الإقتصاد

  ستيفان شميد: الاستدامة والتقنية والتوطين.. ثلاثية جروهي لدعم التحول الوطني في السعودية

البلاد (الرياض)

 في ظل التحولات التنموية غير المسبوقة، التي تشهدها المملكة العربية السعودية، تقف شركة “جروهي” – إحدى العلامات التجارية الرائدة عالميًا التابعة لمجموعة ليكسيل – في طليعة الشركات المساهمة في بناء مستقبل أكثر استدامة وذكاء.

وفي حوار خاص، يتحدث ستيفان شميد، المدير التنفيذي لليكسيل لمنطقة الهند والشرق الأوسط وتركيا وإفريقيا، عن ملامح إستراتيجية الشركة في المنطقة، ودور “جروهي” في دعم مستهدفات رؤية السعودية 2030 من خلال التوطين، والتحول الرقمي، وتبني التصنيع المسؤول.

كما يستعرض شميد كيف تجمع” جروهي” بين الفخامة الواعية بالاستدامة والابتكار التقني، لتكون شريكًا إستراتيجيًا في مشاريع التحول العمراني الكبرى في المملكة، مثل نيوم والدرعية والبحر الأحمر، مؤكداً أن “رفاهية الماء تبدأ بالمسؤولية” وأن الشراكات المحلية تمثل المحرك الحقيقي لصناعة مستقبل أكثر استدامة في السعودية والمنطقة.

*هل يمكن أن تطلعنا على دورك في ليكسيل ، وما ملامح إستراتيجية جروهي عبر أسواق مناطق الهند والشرق الأوسط وتركيا وأفريقيا، وبالذات في المملكة العربية السعودية؟

– يتمحور دوري في ليكسيل إنترناشونال على رسم مسار النمو الإستراتيجي لطريقة عملنا في أسواق الهند والشرق الأوسط وتركيا وأفريقيا؛ فرغم تنوع هذه الأسواق إلا أنها تشترك في طموح ابتكار أنماط عيش أذكى وأكثر استدامة، تكمن مسؤوليتي بأن أضمن أن جروهي تقدم ابتكارًا ذا مغزى يعزز من جودة الحياة مع احترام الاختلافات الثقافية والأولويات البيئية في كل بلد وكل منطقة.

وتعد المملكة العربية السعودية إحدى أكثر نماذج النمو ديناميكية؛ إذ إن التحول الذي تقوده رؤية المملكة 2030 جعل من المملكة محوراً عالمياً للتنمية الحضرية الذكية والبنية التحتية المستدامة. وبالنسبة لنا لا ينحصر الموضوع على اغتنام الفرص فقط بل على عقد شراكات حقيقية تشكل مستقبل البناء وندعم ذلك عبر ثلاث ركائز: التوطين والتمكين الرقمي والاستدامة.

ومن الأمثلة البارزة شراكتنا مع الزامل لصناعات البلاستيك، حيث يجري تصنيع سيفونات مخفية من جروهي محلياً في الدمام. ويساند هذا المشروع أهداف رؤية المملكة 2030 لتنويع القاعدة الصناعية، ويرسخ القدرات التصنيعية الوطنية، ويوفر فرصاً نوعية للمواهب السعودية.

*تضع رؤية المملكة 2030 الاستدامة في مقدمة مستهدفاتها. كيف تدعم ليكسيل ، عبر جروهي، هذه الأهداف الوطنية؟

  • الاستدامة هي الأساس الذي تقوم عليه أعمالنا كافة. ونؤمن في” ليكسيل وجروهي” بأن الأداء الحقيقي لا يكتمل إلا بسطر حياة أفضل للأجيال القادمة. ونحن نجسّد هذه الفلسفة عملياً من خلال تقنياتنا الرئيسية مثل “إيكوجوي” (EcoJoy) “وسيلكموف إي إس” (SilkMove ES). تدمج “إيكوجوي” منظِّمات تدفّق دقيقة تقلّل استهلاك المياه بما يصل إلى 50% مع الحفاظ على الإحساس بالراحة والضغط نفسه.
  • أما “سيلكموف إي إس” فتعمل على تشغيل الخلاطات في وضع الماء البارد، مما يجنب استهلاك طاقة غير ضرورية لتسخين المياه. وتحدث هذه السمات التصميمية الذكية والدقيقة فرقاً كبيراً في مجال ترشيد استهلاك المياه والطاقة حيث تطبيقها على نطاق واسع في مشاريع الإسكان والضيافة والمرافق العامة، يسهم مباشرةً في تحقيق أهداف مبادرة السعودية الخضراء، دعماً لجهود المملكة في خفض الانبعاثات وصون الموارد وبناء مجتمعات أكثر استدامة.

وعلى ما يتجاوز المنتج ذاته، نغرس مبادئ الاستدامة في جميع مراحل عملياتنا التصنيعية وسلاسل الإمداد؛ إذ تعمل “جروهي” على تصنيع مجموعة من منتجاتها محلياً بالتعاون مع شركة الزامل لصناعات البلاستيك؛ ما يسهم في الحد من الانبعاثات الناتجة عن عمليات النقل، وتسريع أزمنة التسليم، وتعزيز دورة الاقتصاد الإقليمي. ويجسد هذا التوجه التزام “ليكسيل ” بإطارها العالمي للاستدامة، القائم على خفض انبعاثات الكربون، وتحسين كفاءة استخدام الموارد، واعتماد التصميم القابل لإعادة التدوير، والتي تعتبر ركائز أساسية لمستقبل تصنيع مستدام.

* أصبحت الرقمنة حجر الزاوية للبنية التحتية الحديثة. كيف تستخدم جروهي التقنية في منتجاتها وفي طريقة خدمتها للسوق السعودي؟

– تُعيد الرقمنة صياغة أسلوب حياتنا وطريقة بناء مدننا وإدارة مواردنا، ولا يُستثنى من ذلك قطاع المياه. بالنسبة إلى جروهي، تعني التقنية الذكية جعل الحياة أكثر سهولة، وتمكين الأفراد من اتخاذ قرارات أكثر وعياً واستدامة. ويُعدّ نظام “سمارت كونترول” (SmartControl) مثالاً واضحاً على ذلك؛ إذ يتيح للمستخدم تشغيل تدفق المياه أو إيقافه بلمسة زر، وضبط درجة الحرارة بدقة متناهية. إنه نظام بديهي يقلل من الهدر ويحوّل الروتين اليومي إلى تجربة تجمع بين الرفاهية والكفاءة، سواء في لحظة استحمام سريعة أو تجربة استرخاء طويلة.

وعلى مستوى الخدمة، تجسّد الرقمنة لدى “جروهي” مفهوم الإتاحة والاتصال، من خلال توفير معلومات المنتجات، وموارد التصميم، وبرامج التدريب باللغتين العربية والإنجليزية، مما يعزز الربط بين الابتكار العالمي والخبرة المحلية في المملكة.

 

* تشهد المملكة طفرة غير مسبوقة في تطوير العقارات الفاخرة ونهضة قطاع السياحة. كيف توازن جروهي بين التصميم الفاخر والاستدامة في هذه المشروعات الرئيسة؟

– يتغير مفهوم الفخامة يومياً فلم يعد مقتصراً على المظاهر، بل أصبح تجربة متكاملة تجمع بين المتعة والمسؤولية، حيث يلتقي جمال التصميم بوعيٍ بيئيٍ عميق. في جروهي، نؤمن بأن الفخامة والاستدامة وجهان لجوهر واحد يقوم على العناية بالتفاصيل. وتجسد مجموعاتنا الراقية مثل “أتريو” (Atrio) و”إيسنس” (Essence) هذا المفهوم من خلال المزج بين التصميم العصري البسيط والهندسة الألمانية الدقيقة، وتقنيات ترشيد المياه والطاقة دون أي تنازل عن الراحة أو الأناقة.

سواء كنا نصمم حلولنا لفندق في نيوم، أو فيلا في الدرعية، أو منتجع على ساحل البحر الأحمر، فإن كل تفاعل مع الماء يجب أن يعكس رؤية المملكة للتقدم المستدام. وتضمن حلولنا أن تؤدي كل قطرة ماء غرضها بذكاء، حتى في أكثر المساحات رُقياً، لتجسّد توازناً فريداً بين الرفاهية والوعي البيئي توازناً يعبر عن ملامح التصميم السعودي الحديث الذي نفخر بأن نكون جزءاً من ترسيخه.

* تمتد الاستدامة إلى ما بعد استخدام المنتج لتشمل التصنيع وسلاسل الإمداد. كيف تضمن ليكسيل إنترناشيونال إنتاجاً مسؤولاً؟

– الاستدامة ليست غاية نهائية، بل هي التزام مستمر. والاستدامة في ليكسيل تبدأ من مرحلة التصميم وتمتد عبر التوريد والتصنيع وخدمات ما بعد البيع. ويضع إطارنا العالمي للاستدامة أهدافاً طموحة لخفض انبعاثات الكربون، وزيادة استخدام المواد المعاد تدويرها، وتصميم المنتجات بما يضمن قابليتها للإصلاح على المدى الطويل. وترسّخ هذه المبادئ فكرة التصميم المسؤول الذي يمنح منتجاتنا عمرًا أطول وأثرًا أكثر استدامة، بينما يُعزّز التوطين في المملكة هذا المسار عبر دعم التصنيع المحلي وتطوير الكفاءات الوطنية. وبتصنيع منتجات مثل خزانات الطرد المخفية داخل المملكة، نضمن تسليماً أسرع، وخدمةً أفضل، وسلسلة إمداد محلية أكثر متانة. كما يدعم ذلك تنمية المهارات ويخلق فرص عمل جديدة للمواهب السعودية. ومن خلال نقل التقنية وتبادل المعرفة مع مرافقنا في أوروبا، نسهم في ترسيخ معيار جديد للتصنيع المستدام؛ معيار أكثر كفاءة وشمولاً، ومتناغم بالكامل مع الأهداف طويلة المدى لرؤية المملكة 2030.

* كيف تتجسد الشراكات والتوطين على أرض الواقع في المملكة، وما دورهما في نجاح رؤية المملكة 2030؟

تُحوّل الشراكات المثمرة الابتكار العالمي إلى أثر وطني ملموس. في جروهي، نعمل عن قرب مع المطوّرين والمقاولين ومستشاري التصميم منذ المراحل الأولى للمشاريع، لدمج تقنيات المياه المستدامة في صميم التخطيط المعماري، لا بوصفها حلولاً تُضاف لاحقاً. كما نتعاون مع جهات محلية رائدة مثل الشركة الوطنية للإسكان، ومع أبرز الموزعين في المملكة، لتوفير حلولًا صحية متقدمة لشريحة أوسع من المستخدمين.

وتمكّننا هذه الشراكات من الوصول إلى مختلف القطاعات من المشاريع السكنية الكبرى إلى وجهات الضيافة الفاخرة  بما يضمن ترسيخ مبادئ الاستدامة في كل طبقات البيئة المبنية. ولا يقل استثمارنا في تبادل المعرفة أهمية عن ذلك؛ فمن خلال برامج تدريبية متواصلة للمقاولين والمصممين والمهندسين، نعمل على تمكين المختصين من توصيف التقنيات المستدامة وتنفيذها بأعلى المعايير.

إن بناء القدرات المحلية يمثل ركيزة أساسية لإحداث تغيير طويل المدى، وهو جانب نعتزّ به ونجعله في صميم رسالتنا نحو مستقبل أكثر استدامة.

* ختاماً، ما أكثر ما يلهمك في تجربة جروهي داخل السعودية وعبر أسواق الهند والشرق الأوسط وتركيا وأفريقيا؟

– أكثر ما يلهمني هو الشعور بوجود غاية واضحة ومستهدفات محددة تقود هذه الرحلة، وتجعل من عملنا في جروهي داخل المملكة والمنطقة عملًا يحمل معنى وتأثيرًا حقيقيًا في مستقبل الاستدامة. فرؤية المملكة 2030 ليست مجرد خريطة طريق اقتصادية، بل هي تحول كامل في العقلية، يعيد تعريف كيفية نمو المجتمعات بمسؤولية. إن مشاهدة هذا التحول عن قرب والمساهمة فيه، حتى لو بقدر ضئيل، أمر ملهم للغاية. كما نرى الحركة نفسها على امتداد منطقة الهند والشرق الأوسط وتركيا وأفريقيا والتحول نحو الاقتصاد الدائري ومنازل ذكية واستهلاك واع مسؤول. لقد تطور الحوار حول المياه من الندرة إلى الرعاية؛ ومن السؤال عن كم الاستهلاك إلى التساؤل عن كيفية الاستهلاك بذكاء؟ وهذا يمثل في الوقت ذاته مسؤولية وامتيازاً بالنسبة إلى ليكسيل إنترناشيونال وجروهي؛ أي صياغة الكيفية التي يتعامل بها ملايين الأفراد مع الماء كل يوم، وجعل تلك التجربة مستدامة وذكية وجميلة. وهنا يكمن التقدم الحقيقي؛ في مزج التصميم والتقنية والإنسانية لتحقيق قيمة تبقى للناس وكوكب الأرض.

 

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *