البلاد (الخرطوم)
تتصاعد الأزمة الإنسانية في مدينة الفاشر، عاصمة شمال دارفور بالسودان، إلى مستويات كارثية، مع استمرار الانتهاكات الواسعة التي ترتكبها قوات الدعم السريع بعد سيطرتها على المدينة أواخر الشهر الماضي.
وأفاد نازحون بأن قوات الدعم السريع أقامت نقاط تفتيش على الطرق المؤدية إلى شمال كردفان والولاية الشمالية، مستهدفة مسارات الفارين، وفرضت عليهم ابتزازاً مادياً مقابل السماح لهم بالهروب، إضافة إلى عمليات اختطاف وقتل مروعة.
وفي تطور صادم، أعلنت شبكة أطباء السودان أن قوات الدعم السريع قامت بجمع مئات الجثث من شوارع وأحياء الفاشر، حيث دفنت بعضها في مقابر جماعية، فيما أحرقت أخرى بالكامل في محاولة لإخفاء آثار الجرائم. ووصفت الشبكة ما حدث بأنه”جريمة إبادة جماعية مكتملة الأركان”، محملة قيادة الدعم السريع المسؤولية الكاملة، وداعية المجتمع الدولي إلى فتح تحقيق دولي مستقل.
وأكدت الشبكة في بيان صحفي أن ما يجري في الفاشر”يتجاوز حدود الكارثة الإنسانية إلى جريمة ممنهجة تستهدف الإنسان في حياته وكرامته، في ظل صمت دولي يرقى إلى مستوى التواطؤ”.
وفي الوقت نفسه، حذر حاكم إقليم دارفور، مني أركو مناوي، من أن أي هدنة لا تتضمن حماية المدنيين ومحاسبة المسؤولين عن الجرائم تعني”تقسيم السودان”. وأكد أن أي اتفاق يجب أن يسبقها انسحاب الدعم السريع من التجمعات السكنية، والإفراج عن المختطفين، وتأمين عودة النازحين.
ومن جهته، استبعد وزير الموارد البشرية، معتصم صالح، أي دور مستقبلي لقوات الدعم السريع في الحياة السياسية أو العسكرية، مؤكداً أن المدينة شهدت كارثة إنسانية واسعة مع سقوط عشرات الآلاف من الضحايا.
وفي مدينة الأبيض، عاصمة ولاية شمال كردفان، عبر السكان عن خشيتهم من هجوم محتمل لقوات الدعم السريع، فيما أعلن الجيش السوداني اعتراض طائرة مسيّرة أطلقتها القوات على المدينة، التي تعد طريق إمداد رئيسياً يربط دارفور بالخرطوم.
وفي العاصمة الخرطوم، كثّفت لجنة أمن الولاية من تحركاتها الميدانية عبر جولات تفتيش ليلية شملت الارتكازات الأمنية والمعابر الحيوية، في إطار تطبيق قانون الطوارئ للسيطرة على الوضع. وأكد والي الخرطوم، أحمد عثمان حمزة، استمرار حظر التجوال الليلي من الساعة الحادية عشرة مساءً وحتى السادسة صباحاً، حتى إشعار آخر.
وتواصل الأزمة في دارفور تصاعدها مع مصير 200 ألف شخص لا يزال مجهولاً، وسط تحذيرات متكررة من وقوع مجازر إضافية إذا لم تتحرك السلطات المحلية والدولية بشكل عاجل لتوفير الحماية للمدنيين وتأمين مناطق النزاع.
مئات الجثث أحرقت.. 200 ألف شخص مصيرهم مجهول بالفاشر
