أول مقال كتبته في حياتي ونشرته على صحيفة الحائط في المدرسة التجارية المتوسطة، كان يتناول الشباب وطاقاته وقدراته المتفجِّرة في الحياة، واليوم أجد نفسي أعود مرة أخرى، وأكتب عن الشباب، ولكن هذه المرة برؤية متطورة ومختلفة حول أهمية الأجيال الجديدة، ودورها في بناء المستقبل، هذا التوجه يأتي من منظور ولي العهد محمد بن سلمان، ليكون الأساس الذي تنطلق منه رؤية 2030.
تشكِّل رؤية الشباب، نافذة حيوية لفهم مستقبل المجتمعات، حيث تعكس هذه الرؤية القيَّم والتطلعات الجديدة التي تتناسب مع التحولات المتسارعة في العالم.
لا يمكن النظر إلى الشباب باعتبارهم امتدادًا تقليديًا للأجيال السابقة، فهم يحملون نظرة متجدِّدة للحياة تميزهم بالجرأة في مواجهة التحديات، هذه الرؤية ليست مجرد تطلع مستقبلي، بل هي دعوة لإعادة التفكير في القيّم والممارسات التي سادت لعقود.
يتمتع الشباب بقدرة على الإبتكار والتجديد، إذ إنهم غير مثقلين بالقيود التقليدية التي قد تعوق التفكير الإبداعي، هذا التحرر يتيح لهم فرصة إستكشاف حلول جديدة للتحديات العصرية التي نعيشها، مثل العولمة والتحولات الاقتصادية والتغيرات الاجتماعية والقيّم، والطفرات المناخية، والصراعات والتوترات السياسية الخ . بدلاً من الانغماس في أفكار قديمة، يتوجهون نحو تبنّي حلولا مستدامة وطويلة الأمد، وهو ما نلمسه في حركاتهم نحو التغيير الاجتماعي والبيئي.
إلى جانب ذلك، يشكِّل إرتباط الشباب بالتكنولوجيا، عاملًا رئيسيًا في تشّكيل رؤيتهم، فقد أتاح لهم العالم الرقمي الوصول إلى معلومات متنوعة، وتفاعلًا مع ثقافات وأفكار مختلفة، ممّا زاد من وعيهم بالقضايا العالمية. هذه القدرة على الوصول إلى المعرفة، تفتح أمامهم آفاقًا جديدة، وتعمِّق فهمهم لقضايا، مثل: حقوق الإنسان والعدالة الاجتماعية والقضايا البيئية، ممّا يعزَّز دورهم كقادة مستقبليين.
الإبداع والابتكار هما أيضًا جزء لا يتجزأ من نظرة الشباب للعالم، لقد نشأوا في بيئة تتغير باستمرار، ممّا جعلهم أكثر قدرة على التكيُّف مع المتغيرات، وتبنّي الأفكار الجديدة، يظهر هذا بوضوح في حركاتهم التي تدعو إلى المساواة والاستدامة، حيث يسعون إلى تغيير الأنظمة التقليدية التي يرون أنها غير قادرة على التعامل مع تحدّيات الحاضر والمستقبل.
ومن ناحية أخرى، يتميز الشباب بارتفاع مستوى التعاطف والذكاء الاجتماعي، إذ تربوا في عالم يتزايد فيه الحديث عن الصحة النفسية والشمولية، هذا الوعي العاطفي، يجعلهم أكثر تفهمًا واحترامًا للآخرين، ممّا يعزِّز من قدرتهم على بناء علاقات إجتماعية قائمة على الإحترام المتبادل.
وأخيرا، يعدّ فهم رؤية الشباب للحياة، مفتاحًا لتحقيق مستقبل أفضل، وأكثر استدامة وعدالة للمجتمعات.