستبذل الحكومة قصارى جهدها لحفظ استقرار وضع الطلب والعرض والأسعار، مثل دراسة السحب من احتياطيات النفط إذا ساء الوضع”.وتغطي المخزونات حوالي تسعين يوماً من احتياجات كوريا الجنوبية من النفط.
وفي روسيا أعلن المتحدث باسم الرئاسة الروسية، دميتري بيسكوف، أن هجوم الطائرات المسيرة على المنشآت النفطية التابعة لشركة أرامكو السعودية لن يؤثر على الاستعدادات لزيارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى الرياض.
وقال بيسكوف للصحفيين، أمس الاثنين، في حديثه عن زيارة الرئيس بوتين إلى الرياض المقررة في شهر أكتوبر: “سنعلن عن ميعاد الزيارة بعد التنسيق مع الجانب السعودي”.
وأضاف: “لا يمكن لمثل هذه الحوادث أن تؤثر على الاستعدادات للزيارة. لدى موسكو والرياض إرادة سياسية قوية لزيادة تعميق التعاون الروسي السعودي. وسوف نستمر على هذا المنوال”.
وذكر أن “الهجوم على منشآت نفطية سعودية حادثة ذات نتائج سلبية على أسواق الطاقة”، معربا عن أمل بلاده في أن تتجاوز المملكة العربية السعودية سريعا عواقب الهجمات كما نددت الخارجية الروسية بالهجوم على المنشآت النفطية السعودية وقالت في بيان: “مثل هذا التطور للأحداث يسبب قلقا جادا في موسكو. ندين بشدة الهجمات على أهداف غير عسكرية، وتدمير البنية التحتية الاجتماعية والاقتصادية، وأي أعمال يمكن أن تؤدي إلى اختلال التوازن بين العرض والطلب على الطاقة، وتثير موجة جديدة من عدم الاستقرار في سوق الهيدروكربونات العالمي، مع ما يترتب على ذلك من آثار سلبية على الاقتصاد العالمي”.
وكان الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، قال أمس الأول إنه سمح بالسحب من مخزون النفط الاستراتيجي عند الضرورة بسبب الهجوم على منشأتي نفط وأضاف في تغريدة على تويتر : “استنادا إلى الهجوم على المملكة العربية السعودية، والذي قد يكون له تأثير على أسعار النفط، سمحت بالسحب من مخزون النفط الاستراتيجي إذا لزم الأمر، وستكون الكمية التي سيتم تحديدها كافية للحفاظ على إمدادات السوق جيدة”.
وأكد الرئيس الأميركي استعداد بلاده للتعاون مع المملكة في كل ما يدعم أمنها واستقرارها، مشدداً على التأثير السلبي لهذه الهجمات على الاقتصاد الأميركي وكذلك الاقتصاد العالمي.
رفع علاوة المخاطر في السوق
وصعدت أسعار النفط ما يربو على 15% عند فتح الأسواق، أمس الاثنين، بعد هجمات على منشأتي النفط بحسب ما أفادت وكالة رويترز.وقفزت العقود الآجلة لخام برنت ما يزيد على 19% لتصل إلى 71.95 دولار للبرميل، بينما صعدت العقود الآجلة للخام الأميركي أكثر من 15 % إلى 63.34 دولار للبرميل.
وأكد ريحان أكبر نائب رئيس وكالة موديز للتصنيف الائتماني أمس الإثنين أنه لا يتوقع أن تترك الهجمات تأثيرا طويل الأجل على المركز المالي لأرامكو السعودية، نظرا لميزانيتها العمومية المتينة والاحتياطيات القوية لديها وتحظى المملكة بتصنيف طويل الأجل من موديز.
وقالت “ستاندرد آند بورز غلوبال بلاتس” إن الأحداث في السعودية صعدت التطورات في الشرق الأوسط إلى مستوى جديد يثير المخاوف بشأن أمن الإمدادات.
وأضافت الوكالة “أن التأثير المادي المباشر على السوق في الأمد القصير جراء الهجوم على منشأتي النفط ربما يكون محدوداً. الهجوم سيرفع علاوة المخاطر في السوق”.
وتابعت “أي دلائل على تعطل الإنتاج السعودي لفترة طويلة سيؤثر بشدة على الطاقة الإنتاجية الفائضة لأوبك وقدرة وكالة الطاقة الدولية على استخدام الاحتياطيات البترولية الاستراتيجية لتعزيز السوق”.
وأضافت “في الأمد القريب، ستستطيع السعودية الحفاظ على الصادرات واستخدام الاحتياطيات لضمان أمن الإمدادات، لكن ارتفاع أسعار النفط من شأنه أن يزيد العوامل المعاكسة التي تواجه الاقتصاد العالمي مما قد يدفعه إلى الركود”.
وتوقع الخبير النفطي وليد خدوري أن تواصل أسعار النفط ارتفاعها إلى أن يتم معالجة الأعطال التي حصلت ومن ثم تستقر وتعاود الانخفاض التدريجي.
وقال خدوري خلال لقاء تلفزيون: “هناك مخزون كبير في العالم. السعودية لديها مخزون كبير في شرق آسيا وأوروبا والبحر الكاريبي وكلها قريبة من الأسواق وهو ما سيعزز استقرار الأسعار وتخفيضها”.
وأضاف “بما أنه سيتم السحب من المخزون فهذا معناه الأسعار ستبقى مرتفعة فوق السبعين والثمانين”.
وقال بنك جولدمان ساكس إن توقفا في الإنتاج لمدة تتجاوز ستة أسابيع بسبب الهجوم بطائرات مسيرة على منشأتي النفط قد يجعل سعر خام برنت يتجاوز 75 دولارا للبرميل، رغم أن مدى تأثير الهجوم لم يتحدد بعد.
وأضاف البنك المدرج في بورصة وول ستريت في مذكرة صدرت يوم أمس الأول الأحد أن تعطل الإنتاج لهذه المدة في ظل المستويات الحالية لن يؤدي إلى زيادة أسعار خام برنت فحسب، بل سيؤدي أيضا إلى السحب من الاحتياطات البترولية الاستراتيجية بكميات كبيرة بما يكفي لسد مثل هذا العجز لعدة أشهر وجعل الأسعار على مستوياتها الحالية.
وقال البنك إنه من المرجح أن يتسبب توقف تام لنحو أربعة ملايين برميل يوميا لمدة تزيد على ثلاثة أشهر في رفع الأسعار إلى ما يزيد على 75 دولارا للبرميل.
وقال بنك باركليز البريطاني إن الهجمات لن تخفّض على الأرجح صادرات النفط السعودية بنسبة كبيرة لوجود مخزون كبير من النفط الخام والمنتجات البترولية لديها.
وكان المتحدث الأمني بوزارة الداخلية قد أعلن فجر السبت الماضي مباشرة فرق الأمن الصناعي بشركة أرامكو حريقين في معملين تابعين للشركة بمحافظة بقيق وهجرة خريص نتيجة استهدافهما بطائرات بدون طيار “درون” ، حيث تم بتوفيق الله السيطرة على الحريقين والحد من انتشارهما.