مقالات الكتاب

كلمة «طلقني».. تهدم أسرة وتقلق أبناءها

كلمة واحدة قد تفتح أبوابًا من الندم يصعب إغلاقها، وتهدم أسرة بُنيت على المودة والرحمة، وتزرع القلق في نفوس الأبناء. إنها كلمة “طلقني” التي قد تنطق بها الزوجة في لحظة غضب، دون وعيٍ بما قد تسببه من شرخٍ في استقرار الأسرة وتماسكها.
الزواج ميثاق غليظ، يقوم على المودة والتفاهم والتضحية. ولا تخلو أي حياة زوجية من خلافاتٍ أو تبايناتٍ في وجهات النظر، لكنها لا تُعالج بالتصعيد أو بالانفعال، بل بالحوار الهادئ والحكمة؛ فحين تندفع الزوجة وتطلب الطلاق كحلٍّ سريع، فإنها قد تفتح بابًا يصعب إغلاقه، خصوصًا إذا قابل الزوج الموقف بردة فعلٍ مشابهة دون تروٍّ أو تفكير.
الطلاق ليس نهاية الخلاف فحسب، بل هو بداية لمعاناةٍ جديدة. معاناة الزوجين نفسيًا واجتماعيًا، ومعاناة الأبناء الذين يجدون أنفسهم ضحايا قرارٍ لم يكونوا طرفًا فيه. الطفل الذي يسمع والديه يتخاصمان ويهددان بالطلاق، يعيش حالة من الخوف وعدم الأمان، ويبدأ يفقد ثقته في استقرار محيطه الأسري، وهو ما ينعكس على سلوكه وتحصيله الدراسي وعلاقاته بالمجتمع.
إن أخطر ما يواجه الأسرة اليوم ليس الخلاف بحد ذاته، بل غياب ثقافة الحوار وضبط النفس. فالكلمة التي تُقال في لحظة غضب قد تُفقد أسرة بأكملها توازنها، وتحوّل بيتًا عامرًا بالحب إلى ساحة خصامٍ وندم.
ولذلك، فإن على الزوجة أن تتأنى قبل أن تنطق بهذه الكلمة، وأن تتذكر أن الخلاف مهما اشتد يمكن تجاوزه، وأن أبناءها هم أول من يدفع الثمن إذا انهارت الأسرة. كما أن على الزوج أن يتحلى بالحكمة، فلا يجعل الطلاق وسيلة ضغط أو انتقام، بل آخر الحلول بعد استنفاد كل السبل الممكنة للإصلاح.
الأسرة هي نواة المجتمع، واستقرارها يعني استقرار الوطن بأسره. فكل بيتٍ يُحافظ على تماسكه، يسهم في بناء جيلٍ سليمٍ نفسيًا واجتماعيًا. ومن هنا تأتي أهمية نشر الوعي بين الأزواج بأثر الكلمة، لأن الكلمة قد تبني بيتًا وقد تهدمه.
ليتنا نتعلم أن نُطفئ الخلاف بالعقل، لا أن نُشعل الغضب بالكلمة. فالحكمة والصبر هما طريق الاستقرار، بينما الانفعال والعصبية هما طريق الندم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *