مقالات الكتاب

تمطيط

اشتكى رجل إلى الشيخ صالح باقلاقل- رحمه الله- أن زوج أخته قال لها: اعتبري ما بيني وبينك قد انتهى. ولم يكن قد دخل بها، ولكنهما كانا في فترة ما بعد عقد النكاح، وقبل الزفاف. لقد اتفق أهل العريس وأهل العروس على تأجيل الزفاف حتى تكتمل الاستعدادات. ولكن المدة طالت. وكان الزوج والزوجة يتحدثان، أو قل يتنادمان كل ليلة بالهاتف خلال هذه الفترة. ثم وقع خلاف بينهما في إحدى الليالي، فقال الرجل كلمته المشكو منها. وقال الشاكي للشيخ صالح: لكن العريس وأختي تصالحا بعد ذلك، غير أني متشكك أنه رمي عليها الطلاق. فقال له الشيخ صالح: اعزم رحيمك هذا على العشاء، وبعد ذلك وأثناء شرب الشاي اسأله ماذا قصد بكلمة اعتبري ما بيني وبينك قد انتهى. أخذ الرجل بالنصيحة، وبعد أن تناولا طعام عشاء دسمًا، طرح السؤال الحرج فأجاب الرجل بالقول: صراحة أنا قصدت طلاقها في تلك الساعة العصيبة. عاد الشاكي إلى صاحبه الشيخ وأخبره الخبر. فقال له: هذا طلاق. فاستدرك الرجل، وقال لكنهما اصطلحا وعادت الأمور إلى مجاريها. فقال له: قضي الأمر. ثلاث جدهن جد وهزلهن جد: الزواج والطلاق والعتق. أختك أصبحت مطلقة، وإذا جاءك عريس آخر فزوجها. فقال: أليس هناك حل؟ فقال: بلى. وهو أن تذهبوا إلى القاضي، وتخبروه بما حصل وتطلبوا إبرام عقد نكاح جديد. لكن خذ بالك فمحسوب على العريس طلقة.
ذهب أخو العروس إلى المحكمة، ووجد ثلاثة قضاة من الشباب. ويبدو أنهم مستجدون. وروى لهم ما حدث، فقالوا له لا تعقد الأمور مادام اصطلح الزوجان فالحمد لله. رفض الأخ هذا الكلام، وقال: إن أحد الأساتذة من الجامعة الإسلامية أكد له أن البنت قد خرجت من عصمة زوجها. وأصر على عقد جديد. فقيل له: أعطنا مهلة إلى الغد. ولما عاد من الغد. قالوا صدقت. هات الخاطب وأختك وسوف نسجل لهما عقد نكاح جديد.
سألوا البنت هل أنت موافقة. قالت بكل سرور: نعم. وعاد كل من الطرفين إلى منزله بانتظار اكتمال الاستعدادات. ولما علم الشيخ صالح بذلك قال لصاحبه: اتركوا السبهللة. اعملوا الزفاف خلال بضعة أيام. يكفيكم ما حدث. ألم تستوعبوا الدرس؟
إن كثيرا من الناس يستهينون بالفترة الوسطى بعد عقد النكاح وقبل الزفاف. ويضيعون وقتًا ثمينًا كان بالإمكان فيه إنجاب أول مولود.
الخلاصة إذا تم عقد النكاح فلا داعي للتمطيط.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *