يُعدّ التنوع البيئي، الذي تتميز به المملكة العربية السعودية من أهم عوامل تنوع الهوايات والحرف التقليدية في مختلف مناطقها، إذ نجد اختلافًا في الموروث والهوايات، ومن أبرز تلك الهوايات التي تحظى بانتشار واسع، خاصة بين فئة الشباب، هواية الصقارة التي تشهد في السنوات الأخيرة إقبالًا متزايدًا وتطورًا لافتًا في ممارستها وتنظيمها.
مع حلول شهر أكتوبر من كل عام، تبدأ هجرة الطيور القادمة من شمال الكرة الأرضية هربًا من برودة الشتاء القارس، متجهة نحو المناطق الاستوائية المعتدلة. ويترقب عشاق المقناص هذا الموسم بشغف كبير، إذ يعدّونه موسم العمر الذي يجمع بين شغف الصيد ومتعة المغامرة في الصحراء ، ويرى الصقارة أن هذه الهواية لا خاسر فيها، فإما أن يظفر الصقار بصيد ثمين، أو يقضي أوقاتًا ممتعة بين الرمال والهواء الطلق ، في رحلة تُجدد روح الأصالة والتراث.
في السنوات الأخيرة، تحولت محافظة أملج إلى وجهة مفضلة لعشاق الصقور والمقناص من داخل المحافظة وخارجها، لتصبح هذه الهواية جزءًا من موروثها الثقافي الأصيل، ويُعد الصقار عوده محمد الفايدي الجهني- رحمه الله- من أوائل من مارسوا هذه الهواية في أملج، حيث يُعرف بأنه “عرّاب الصقارة” في أملج ، إذ امتهن صيد الصقور قبل نحو مئة عام باستخدام الشبكة الأرضية متنقلًا على الإبل أو سيرًا على الأقدام في رحلات المقناص ، ويمتد هذا الإرث اليوم عبر أحفاده، ومنهم الصقار عبدالهادي عواد عوده الفايدي رئيس مركز الشعلان للصقور، الذي نجح بجهود فردية في تحويل المركز إلى وجهة تراثية وسياحية يقصدها المهتمون بالصقارة من مختلف المناطق، وهو يستحق الدعم والمساندة من نادي الصقور السعودي الذي أنشأته القيادة الرشيدة؛ لدعم ورعاية هذه الهواية العربية الأصيلة، ويعتبر نادي الصقور البيت الجامع لهواة التراث، وهو اليوم المظلة الرسمية لجميع الصقارة في المملكة، حيث يعمل على تنظيم الفعاليات والمسابقات ودعم الممارسين وتشجيع الشباب على الحفاظ على هذا الإرث الثقافي العريق، وأقترح على النادي أن يُكثّف حضوره الميداني في السنوات المقبلة، من خلال الوصول إلى مخيمات الصقارين ودعمهم ميدانيًا، وإشراكهم في برامج التطوير والاستفادة من خبراتهم الطويلة التي تمتد لعقود، لضمان استمرار هذا التراث الأصيل بين الأجيال القادمة، وكلنا في خدمة الوطن.
الصقارة.. تعززالهوية الثقافية
