اجتماعية مقالات الكتاب

نتن ياهو وترامب.. الغراب لا يبيض حماماً

بدأ ترامب فترته الرئاسة الثانية بعاصفة من القرارات التنفيذية، التي أشغلت الرأي العام الأمريكي، مثل: إلغاء المساعدات الأمريكية الدولية، وتسريح موظفيها من أجل الترشيد في الإنفاق، ثم تتابعت خطواته المجنونة الأخرى، مثل: رغبته في شراء جرينلاند من الدانمارك، واستعادة قناة بنما، وضم كندا للولايات المتحدة. لكن الطامة الكبرى التي أقلقت الأمريكيين قبل العرب والمسلمين، هي عندما صرّح في مؤتمر صحفي أثناء استقباله نتن ياهو قائلاً إنه يرغب بتهجير وإبعاد الفلسطينيين من غزة إلى مصر أو الأردن، ثم تأتي أمريكا وتمتلكها لتحوّلها إلى ريفيرا فرنسية شاطئية يرتادها السياح المشاهير والأغنياء، ومليئة بناطحات السحاب، والفنادق والمنتجعات الفاخرة، وملاعب الغولف التي يحبّها ويعرفها جيداً.
دفع الفلسطينيون مئات الآلاف من الشهداء منذ بداية هذا الاحتلال العنصري البغيض قبل 77 عاماً وحتى حرب غزة الأخيرة التي لم تنته بعد والتي استشهد فيها ما لا يقل عن 50000 شخص نصفهم من الأطفال والنساء، والرقم مرشح للزيادة، خاصة وأن وقف إطلاق النار الذي وقّعه العدو الصهيوني مع حماس، هشّ، وقد يخرقه الصهاينة في أي وقت تحت أي مبرر يخترعونه. وفوق هذا كله، يأتي ترامب بكل بساطة وسذاجة وبدون أدنى خجل، ليتحدّث عن غزة التي أصبحت رمزاً فلسطينياً ثرياً للتمسّك في الأرض ويحولها إلى مجرد استثمار عقاري سياحي ناجح بكل المقاييس المادية التي يعرفها ترامب، وتحدّث عنها سابقاّ صهره كوشنر كمنطقة شاطئية سياحية واعدة تحتاج فقط، كما يقول، إلى إخراج سكانها وتنظيفها.
بأسلوبه الفجّ هذا، فتح ترامب الطريق أمام رئيس العدو الصهيوني نتن ياهو، لكي يطلق نفس هذه البالونات الساذجة ضدّ السعودية التي لا تحمل أي لون أو طعم، لكنها تحمل رائحة صهيونية كريهة يعرفها العالم العربي والإسلامي جيداً. ربما أعجبته لعبة ترامب، وأراد تشتيت الانتباه عن جرائمه التي ارتكبها في غزة، والتي بسببها، صدر بحقه مذكرة اعتقال من الجنائية الدولية، لكن البيان الذي أصدرته حكومة خادم الحرمين الشريفين، أعاد الأمور إلى نصابها، وانتقد نتن ياهو بالاسم بسبب ما صرح به حول تهجير الشعب الفلسطيني من أرضه.
وقد جاء البيان من المملكة، موضحاً البعد الإنساني الذي لا تفهمه “العقلية المتطرفة المحتلة”، كما جاء في البيان، ذات البعد المادي الواحد التي ترى الأمور من زاوية ضيقة تغيب عنها القيمة الأخلاقية العليا للأرض الفلسطينية بالنسبة للفلسطينيين ومعهم العرب والمسلمون.
اللغة التي كُتب بها البيان السعودي قوية وتضع النقاط على الحروف في قضية فلسطين التي تهم السعوديين، على اعتبار أن المملكة هي قبلة المسلمين، والمسجد الأقصى، ومعه كل فلسطين، يحمل أهمية خاصة لدى المسلمين فهو ثالث الحرمين الشريفين، ومسرى رسول الله صلى الله عليه وسلم. لقد كان موقف المملكة مع فلسطين ثابتاً منذ وقوعها تحت هذا الاحتلال السرطاني الذي رماه الاستعمار في الأرض العربية، وهو أنه لا سلام من دون إنشاء دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس.
يختم البيان السعودي الذي يدعو للفخر بهذه العبارة التي تقول إن حق الشعب الفلسطيني الشقيق سيبقى راسخاً ولن يستطيع أحد سلبه منه مهما طال الزمن.

khaledalawadh @

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *