مقالات الكتاب

أكلاتنا المحلية نحو العالمية

استحضرتُ ما كتبه” إياد مدني” في مقاله الشيق المنشور في الفيسبوك عن”الدقة المديني وشكوكو”، ودور تموين الخطوط السعودية حين تم “بزنستها”- كما يقول. وقدمناها ضمن مكونات وجبة الإفطار على الطائرات، لأتذكر أجواء ما قبل رمضان حين كنا نعمل كخلية نحل لإعداد وجباتنا المحلية بطريقة تناسب تقديمها على متن الطائرات. كان من بين هذه الوجبات السمبوسة، التي أثارت بيني وبين زملائي في قسم التموين نقاشًا جادًا وطريفًا حول كيفية الحفاظ على قوامها المقرمش وبريقها الذهبي ونكهتها المحببة بعد التغليف، وإعادة التسخين. جربناها مقلية ومخبوزة بعجائن وحشوات متنوعة، لكن بقي التحدي الأكبر؛ كيف نلبي أذواق الركاب الذين ارتبطت لديهم السمبوسة بشكل وطعم معين خلال رمضان؟ وكنت أستشهد دومًا بنجاح أهلنا في المدينة المنورة في تطوير وتسويق “الدقة”، وكيف تحولت من بهار شعبي إلى عنصر أساسي على سفرة رمضان في الحرمين الشريفين. تُقدَّم مع اللبن الرايب، وتُرش على الفول واللبنة و” التلبيبة” وبعض الوجبات الخفيفة، بل وتُهدى كذكرى روحانية للزوار والمعتمرين، وفي السياق ذاته، كنت أردد بفخر أننا نملك ذائقة خاصة ومتميزة لأنواع الكفتة والكباب، والسمبوسة، والهريسة، والمعصوب، والفول، والشكشوكة، والعيش باللحم، والمقلية، واللقيمات، وغيرها من الأكلات التي تحمل هوية المطبخ السعودي، ومع ذلك نفتقد مكانًا واحدًا يجمع هذه الأطباق بمعايير جودة عالية ترضي الجميع. بل إن كثيرًا من أطباقنا الشعبية؛ مثل البخاري، والسليق، والزربيان، والمطبق الخ، بدأت تتراجع أمام الأكلات العالمية؛ مثل البيتزا الإيطالية والهمبرجر، التي نجحت في التطور وتقديم نفسها بأشكال ونكهات تناسب مختلف الثقافات. اللافت أن إيطاليا شكّلت مؤخرًا فريقًا من الطهاة يجوب العالم؛ لدراسة تطورالبيتزا، وطرق تحضيرها عالميًا. فهل حان الوقت لنخوض نحن التجربة ذاتها ؟ أن نؤمن بأكلنا المحلي ونطوره بمعايير حديثة، تجعله قابلًا للإعداد والتسويق عالميًا ؟ نحن نملك مخزونًا ثقافيًا ومطبخيًا هائلًا، يحتاج فقط إلى رؤية وجرأة في التسويق لتقديمه للعالم. لقد حان الوقت لتحويل أكلاتنا الشعبية من ذاكرة محلية إلى تراث عالمي نابض بالحياة، يليق بتاريخنا ويمثلنا في كل مطبخ على وجه الأرض.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *