د. محمد علي الحربي
أن تكون مواطنًا في بلد عظيم فخر عظيم يعلي من مكانتك حتى داخل نفسك.. وأن تكون مواطنًا في بلد تحظى قيادته باحترام شعوب العالم قبل حكوماتها. اعتزاز عالي القيمة عندما تشعر باحترام الآخرين لك ولقيمك وقيم وطنك، وتراه في عيونهم وفي تعاملهم معك.
عدت قبل أيام قليلة من رحلة للمملكة المتحدة؛ زرت فيها عدة مدن بين بريطانيا واسكتلندا، وقبل عدة أشهر، زرت عدة مدن في ثماني دول أوروبية، ولفتني في الرحلتين، أنه خلال جلوسي في عدد من المقاهي والمطاعم، وفي أكثر من موقف تلتقط أذني أحاديث جانبية؛ تكون السعودية محورها، أو صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان محورها، وحتى سائقي التاكسي بعد أن يعرفوا أنني سعودي.
رجلان يبدوان في الأربعينات من العمر في طاولة تبعد عني بطاولتين بمطعم في قرية كوينزفيري باسكتلندا (تبعد 40 دقيقة عن أدنبرة)، يتحدثان عن أن السعودية ألزمت الشركات الأجنبية بفتح مكاتب إقليمية لها في المملكة؛ لتتمكن من ممارسة عملها في السعودية، وأنها خطوة ذكية وفرصة لهم لتنمية أعمال شركتهما في بلد يسابق الزمن نموًا، وفي أدنبرة التقطت جزءًا من حديث شابين في مقهى، يقول أحدهما لصاحبه:” الرياض.. دبي الجديدة”، وفي لندن سائق تاكسي عندما أجبته عن سؤاله بأنني سعودي، قال لي حرفيًا:” أوووووه بلد محمد بن سلمان” وتحدث عن منجزات سموه، وكأنما الرجل يعيش بيننا!، وفي أكثر من موقف أحاديث جانبية عن الرياضة السعودية، وأغلب المقاهي تنقل مباريات الدوري السعودي مباشرة.
في السنوات الماضية، كنت أسافر للخارج كثيرًا، ولم أكن أسمع عن بلدي كل هذا الثناء، ما الذي تغير؟!
أعتقد أن لب التغيير الذي غيَّر الصورة الذهنية عن المملكة وقيادتها، وعن المواطن السعودي في الخارج، هو (فن تكريس الهوية) الذي برع في تصديره للعالم سمو الأمير محمد بن سلمان، وهو نفس الأمر الذي فعله في (فن تكريس عراقة التأسيس)، و(فن تكريس رؤية المملكة 2030)، و(فن تكريس المشروعات غير التقليدية)، و(فن تكريس التغيير المجتمعي)، و(فن تكريس المكانة السياسية والاقتصادية).
جميع هذه الفنون التي صدَّرها الأمير الشاب للعالم، كانت المرآة التي عكست صورته في العالم بكل هيبة الحضور، التي أبهرت شعوب العالم، وبالتأكيد القيادات والحكومات- بلا شك- وانعكس على وطنه وشعبه بذات الألق، ولعل في شهر فبراير الجاري شواهد كثيرة (على سبيل المثال لا الحصر)، من إذابة الجليد بين قطبي العالم أمريكا وروسيا، ومواقف المملكة من غزة وتأثيرها الكبير في حفظ حقوق الشعب الفلسطيني، ومواقف المملكة من الشعب السوري وقيادته الجديدة، والحضور البهي للمملكة وقيادتها ومسؤوليها في منتدى مستقبل الاستثمار المنعقد في ميامي، بحضور قيادات عالمية، ورجال أعمال كبار على مستوى العالم، كل هذا يتزامن مع احتفال المملكة وقيادتها وشعبها بذكرى يوم التأسيس في 22 من الشهر نفسه، والحديث يطول عن المنجزات؛ كتنظيم كأس العالم 2034، وإكسبو 2030، وكأس آسيا 2027 وغيرها الكثير.
سؤال مجرد:
ماذا لو رأى الأجداد المؤسسون ما يفعله حفيدهم الشاب.. كيف سيكون شعورهم؟ ونعم الخلف لخير سلف.. دمت بألف خير يا وطني.
Dr.m@u-steps.com