لست أعلم ماهو الشعور الذي راودني في هذه الأيام الشتوية الباردة حيث أخذني الحنين إلى تلك الجلسة العائلية الحميمية التي كان فيها الوالد “رحمه الله” يسرد القصص ونحن نستمتع بقصصه وشوارده وتوجيهاته؛ وابتسامته التي لم تغب عن ذهني.!
وقد ربطت ذلك بما نراه اليوم من افتقاد كثير من الأسر إلى هذا النوع من اللقاءات العائلية الرائعة التي تشكل محوراً مهماً في العلاقة المتينة بين أفراد الأسرة جميعهم.
ولعل الجميع في هذه الأيام، يكاد يتفق على خلو هذه اللقاءات حتى إن حدثت ممّا يسمّى بتوحيد الجلسة، وجعلها مصدراً موحداً لتبادل الود العائلي بين الأب والأم والأبناء في مشهد عائلي اجتماعي جميل تحفه الألفه والسعادة، وتبادل الأخبار والمعلومات؛ والحديث كذلك عن الآمال والطموحات والتطلعات، وحل بعض القضايا الأسرية في كيان أسري ونسيج واحد.
وأعتقد جازمةً أن من أهم أسباب غياب، أو قلة هذه اللقاءات والاجتماعات الأسرية المصغرة، وجود الأجهزة الحديثة التي طغت بشكل سلبي على اهتمام الأب والأم وجميع الأبناء. ممّا جعل الحوار صامتاً وبعيداً عن أي جو عائلي مألوف. لأن التركيز على تطبيقات ومحادثات الجوالات الشخصية، أحدثت هذا الشرخ والانفصال القوي في لقاءات الأسرة؛ الأمر الذي يتسبب في تفشي الفرقة الأسرية والغياب الذهني الكامل عن حوارها ومتطلباتها وملاذها الحنون والدافىء.
ومن هذا المنطلق، حبذا لو أولت الأسرة اهتماماً مستقبلياً بإذابة هذا (الحوار الصامت)، وتحويله إلى حوار أسري فاعل كما كان أهلنا يفعلون.
جميل أن نتعاطى مع وسائل التقنية الحديثة، ولكن من العيب أن نجعلها تسيطر على كل مفاصل حياتنا، وتتحكم في تصرفاتنا لتحولنا مع الأيام إلى أيدي تتحرك بدون حس ولاحراك.