مقالات الكتاب

الحكم المحلي وعدالة المنافسة

المنافسة الشرسة بين الأندية الكبرى في الدوري السعودي تثير الجدل، ويتنامى الحديث حول دور التحكيم وأهميته في تحقيق عدالة المنافسة. في مقدمة هذه الصراعات تبرز الأندية الثلاثة الهلال، والنصر، والاتحاد، ولايمكن أن نغفل عن فريق القادسية الذي أطل هذا الموسم بثوب جديد. تعد تلك الفرق إلى جانب الأهلي قوامًا أساسيًا للسباق، مع وجود تساؤلات حول ثقة بعض الأندية في التحكيم المحلي، بينما تسعى أخرى لجلب طواقم أجنبية لضمان النزاهة ودرء الشكوك.

يميل الهلال- الذي حقق في الجولة الماضية أكبر نتيجة هذا الموسم بتسجيل تسعة أهداف في مرمى الفتح- وكما تعودنا من الزعماء في طلب الطواقم التحكيمية الأجنبية خلال مسيرة مبارياته، خصوصًا مع تزايد الضغوط الإعلامية والجماهيرية. وتسعى إدارة الهلال بقيادة الربان فهد بن نافل لتقليل الشكوك التي تثار في مثل هذه الظروف، خصوصًا أن الأخطاء التحكيمية سواء كانت محلية أو أجنبية، قد تترك أثرًا بالغًا في حسم مصير البطولات.

هذا السلوك يعكس وعيًا بأن التحكيم الأجنبي غالبًا ما يُنظر إليه كحل يُجنب الأندية المزيد من الجدل والتأويلات، على الجانب الآخر، نرى أن النصر والاتحاد يظهران مرونة أكبر في قبول الطواقم المحلية، وقد يُفسر هذا على أنه ثقة بقدرات الحكم السعودي، أو ربما لتفادي الكلفة العالية لاستقدام حكام أجانب، مع ذلك لا يخلو الأمر من الانتقادات، حيث يثار الغبار حول نزاهة وعدالة الصافرة المحلية، كما حدث في لقاء الاتحاد والرائد الذي شهد قرارات جدلية؛ أبرزها تجاهل ركلة جزاء للرائد وطرد لاعب اتحادي في وقت مبكر من النزال، وقد يغير هذا الخطأ في نتيجة المباراة، ولا شك أن الأخطاء التحكيمية جزء لا يتجزأ من اللعبة، سواء كان محليًا أم أجنبيًا، لكن المعضلة تكمن في أن الصافرة المحلية غالبًا ما تكون تحت المجهر، حيث تتعرض لضغوط جماهيرية وإعلامية كبيرة، ما قد يؤثر على قرارات الحكام ويثير الشكوك حول نزاهتهم؛ لذلك من الضروري أن تعمل الأندية والجهات المعنية على تعزيز ثقة الجميع بالتحكيم المحلي، سواء من خلال برامج تأهيل مكثفة للحكام، أو من خلال توفير بيئة عمل تضمن الحيادية والنزاهة، وفي خضم هذا المشهد، وبعيدًا عن قضايا التحكيم، يبرز تساؤل مهم.. لماذا غاب بعض الإعلاميين المؤثرين عن الساحة الإعلامية في الوقت الذي يحتاج فيه المشهد الرياضي إلى أصوات قوية تدافع عن مكتسبات الأندية؟

على سبيل المثال، نجد أن أسماء بارزة مثل محمد الذايدي وفهد الروقي لم تعد تظهر بالوتيرة نفسها في النقاشات الساخنة، وهو ما يضعف الموقف الإعلامي لبعض الأندية، خصوصًا الهلال. كما أن غياب المقدم سلمان المطيويع يترك فراغًا في إثراء النقاشات بأسلوب يحافظ على توازن الطرح وعمق التحليل. القنوات الإعلامية، سواء كانت تجارية أو رسمية، تتحمل مسؤولية كبيرة في توجيه الرأي العام وتوفير منصة للنقاش الرياضي العادل، ويجب أن تقوم هذه القنوات بتطبيق معايير مهنية واضحة في اختيار الضيوف والمحللين، بما يضمن تنوع الآراء وحياد الطرح. السؤال هنا، هل تضع القنوات معايير دقيقة لاختيار ضيوفها، أم أن المصالح والعلاقات الشخصية تلعب دورًا في تشكيل المشهد الإعلامي؟

المناكفات الإعلامية بين بعض إعلاميي وجماهير الأندية ليست جديدة، لكنها أصبحت أكثر حدة مع تطور وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي، ويقود هذه الاختلافات مجموعة من الأسماء؛ حيث يسعى كل طرف إلى تعزيز موقف ناديه وتقويض مواقف المنافسين. مع ذلك يجب أن يكون الطرح الإعلامي مبنيًا على حقائق وأدلة بعيدًا عن الإثارة التي تضر بمصداقية الإعلام.
أعود لصعيد التحكيم، ولا شك أن عدالة الصافرة عنصر أساسي في نجاح أي دوري، ووجود طواقم محلية قوية يُعزز من قيمة الدوري السعودي، ويقلل من الحاجة إلى الأجنبية. لكن هذا يتطلب بيئة داعمة وثقة من جميع الأطراف، وفي الوقت نفسه، يجب أن يكون للإعلام دور إيجابي في دعم هذه الجهود، مع الحفاظ على الحيادية والشفافية في الطرح. وختامًا، تظل المسؤولية مشتركة بين الأندية، والحكام، والإعلام، والجماهير؛ فهذه المتغيرات الجوانب الأبرز لتطوير المشهد الرياضي السعودي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *