ليس من عادتي أن أتطرق الى الأحداث التى تؤلم النفس البشرية ،إذ يكفي مانشاهده كل لحظة على وسائط التواصل الرقمية من دماء وأشلاء وموتى، وممارسات الحقد والكراهية والظلم الذي يقع على الغزاويين ، وكيف يعيشون ويتعاملون مع كل لحظة قادمة في الحياة.
إلا أن أحداث السادس من أكتوبر 2023 ، فرضت عليّ أن أفضّفض عمّا يدور في خلجات نفسي وعقلي وقلبي وأنا أشاهد أن حياة الغزاويون تحسب بالثواني والدقائق وليست بالسنين.
تمتد آثار هذه الحرب النفسية والإقتصادية والصحية والإجتماعية والثقافية وغيرها على عدة أجيال قادمة . يتنازع كل تلك الآثار ، البحث عن الأمل في المستقبل إذا كان هناك من يصنع لهم الأمل بقوة إيمانهم وعزيمتهم وإصرارهم على الحياة ، ولكن للأسف لا أرى أن المجتمع الدولي قادر على صنع الأمل والسلام والسلامة لهم .
الأجيال الجديدة في غزة ومن حولهم أجيال العالم ، وهم يشاهدون ما يجري هناك من ممارسات ظالمة وأحداث العنف والقتل والتدمير والتشريد والإبادة الجماعية والتي تتسبب في فقدان الأسر والعائلات وجميع مقومات الحياة الأساسية ، مثل هذ الممارسات والتجارب تخلق لديهم شعوراً متجذِّرا بالظلم والغُبن والذعر والخوف والقلق والتوتر والإكتئاب وأمراض نفسية وعضوية تتطلب علاجاً ، بما يسمي علاج ما بعد الصدمة بالتزامن مع إعادة بناء البشر قبل الحجر.
هذه الحرب وغيرها من الحروب التي فرضت على الفلسطينيين ،كانت ولا زالت مليئة بالتحديات ولكن إيمانهم وإرادتهم وقوتهم وتصميمهم على مواصلة الحياة وإسترجاع حقوقهم المسلوبة ، جعل منهم أسطورة في الكفاح وقدوة لشعوب العالم المقهورة.
لقد تم تدمير غزة بالكامل من مبان سكنية ومدارس ومستشفيات وبنى تحتية خاصة بشبكات المياه والكهرباء والإتصالات والطرق الخ ، كل ذلك يتطلب موارد مالية ضخمة ودوراً رئيسياً مكثّفا وفاعلاً من المجتمع والمنظمات الدولية ، وخططاً استراتيجية لإعادة البناء والإعمار.
لذلك كله ، أرى وأشدِّد بقوة على أن هذه مسؤلية الدولة المعتدية إسرائيل ومن والاها بالسلاح والمال والمعلومات وليس غيرهم ، فمن الواجب أن تضطلع تلك الدول بهذه المسؤلية المحورية والهامة من أجل بثّ الأمل وإعادة الحياة والحقوق للشعب الفلسطيني الذي عانى لأكثر من 75 عاماً ظلماً وقهراً ودماراً وتشريداً دونما أدني ذنب إقترفه.