طهران ــ وكالات
تظاهر عدد من الإيرانيين في أصفهان وهتفوا ضد الرئيس الإيراني حسن روحاني، وأفادت وسائل إعلام محلية وناشطون على وسائل التواصل الاجتماعي أن المتظاهرين هتفوا “الموت لروحاني الكاذب”، إذ يعاني أبناء المنطقة من نقص المياه وخاصة تلك التي يستخدمونها في ري مزروعاتهم.
وشهدت انحاء واسعة في ايران الخميس الماضي احتجاجات في مدن أراك وأصفهان وكرج وشيراز حيث خرج المئات منددين بسوء الأوضاع الاقتصادية التي يعانون منها. ويرى الكاتب الإيراني أمير أحمدي في مقالة نشرتها صحيفة نيويورك تايمز أن تظاهرات الإيرانيين خلال السنوات الماضية وحتى الأن تتشارك في مطالبها بحرية الرأي والتعبير وحقوق المرأة وحرية المعتقد الديني للأقليات.
ويضيف أن العامل الاقتصادي لطالما كان المحفز للتظاهرات خاصة عندما ترتفع الأعباء الاقتصادية ويزداد التضخم وتقل فرص العمل ما يسبب متلازمة الفقر والبطالة.
ويشير الكاتب إلى أن الإيرانيين ضاقوا ذرعا بالمعاملة بالمكيالين، إذ يظهر أبناء الأغنياء على الشواطئ بملابس بحر غير محتشمة ويشربون الخمور، فيما يمكن أن تهان فتاة إيرانية من عامة الشعب إذا لم يكن حجابها مطابقا لتلك المعايير الصارمة.
في غضون ذلك حذر مركز أبحاث أمريكي من أن مليشيا الحرس الثوري الإيراني نجح إلى حد بعيد في نقل جزء من ترسانته الصاروخية إلى وكيله “حزب الله” اللبناني، مشيرا إلى أن تقارير استخباراتية عديدة رصدت نقل جزء من الصواريخ الإيرانية من سوريا إلى لبنان خلال الفترة الماضية.
جاء ذلك في دراسة أصدرها مركز واشنطن لدراسات الشرق الأدنى، لثلاثة من كبار باحثيه وهم؛ كاثرين باور زميلة “بلومنستين كاتس فاميلي” في معهد واشنطن ومسؤولة سابقة في وزارة الخزانة الأمريكية، وحنين غدار زميلة زائرة في زمالة “فريدمان” في المعهد، وأساف أوريون عميد استراتيجي للشؤون الدفاعية وزميل عسكري زائر في المعهد.
وحذرت الدراسة من أنه خلال الفترة القليلة الماضية زادت الشحنات الجوية الإيرانية المشبوهة إلى لبنان.
وأشارت إلى أنه في أكتوبر الماضي، رُصد هبوط طائرة شحن من طراز “بوينج 747” تابعة للخطوط الجوية المدنية الإيرانية “فارس قشم للطيران”، في مطار بيروت محملة بمكونات أسلحة محظورة لـ”حزب الله”.
وشملت الشحنة أجهزة النظام العالمي لتحديد المواقع “جي بي أس” التي من شأنها أن تمكن من إنتاج صواريخ دقيقة التوجيه في المصانع التابعة لميلشيا حزب الله في لبنان، حيث تشير الدراسة إلى أن أجهزة مخابرات غربية رصدت هبوط الطائرة في “مطار دمشق الدولي” في سوريا، قبيل توجهها إلى لبنان.
بحسب الدراسة، تعمل إيران على نقل تقنيات عسكرية متطورة إلى حزب الله في لبنان، منها أجهزة توجيه بعد تعرض منشآت مليشيا الحرس الإيراني في سوريا لهجمات إسرائيلية متزايدة ومن المتوقع أن تصبح الضربات الإسرائيلية أكثر تعقيدا بسبب احتمالات التصعيد.
وتابعت الدراسة أنه بينما أدى وجود القوات الأمريكية في التنف السورية إلى إحباط محاولات إيران حتى الآن لإنشاء “جسر بري” عبر جنوب سوريا إلى لبنان، فإن المجتمع الدولي ناضل لسنوات لمنع الحرس الثوري الإيراني من الاستفادة من وكلائه عن طريق الجو.
وأشارت إلى أنه لطالما كان “مطار دمشق الدولي” بمثابة نقطة التسليم الرئيسية للحرس الثوري، فيما يتعلق بالأسلحة والمكونات والنقود المخصصة لحزب الله، وقد نقل الحزب بعد ذلك الكثير من هذه العتاد عن طريق البر من دمشق إلى لبنان، حيث تشير وتيرة الرحلات الجوية الأخيرة بين دمشق وبيروت إلى أن الحرس الثوري يرى الآن أن الطريق البري محفوف بالمخاطر.
وحذرت الدراسة من أن نقل صواريخ دقيقة لحزب الله يهدد بحرب جديدة يورط فيها الحزب، لبنان ضد إسرائيل، بسبب تهور الحزب، حيث إن نقل إيران لصواريخ دقيقة التوجيه قادرة على تهديد أهداف عميقة داخل إسرائيل، خط أحمر للغرب ولإسرائيل. وأشارت إلى أن مبعوث فرنسي نقل للحكومة اللبنانية تحذيرات باريس، من أن إسرائيل ستتخذ إجراءات ضد مصانع الصواريخ التابعة للمليشيات إذا لم تقم بيروت بذلك، وقد نقل وزير الخارجية الأمريكي الرسالة نفسها إلى الحكومة اللبنانية.
وكشفت الدراسة أن حزب الله يمتلك آلاف الصواريخ لكن معظم أسلحته غير دقيقة في إصابة أهدافها مما يحد من تأثيرها المحتمل. ومع ذلك، إذا تم تزويد أعداد كبيرة منها بالأجهزة الإيرانية للتوجيه الدقيق، فمن المحتّم أن تشكل تهديداً كبيرا.
ونبهت الدراسة إلى أن الحزب وطهران يعتقدان أن إجراء مثل هذه التحسينات على صواريخ المليشيا في لبنان بدلاً من سوريا أو إيران، هو أقل خطورة. فمنذ حرب عام 2006 بين إسرائيل وحزب الله، توّخى الجانبان الحذر لتفادي نشوب صراع كبير آخر في لبنان، لأنهما فهما بشكل صحيح أن الصراع سيكون مدمراً للغاية، ومكلفاً جداً، وقليل الفائدة على صعيد السياسة العامة.
ولفتت الدراسة إلى أن قدرات الاستهداف الدقيق المحسنة ستسمح لحزب الله بشن هجمات أكثر تدميرا لكن الحزب الموالي للنظام الإيراني يدرك أيضاً أن الحرب المقبلة ستكون أوسع وأكثر تدميراً مما كانت عليه في عام 2006، مما سيؤثر بشكل كبير على كل من المناطق الداخلية الشيعية ولبنان ككل، وأنه على الرغم من التقدم الذي أحرزه الحزب بشأن مشروع الدقة الصاروخية، فإنه غير مستعد لمثل هذا النزاع، حيث إن معضلاته متعددة الجوانب.
وأشارت الدراسة إلى أنه على عكس ما حدث عام 2006، فإن تدفق الكثير من اللاجئين إلى دول المشرق أدى إلى إرهاق الجهات المانحة وحدوث حالة من الاستقطاب الإقليمي، ما من شأنه أن يجعل إعادة الإعمار الدولي في لبنان في مرحلة ما بعد الحرب أكثر تشككاً هذه المرة، وأن خسائر حزب الله في سوريا وضعت الحزب في أزمة مالية خطيرة تفوق خسائره في عام 2006. وتابعت الدراسة أن الأهم من ذلك أن الشيعة في لبنان سئموا من الحرب، كما يبدو أنهم غير معنيين إلى حد كبير بتورط حزب الله في سوريا لأن الأحداث تجري بعيداً عنهم، وأنه منذ صراع 2006، استمتعوا بفترة سلام نسبي، مما دفع بالعديد منهم إلى البدء بالتفكير في المستقبل، وبالاستثمار الطويل الأجل، وتطوير عقلية تجارية لا تتوافق مع الحديث عن الحرب، لذا سيُلقى اللوم على حزب الله إذا كانت هذه الاستثمارات مهددة بالصراع داخل لبنان.
وبحسب الدراسة فإنه بالنظر إلى هذه العوامل، يبدو أن الحزب عازما على تجنب الحرب مع إسرائيل، حيث ينظر إلى مشروع الدقة الصاروخية كوسيلة لتعزيز ردعه بدلاً من تصعيد التوتر، ففي وقت سابق من الصراع في سوريا، بدا وكأن إيران تعتقد بأن تمركز فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني ووكالات أجنبية على حدود مرتفعات الجولان؛ من شأنه أن يعزز الردع ويمنحها ميزة الضغط على إسرائيل على جبهتين: جنوب لبنان وجنوب غرب سوريا، لكن الأمور لم تكن كما تم التخطيط لها، فقد خسرت إيران معظم منشآتها في سوريا بعد أن رضخت حليفتها – روسيا – للضربات الإسرائيلية ضدها، كما ثبت أن وجودها في الجولان معقد أيضاً.
أوضحت الدراسة أنه ليس من مصلحة موسكو السماح لطهران بمواصلة أنشطتها المتعلقة بالصواريخ الدقيقة مع حزب الله، مما قد يؤدي إلى حرب تشمل إسرائيل وإيران ولبنان، وربما سوريا أيضاً، ومع ذلك فإن علاقات روسيا مع إيران قد تفسر عدم اهتمامها الواضح بوقف التعزيزات العسكرية الإيرانية هناك، ويمكن لهذه الاعتبارات أن تلقي مزيداً من الضوء على قرار إيران بنقل بعض هذه الأنشطة التعزيزية إلى لبنان.
وأشارت الدراسة إلى أن موقف موسكو الحالي يسمح لإيران بزيادة تعزيز التهديد في كل من سوريا ولبنان مع تقييد الإجراءات المضادة لإسرائيل، وفي الوقت نفسه واصلت روسيا توسيع نفوذها في لبنان على مدى الأشهر القليلة الماضية.
ففي أغسطس الماضي أعلن مسؤولو وزارة الدفاع في موسكو أنهم طلبوا من واشنطن القيام بتنظيم مشترك لعودة ملايين اللاجئين السوريين الذين يعيشون في لبنان والأردن وتركيا، وعلى الرغم من أنه لم يتم بعد إعداد خطة مقنعة للعودة، فإن العديد من المواطنين اللبنانيين استجابوا بشكل إيجابي للمبادرة، وزاد التنسيق بين بيروت وموسكو منذ ذلك الحين، وإذا ساعدت روسيا في حل أزمة اللاجئين على المدى القريب، فسيكون لبنان -بحسب الدراسة- أكثر ميلاً إلى تعميق علاقاته الأمنية والعسكرية معها، وكما هو الحال في سوريا، فمن شأن مثل هذا التطور أن يعقّد أي خطط إسرائيلية لضرب أهداف حزب الله في لبنان.