نلتقي في حياتنا بالكثير من الأشخاص في الحياة اليومية وحتى الأقرباء، الذين قد نتفق معهم أو نختلف، وقد نتقبلهم في حياتنا ونسعد بقربهم أو عكس ذلك، لكن هناك من لا يساعدنا وجودهم بل يسبب لنا الازعاج أو التوتر والغضب، ممّا ينعكس على رغبتنا في وجودهم، و يوقعنا في وعكة عدم الرغبة في لقائهم لما تسببوا به من إرهاقنا في كل مرة نلتقي بهم،
ومن أمثلة هؤلاء “المتشائم” طيلة الوقت خصوصًا في مقر عملك الذي لا يشعرك بالحماسة لإنهاء مهامك، الذي من شأنه أن يعثر على عيب في كل خطة، وباب مغلق خلف كل بصيص أمل خطوة ناجحة، فلا شيء يكون جيدًا بما فيه الكفاية له، ممَّا يؤثر على أفكارك ومشاعرك، و يجعلك أكثر عرضة لتبني نظرة سلبية كلما تواجدت بالقرب منه، للحد الذي تشعر فيه بالإرهاق وعدم رغبة إكمال مهامك فقط تريد أن ينتهي اليوم لتبتعد عنه. كذلك هناك الشخص الذي “ينتقد” كل ما نقوم به، وكأنها مهمته الخاصة في الحياة، ويكون غالبًا من الأقرباء، فتاره يخبرك أنك كسبت بعض الوزن أو خسرته، أو أن لون الثياب التي ترتديها لا يتناسب مع لون بشرتك، وكأن حياتك تحت عدسة مكبرة يضعها عليك، ممّا يشعرك بالشك أو الغضب أحيانًا لأنه يؤدي لعدم شعورك بالراحة في تواجدة معك حتى لو كنتما بين حشد من الناس. أضف لذلك الشخص الذي “المنافس” والذي بقربه تشعر وكأنك في منافسة دائمة، مهما حاولت أن تعيش حياتك الهادئة تجده ينافسك على أبسطها معك، يريد أن يتفوق عليك في كل شيء حتى في عدد إنجاب الأبناء، أو المرات التي سافرت فيها لمتعتك تجده ينافسك عليها دون هوادة، مما يؤدي إلى الاستياء والتوتر بينكما وقد تشعر بالضغط الدائم نتيجة أفعاله التي تنم عن الغيرة فلا يمنحك السلام في حياتك.
ليس هؤلاء فحسب بل قد يكون في حياتك الذي “يشعرك بالذنب” فلا تخلو حياتنا منهم، ذلك الذي يتقن فن جعلك تشعر بالذنب لعدم قيامك بالأمور على طريقته، ربما صديقك الذي يتنهد بصوت عالٍ عندما لا تتمكن من حضور مناسبة تخصه، أو زميلك في العمل الذي يجعلك تشعر بالسوء لعدم الالتفات له خلال اليوم وكأن مهمتك رعايته، ففي كل مرة تلتقي بهم تشعر بالذنب لأمر لم تقترفه، مما يزيد شعورك بالتوتر مما قد تواجهه منهم.
لكن الأسوأ بالنسبة لي شخصيًا هو “مصاص الطاقة” الذي يطل الاهتمام طيلة الوقت، دون مراعاة لحياتك الخاصة أو وقتك الذي تقضية لراحتك، فمثل هذا يجعلك تشعر دائمًا بالإرهاق والتعب. فعليك أن تهتم بهم لو كنت في خضم مشاغلك، وعليك أن تستمع لمشاكلهم ولو كنت تشعر بالتعب، ونادرًا ما يأخذون في الاعتبار مشاعرك أو حاجتك في الهدوء.
ليس هذه الشخصيات فحسب التي تُشعرنا بالإرهاق بل هناك غيرها لايمكن حصرها هنا، لكن الوعي بها يساعدنا على حل الأزمة التي نحن بصدد مواجهتها معهم، فالتعرف على هذه الأنماط هو نصف الحل، نعم عليك أن تتعاطف معهم وتشعرهم بأهميتهم لكن ليس على حساب حياتك أو صحتك النفسية والعقلية، وليس عليك قطع علاقتك بهم، بل وضع الحدود معهم، لأنه في نهاية المطاف، السعادة وراحة البال من ضروريات الحياة المطمئنة.
i1_nuha@