مقالات الكتاب

الضمير وازدواجية المعايير!!

* إذا أشدت بفنان ما في أغنية معينة، وقلت إن كلماتها الرصينة أعجبتك؛ ولحنها الآسر خطف انتباهتك؛ والأداء أضفى عليها بُعدًا جماليًا نافس الكلمة واللحن سيحدث في أغلب الأحيان ما يلي:
اتصال هاتفي من الفنان أو الفنانة مساء ذات اليوم يشكرك فيه على فهمك العميق، وثقافتك الفنية (الخطيرة)، ورؤيتك (التي لا يمكن لأحد أن يصل إليها)، وسيتغزل ذلكم الفنان في قلمك ومقالاتك في جلساته المختلفة، وستكون عنده مثالًا للنزاهة والأمانة والمهنية والفهم المتقدم والصحافة الرصينة و(… و….) !!
* .. وذات الفنان إذا دارت دورة الأيام، وانتقدت عملًا آخر من أعماله، وقلت: إن الأغنية مثلًا كلماتها ركيكة أو مستهلكة أو مكررة، واللحن أكثر من عادي؛ ناهيك أن تقول هابطة – بينما جاء الأداء جنائزيًا وفاترًا ومنزوع الإحساس، فإنه لن يرجع للاستماع للأغنية لاحتمالية أن تكون رؤيتك صائبة و(خطيرة) مثلما حدث في المرة الفائتة، بل سيترك كل ما كتبته ويبدأ في الحديث عن تحاملك اللا مبرر، واستهدافك الغريب، وربما عدم مهنيتك، وضعفك الصحافي، وفقدانك للقدرة على استيعاب الأغنية، وعجزك عن قراءتها فنيًا والتعاطي معها، وسيعمل جاهدًا على (لواكة سيرتك) في أية جلسة تجمعه بفنان، أو إعلامي، أو حتى مستمع لا يعرفك، و(الذاكرة المثقوبة) ستجعل ذاك الفنان الهمام ينسى غزله القديم في كتاباتك ما بين طرفة عين وانتباهتها، وستصبح فجأة في نظره (قلمًا غير نبيل) وربما (كاتبًا بلا ضمير) ..!
* ثانيًا: كثير من أهل الوسط الفني يتركون (النقد المكتوب) ويركزون على (كاتب النقد)، وهذه إشكالية أخرى!
* ثالثا : هناك فنانون يدلون بتصريحات ساخنة، أو مثيرة، أو جريئة- سمها ما شئت- وما إن يعلِّق عليها كاتب حتى تبدأ رحلة (التملُّص المُخزي) منها، بل يمضي أحدهم إلى أبعد من ذلك وهو يسعى لإقناعك بأنه لم يقل لك ذاك الحديث، وإذا شعر بأنك واضح ومُصِر وصريح وواجهته بالحقيقة، سيحاول الالتفاف حول ما قاله، وسيعمل جاهدًا؛ من أجل (إقناعك جدلًا) بأنه قال حديثًا ربما لم يستطع إيضاحه بالشكل المناسب، أو أن من حاوره لم يستوعبه بالصورة الحقيقية، ناسيًا قول الشاعر: (إذا كنت ذا رأي فكن ذا عزيمة، فإن فساد الرأي أن تترددا).
* رابعًا : إن كان ما يقوله أحدهم مؤسفًا، فإن الأكثر أسفًا أن يسعى لكسب ودك من باب (الخوف من حروفك) أكثر من الاستفادة مما خطه قلمك ..(ويا عزيزي دعك من قراءة ما نكتب إذا كان هذا هو فهمك) ..!
* خامسًا: ما إن تكتب (حرفين ساخنين) عن مغنٍ حتى تزعجك الاتصالات، وتبدأ رحلة التوضيحات وينشط (الوسطاء)، وهذا يريدك أن تجلس مع المغني لتسمع منه بنفسك؛ لأن هناك سوء فهم عابرًا، وذاك يقدم لك دعوة للعشاء بغية سماع وجهة نظر من كتبت عنه، والغريب حقًا أن الفنان الذي (يوسِّط) كل معارفك سبق لك الجلوس معه عقب مقالات سابقة وبمبادرات من أعزاء، ولم ينصلح غناؤه ولم يتحسن الحال، فكيف يطمع في إشادة منك عرضًا عبر ثنايا مقال؟.
* أخيرًا : إذا كان عدم تقبل النقد عند الفنانين كبيرًا، فإنه في أوساط السياسيين أكبر!.
نفس أخير.. * ليس بالثناء وحده يحيا الفنان!.

haythamcapo77@gmail.com

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *