يحلو للبعض أن يصف الملك عبدالعزيز بالمؤسس لهذه الدولة، فيما يرى آخرون أنه الموحد لتأسيس بدأ قبل ثلاثة قرون.
فرمز هذه البلاد وحَّدَ أطراف بلد مترامي الأطراف، جمعه على كلمة واحدة، وكيان واحد، ودولة واحدة.
إذا أردت أن ترى عِظَمَ الكيان الذي وحّده الملك عبدالعزيز، فانظر إلى مساحته وقارنها بمساحات مئات الدول، ستكتشف أن ما تم في عام 1932 ، معجزة أُنجزتْ في صحراء كانت في ذلك الوقت قاحلة لا موارد للحياة فيها، ولا سُبُل للمعيشة تضمُّها، بل كانت صحارى طاردة للعيش.
لذلك لم يفكر فيها محتل، ولم يقترب منها طامع، ولم يحتمل العيش فيها غريبٌ.
إن المتأملَ فيما حدث من قيام لهذه الدولة على ثلاثِ مراحلَ ،ليسبُرُ أن هناك إرادة إلهية اقتضت كل ما حدث ، فما إن ضعُفت الدولة الأولى التي نشأت في فبراير 1727 وسقطت في ديسمبر 1818، حتى قيّض الله من ينهض بالدولة الثانية لتستمر 75 عاماً، ثم تقتضي إرادة الله أن تضعُف وتسقط عام 1891 لأسباب سجلها التاريخ ووثقها المؤرخون.
ويشاء الله أن تعود الدولةُ من جديد وتنهضَ فيما بعد لأسباب قد يكون من أبرزها حفظ الله لها لأنها حفظت دين السماء وديانة رب السماء وقامت على سُنة من بُعِثَ بوحي من السماء.
دولة تشكّلت بتآزر أبنائها مع بعضِهم، وتعاضُدِهم على رأي واحد ،وتوجُّه واحد ،وهدف واحد، ثم اجتماعهم على كلمة قائدهم.
إن قيام الدولة السعودية بداية من عام 1727 وتوحيدها عام 1932 ، قصة ستظل تُروى ، وحكاياتٌ ستبقى تُحكى ، لدولة ظلت ثلاثة قرون تقف ثم تتعثر ثم تعود أقوى مما كانت.
دولة عبدالعزيز ورفاقه الأربعون الذين فتحوا الرياض دولة ستظل مادة للمؤرخين والكتاب لأنها معجزة نهضت في قلب صحراء جرداء لا حياة فيها ولا ماء لكنها قامت بإرادة رب السماء، وصولاً إلى عهد الخير والنماء، عهد سلمان الحكمة والتاريخ وشيخُ القُراء، ومحمد العز والمنعةُ والإباء.
دولة سلمان ومحمد تقف اليوم في مقدمة العالم رسوخاً وتجذُّراً، تأثيراً وأثراً، كياناً وتكوناً، قوةً ومنعةً.
دولةٌ صمدت في وجه أعاصير عاتية، وجابهت مؤمرات قذرة وما زالت على مواقفها باقية، ولصعودها مواصلة، ولنموها محققة.
يكفيك فخراً يا مواطن هذه الدولة ويا ابن هذه البلاد ، أنك في بلاد تتجهُ إليها الأنظار وتُنصتُ لها الأسماع في كل قضية تُلِمُ بالمنطقة خاصةً وعالمها الإسلامي على وجه العموم، بل إن كلمة المملكة العربية السعودية تُنْتَظرْ في جُلِ قضايا العالم.