جدة – ياسر خليل
كشف مختصون لـ”البلاد” أن هناك الكثير من الأعراض الجديدة التي بدأت تظهر على الأطفال بمختلف الشرائح العمرية بسبب تعلقهم بالهاتف الجوال، مؤكدين أن المعاناة وسط الأطفال أصبحت تتعلق بـ”النوموفوبيا” وهو مصطلح يستخدم لوصف الحالة النفسية التي يعاني منها بعض الصغار حسب مختلف أعمارهم عند انفصالهم عن الهاتف المحمول، وهو اختصار لمصطلح (No Mobile Phone Phobia) أي رهاب عدم استخدام الهاتف.
بداية يقول استاذ واستشاري غدد الصماء وسكري الأطفال بمستشفى جامعة الملك عبدالعزيز بجدة البروفيسور عبدالمعين عيد الأغا: بعد ظهور التقنيات بمختلف أشكالها وأنواعها ازداد تعامل البشرية بشكل عام والأطفال مع الأجهزة ، وهذا الأمر واقع نعيشه ونواكبه فلا يمكننا الابتعاد عنه ، ولكن عندما تظهر مشاكل ارتباط الأطفال بمختلف الشرائح العمرية بهذه الأجهزة لدرجة مؤثرة على الصحة فهذا الأمر بلا شك سيكون له تبعات سلبية عديدة ، فقد أثبتت العديد من التقارير الصحية العالمية ظهور مشاكل صحية عديدة في حياة الأطفال بسبب التقنيات وسوء استخدامها.
وتابع: بعض الأطفال يتوقعون أن عدم الاهتمام بالنوم الصحي بسبب الأجهزة والألعاب الالكترونية ليس له أي تأثير على الصحة، أو أن تعويض ساعات النوم كما يريدون يحل المشكلة، ولكن ما يجهلونه أن عدم حصولهم على ساعات النوم الصحية منذ وقت مبكر وعدم السهر له تأثير على هرمونات الجسم المسؤولة عن النمو الصحي وبلوغ الطول المناسب، فهناك هرمونات جعلها الله تفرز ليلاً عندما ينام الفرد مبكرًا ويستيقظ في الوقت المحدد.
وختم البروفيسور الأغا بقوله: يجب على الأسر توجيه أبنائها بحسن التعامل مع الأجهزة بعيدًا عن الارتباط النفسي العاطفي بالجهاز على مدار الساعة، فالتعلق الكبير بالأجهزة وخصوصًا الألعاب الالكترونية يؤدي إلى ضياع الوقت، وضعف التواصل الاجتماعي، وعدم القدرة على التعامل مع المواقف الاجتماعية في الحياة، وجميع التوصيات تحث على عدم تجاوز استخدام الأطفال للأجهزة عن ساعتين يومياً، في حين أن الهوس باللعبة حالياً يضاعف تلك الساعات مما يؤثر بالسلب على صحة الأطفال.
وفي السياق ذاته، يقول المستشار الاجتماعي والصحي طلال محمد الناشري: معظم الأطفال بمختلف الشرائح العمرية بدأوا يعانون من مشكلة “النوموفوبيا” عند انفصالهم عن الهاتف المحمول بسبب رهاب عدم استخدام الهاتف، وأهم أسبابه شدة التعلق بالأجهزة والألعاب الالكترونية، الشعور الشديد بالوحدة لمجرد ترك الهاتف، والخوف من عدم إمكانية الوصول إلى رسالة أو مكالمة مهمة ينتظرها الفرد، أو بسبب ضياع أو فقدان الهاتف في الماضي والخوف من تكرار فقدانه مرة أخرى.
وأضاف أن هناك بعض الأعراض للنوموفوبيا التي قد تظهر على الفرد منها القلق الشديد لمجرد التفكير في أن الجوال ليس معه، أو ليس له القدرة على استخدامه، والقلق الشديد عند عدم تمكنه من إيجاد هاتفه، وهناك أعراض أخرى عندما تكون الحالة متطورة جدًا مثل الشعور بضيق الصدر وقد يصل إلى صعوبة في التنفس.
وختم الناشري حديثه بقوله: هناك دراسة أجرتها مجموعة “سوبيريور” للاستشارات إلى أن 59% من الأطفال في منطقة الشرق الأوسط لديهم حالة الـ”نوموفوبيا”، وأكدت الدراسة على أن مشكلة إدمان وسائل التقنية لدى الأطفال بمختلف الشرائح العمرية قد أصبحت مؤرقة للأسر، لما لها من تأثير كبير على صحة الطفل، وسلوكه وبناء شخصيته وتفاعله في الأسرة والمجتمع.
من جانبه، يقول الدكتور عمر قصي قنبر الباحث في طب النوم بمركز طب وبحوث النوم بمستشفى جامعة الملك عبدالعزيز بجدة، أن الأطفال بمختلف أعمارهم الذين يسهرون وراء الجوال لساعات طويلة جدًا دون إعطاء الجسد حقه من ساعات النوم قد يتعرضون كثيرًا لمشكلة النوم القهري نهارًا بجانب النعاس المتكرر.
ومضى قائلاً: النوم القهري هو اضطراب تضعف فيه القدرة على تنظيم دورات النوم والاستيقاظ، وبالتالي تكون الحدود الطبيعية بين النوم واليقظة ضعيفة، حيث ينتج عن ذلك غفوات متكررة ومفاجئة وحدوث لعناصر النوم أثناء اليقظة وقد يشكل هذا المرض خطراً حقيقيًا، وأهم الأعراض المصاحبة للمرض تشمل النوم أو النعاس المفرط بل وربما نوبات من النوم المفاجئة، حيث يمكن للفرد أن يغفو أثناء النهار دون سابق إنذار.
ونصح قنبر جميع الأطفال بمختلف أعمارهم بالنوم المبكر وتجنب السهر وحصر ساعات استخدام الجوال والأجهزة وعدم استخدامها قبل النوم فذلك يزيد من مشكلة السهر وقد يمهد للأرق وصعوبة الدخول في مراحل النوم بالطريقة الصحية، مع ضرورة تهيئة غرفة النوم بطريقة صحية.