اجتماعية مقالات الكتاب

فوبيا السيارات الكهربائية

يتشاءم صديقي في كل مرة يستقبل فيها هاتفه المحمول رسالة عبر الواتساب بطلها تقني محترف يحتفل باقتنائه سيارة كهربائية، ويتنهّد أسىً عندما يعدّد هذا التقني المزايا الكثيرة التي تتفوّق فيها السيارة الكهربائية على السيارة التي تمشي على الوقود أو البترول، ومنها أنه بإمكانك أن تشحنها في المنزل طوال الليل إذا أردت أن تستخدمها في الصباح.

يقول صاحبي أنه لا يفهم في الفيزياء أو الكيمياء، وسيتورّط كثيراًعندما تتعرض بطارية السيارة لالتماس كهربائي ما.سيارة البنزين المعقّدة وأجزائها الكثيرة التي تمتلئ بها مقدمة السيارة، أسهل عليه من هذه السيارة الكهربائية التي لم يرها بعد، لكنه ينفر منها كما ينفر من أي معضلة كهربائية تؤدي إلى انقطاع الخدمة الكهربائية. أصعب شيء عنده هو انقطاع الكهرباء الدائم عن منزله المتواضع، بسبب ماس كهربائي عندما يهطل المطر، أوعندما تشتدّ وتيرة العواصف الترابية. لا يعرف كيف يعيد الخدمة للمنزل أمام إصرار زوجته على إصلاح هذا العطل الكهربائي الطارئ. ماذا لو توقّفت السيارة الكهربائية في عرض الشارع الذي يمتلئ بالسيارات بسبب عطل كهربائي فيزيائي ما؟ كيف سيجد الحلّ لهذه المعضلة وهو الذي يعتبر الفيزياء أصعب المواد لديه عندما كان يدرس في الثانوية العامة؟ كان بارعاً في حل مسائل معقَّدة تتعلق بالجهد الكهربائي والفولت والأمبير، لكنه لا يستطيع تركيب مصباح كهربائي، أو نجفة ليد LED صغيرة، أو هكذا يسمّونها، مخافة أن ينتهي به الأمر مطروحاً على الأرض، بسبب صعقة كهربائية لا يعرف من أين جاءت.

لذلك صاحبنا يحتفل كثيراً عندما يأتيه عبر هاتفه رسالة، أو خبر تتعلّق بحادث في كاليفورنيا حول سيارة كهربائية ذاتية القيادة، دهست رجلاً بسبب تعطّل الكاميرا التي تجعلها تتوقّف، وتهدّئ من سرعتها، عندما يعترض طريقها أي شخص، أو حيوان. من هو المجنون الذي يركب سيارة كهربائية ذاتية القيادة، ويترك الأمر للذكاء الصناعي يتدبّر الأمر؟ ماذا لو انطلقت هذه السيارة بأقصى سرعة بسبب أن نظام الكومبيوتر الخاص بالسيارة قد تعطّل (أو هنّق كما يقولون في مصطلحات الكومبيوتر)؟ هل سنحتاج عندها لمنقذ يسير بأقصى سرعة، يرمي السيارة المجنونة ببندقية من الخلف، ليكسر الزجاج، وبالتالي حل إشكالية هذا التعليق الخطير، وربما تنطلق الرصاصة إلى الركّاب الذين لا حول لهم ولا قوة. لن يركب مثل هذه السيارة إلا إيلون ماسك صاحب مصنع تيسلا الشهير لصناعة السيارات الكهربائية، الذي ظهر مؤخرا في معرض دعائي، لترويج سيارة المستقبل كما يسميها، وقد استخدم ماسك فعلاً شخصاً يطلق الرصاص على السيارة في عرض الفيديو التقديمي للسيارة الجديدة لإثبات قوة ومتانة هذه السيارة الكهربائية الجديدة التي لم تتأثّر أبداً. بدا شكل السيارة الكهربائية المصفحة ذاتية القيادة التي نزل منها ماسك، كما لو كانت مركبة فضائية في أحد أفلام الخيال العلمي المرعبة لهوليوود. كان صاحبنا هذا الذي ينتمي لجيل إكس الذين تتراوح أعمارهم بين الأربعين والستين، وتشكّلت ذاكرتهم التاريخية في اقتناء السيارات التقليدية، فاغراً فاه بدهشة كبيرة وهو ينظر إلى ماسك وهو ينزل من هذه السيارة. بدا كما لو كان قد قرّر أنه لن يدفع هللة واحدة لماسك في سبيل الحصول عليها.

khaledalawadh @

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *