في زمن تتسارع فيه خطوات التنمية، وتتعاظم فيه طموحات الوطن، بقيادة خادم الحرمين الشريفين، وسمو ولي العهد- حفظهما الله – أصبحت فرص العمل للشباب السعودي مسؤولية وطنية وأمانة اقتصادية، لا مجرد قرار تنظيمي أو مبادرة وقتية.
فاليوم، ومع ما حققته رؤية 2030 من نقلة نوعية في برامج التوطين وتمكين الكفاءات الوطنية، يبرز تساؤل منطقي:
لماذا لا تكون الوظائف المتوسطة، وخاصة في المبيعات والتسويق والاستقبال، محصورة في السعوديين والسعوديات
هذه الوظائف ليست هامشية- كما يظن البعض- بل هي الواجهة التي تمثل الشركة أمام عملائها وشركائها. وهي التي تصنع الانطباع الأول عن جودة الخدمة والمصداقية والاهتمام. ومن الطبيعي أن يكون من يشغلها هو ابن الوطن، الذي يفهم طبيعة المجتمع، ويتحدث بلسانه، ويعكس ثقافته وقيمه.
إن المبيعات ليست مجرد عملية تبادل تجاري، بل هي فن بناء الثقة بين العميل والمنشأة، وهي الثقة التي تتعزز حين يكون من يتحدث باسم الشركة شابًا سعوديًا يدرك احتياجات السوق المحلي، ويشارك عملاءه الهمّ والاهتمام.
وكذلك الحال في وظائف التسويق والعلاقات العامة والاستقبال، فكلها تعتمد على الانطباع والتفاعل والروح الوطنية، وهي عناصر لا تُكتسب من التدريب وحده، بل من الانتماء.
لقد بدأت وزارة الموارد البشرية بخطوات جادة في هذا الاتجاه، عبر قرارات التوطين في قطاعات المبيعات والتسويق وخدمة العملاء ومكاتب الاستقبال، وأثبتت التجربة أن الشباب السعودي قادر على النجاح والتميز متى ما أُعطي الثقة والفرصة. بل إن كثيرًا من الشركات التي بادرت بتوطين واجهاتها أكدت أن الأداء تحسن، وأن رضا العملاء ارتفع بشكل ملحوظ.
من المهم أن تدرك الشركات الكبرى أن الاعتماد على الكفاءات الوطنية في هذه الوظائف ليس عبئًا ماليًا؛ بل استثمار طويل الأمد، يرفع من ولاء الموظفين، ويمنح الشركة مصداقية في السوق، ويعكس صورتها الوطنية المسؤولة.
فالاقتصاد الوطني اليوم يحتاج إلى شركات ترى في توظيف السعوديين واجبًا ومسؤولية، لا مجرد التزام نظامي.
إن تمكين الشباب السعودي في هذه الوظائف هو في الحقيقة تمكين لثقة المجتمع في مؤسساته، وتعزيز لصورة الوطن أمام كل زائر ومتعامل. فالمواطن عندما يرى ابن بلده في واجهة الشركات يشعر بالفخر والاعتزاز، ويزداد ارتباطه بالمنتج والخدمة.
السعوديون أولى بوظائف الواجهة
