عندما نتذكر الشخصيات التي لعبت أدوارًا هامة في مسيرة التربية والتعليم في بلادنا يأتي اسم الأستاذ عبدالله عبدالمطلب بوقس- رحمه الله- كأحد رواد المسيرة ورجلًا من كبار رجالاتها عطاء، وإبداعًا، ومثالًا، وقدوة.. امتدت خدمته مديرًا للتعليم ومسوؤلًا عن قيادة منطقة جدة التعليمية لنحو عشرين عاما اتسمت بالوعي والحراك والإبداع.
حيث واكب الأستاذ عبدالله بوقس المربي والأديب والإداري الحركة التعليمية التربوية عبر مساحة رحبة في فضاء التعليم العام إلى جانب عدد من رواد وبناة التعليم في بلادنا وإعلامه المخضرمين الذين أدركوا وواكبوا بدايات وزارة المعارف وتشكلت منهم القيادات الإدارية التربوية، ومن بينهم الأساتذة الكرام مع حفظ الألقاب: عبدالله بغدادي، حامد دمنهوري، ناصر المنقور، محسن باروم، عبدالوهاب عبدالواسع، علي غسال، عبدالله المنيع، عبدالله أبو العينين، جميل أبو سليمان، عبدالله بوقس،عبدالعزيز الربيع، عبدالله فطاني وعبدالله الحصين.. وسواهم من الأساتذة الكرام. ولد الأستاذ عبدالله عبدالمطلب في مكة المكرمة عام 1930، وتلقى تعليمه الابتدائي في المدرسة السعودية، ومنها التحق بالمعهد العلمي السعودي وتخرج منه عام 1949، وواصل تعليمه في جامعة الأزهر بالقاهرة وحصل على بكالريوس في اللغة العربية عام 1953، ثم التحق للدراسة بمعهد التربية العالي للمعلمين- كلية التربية حاليًّا في جامعة عين شمس- لمدة عام، وحصل منه على دبلوم علم النفس التربوي، وبعد عودته إلى المملكة عمل مدرسًا في المعهد العلمي السعودي، ثم مفتشًا فنيًا بمديرية المعارف، قبل أن يتم تعيينه مديرًا للتعليم بمنطقة جدة عام 1955، وبعد عشرين عاما من العمل التربوي عين في عام 1975 مستشارًا ثقافيًا لدى المكتب الثقافي السعودي في عاصمة المانيا الاتحادية بون، واستمر في منصبه لمدة ثلاث سنوات حيث تم تعيينه وكيلًا لشؤون الحج عام 1978م حتى عام 1990م ثم مدد له بالعمل مستشارًا لوزير الحج والأوقاف (الحج والعمرة حاليا ) وكان ذلك آخر منصب يشغله قبل أن يحال للتقاعد عام 2004.
وقد لا يعرف الكثيرون أن الأستاذ عبدالله بوقس- رحمه الله- كان أحد رواد الأدب المسرحي في بلادنا، إذ كتب الكثير من المسرحيات والقصصً التمثيلية المستوحاة من أدب الأطفال، من بينها: “حسن والثعلب المكار”، “طارق المغامر الجريء”، “فاتح السند”، “الورقة الممزقة”، “في سبيل المجد”.
كما كتب العديد من المؤلفات الأدبية والثقافية التي تناولت مواضيع فكرية مختلفة، وفي مقدمتها كتاب:” المنهاج الجديد في قواعد اللغة العربية” بالاشتراك مع الأستاذين أحمد إبراهيم ومحسن باروم، و”الرحلة المقدسة إلى بيت الله الحرام”، و”خواطر في التربية والتعليم”، و”صدى السنين”، الكتاب التربوي “بين الحضانة والروضة”، كما أصدر مجموعة قصصية عنوانها “خدعتني بحبها”، بالإضافة إلى تمثيليات مسرحية منها “الخليفة الزاهد عمر بن عبدالعزيز”، و”المتنبي شاعر العرب” وكانت فترة إدارته حافلة بالنشاط التربوي العلمي والثقافي والأدبي والفني والرياضي والكشفي، كما شجع بوادر الفعاليات والاحتفالات المدرسية في ختام كل عام دراسي؛ انطلاقًا من إيمانه العميق بأن (التربية) عملية متكاملة، وأنها الساحة الرحبة للنشاط الثقافي والأدبي والمعرفة… وكان عضوًا في نادي مكة الأدبي، كما شارك في مؤتمر المائدة المستديرة للعلوم الاجتماعية الذي عُقد في العاصمة السورية دمشق عام 1955م، وكان أول مؤتمر تُشارك فيه المملكة العربية السعودية بعد انضمامها لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة “اليونسكو”.كما شارك في كثير من الندوات الثقافية والتربوية والمؤتمرات الإقليمية والعربية والدولية.. توفي رحمه الله تعالى في نوفمبر 2009م تاركا أثرًا لا يمحى في ذاكرة كل من عرفه من طلابه وزملائه ومحبيه.