البلاد _ الخرطوم
أحبط الجيش السوداني، بدعم من “القوات المشتركة”، هجومًا واسعًا شنته قوات “الدعم السريع” على مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، من محوري الشرق والشمال، في واحدة من أكثر المعارك دموية منذ بداية النزاع، وسط تطورات ميدانية متسارعة في إقليمي كردفان ودارفور.
وبحسب مصادر عسكرية، بدأ الهجوم فجر الأحد بنيران كثيفة وقصف مدفعي استهدف الأحياء السكنية والمواقع العسكرية الحيوية داخل الفاشر، لكن القوات النظامية تمكنت من تنفيذ خطة استدراج محكمة أوقعت المهاجمين في كمين، أدى إلى تدمير عدد من الآليات المدرعة ومقتل العشرات، من بينهم قيادات ميدانية بارزة في “الدعم السريع”.
وأكد بيان صادر عن القوات المشتركة أن الهجوم، الذي أسمته “المعركة رقم 214″، تصدت له القوات المشتركة والمقاومة الشعبية والمستنفرون، موقعة خسائر فادحة في صفوف المهاجمين، شملت تدمير ست مدرعات من طراز “صرصر” وعشر سيارات قتالية بكامل أطقمها.
وتزامنًا مع احتدام المواجهات، شهدت مناطق واسعة في شمال دارفور، لاسيما مدينة “طويلة”، موجات نزوح كثيفة. وقال المتحدث باسم المنسقية العامة للنازحين واللاجئين في دارفور، آدم رحَّال، إن الآلاف فروا من الفاشر خلال الأسبوعين الماضيين، مشيرًا إلى معاناة النازحين من انتهاكات وعنف أثناء الفرار، إضافة إلى غياب الإيواء والخدمات الإنسانية في وجهتهم.
وفي محاولة للتخفيف من الأزمة الإنسانية المتفاقمة، أعلن والي شمال دارفور المكلف، الحافظ بخيت، عن تخصيص دعم مالي لتكايا الطعام والمطابخ الخيرية داخل المدينة، مؤكدًا على تشكيل لجنة لضبط الأسواق ومحاربة الاحتكار، وسط ارتفاع كبير في أسعار السلع بسبب الحصار الطويل.
وفي غرب كردفان، واصل الجيش تقدمه وسيطر على مناطق نشربو، والدودية، وود قاسم جنوب منطقة الخوي، دون اشتباكات تُذكر، بعد انسحاب قوات “الدعم السريع”. وتشكل هذه المناطق نقاط ربط حيوية بين ولايتي غرب وجنوب كردفان، ما يعزز مواقع الجيش على المحاور الإستراتيجية.
على صعيد متصل، اتخذت السلطات في الولاية الشمالية إجراءات أمنية صارمة بعد سيطرة “الدعم السريع” على المثلث الحدودي بين السودان وليبيا ومصر، بما في ذلك فرض حظر تجوال وتشديد الرقابة على المناطق الحدودية.
وأعلنت حكومة الولاية منع النشاط الليلي والمبيت غرب النيل في محليات متعددة، بعد وصول أولى موجات الفارين من المثلث إلى دنقلا، والتي شملت 335 شخصًا من السودان، جنوب السودان، وإثيوبيا. ويتوقع أن يتضاعف العدد ليصل إلى 5 آلاف في الأيام القادمة.
وقال مفوض العون الإنساني في الولاية، عبد الرحمن خيري، إن هناك تنسيقًا مستمرًا مع الجهات المختصة، داعيًا المنظمات الدولية لتقديم الدعم العاجل.
وفي العاصمة الخرطوم، عاد موظفو الولاية إلى أعمالهم بعد أكثر من عامين من الإجازة الاضطرارية بسبب الحرب، في خطوة رمزية لاستعادة الأداء الحكومي.
وتفقد والي الخرطوم المكلف، أحمد عثمان حمزة، عددًا من الوزارات، مشيدًا باستجابة العاملين ومؤكدًا على عودة الأنشطة الرسمية بشكل تدريجي. كما أعلنت وزارة الصحة بالخرطوم إنهاء لجنة الطوارئ الصحية، والعودة إلى العمل عبر الإدارات المتخصصة.