جدة – ياسر خليل
يشكِّل “الشخير” ظاهرة طبية مثيرة للإهتمام في الوقت الحالي، إذ إنه مع تزايد انتشار مشكلة الشخير في المجتمع، أصبح من المهم البحث عن علاقة هذه الظاهرة وزيادة حالات السُمنة وتقنيات علاج هذه المشكلة المزعجة.
وكشف مختصان في طب وبحوث النوم ، أن هناك حلولاً عدة لتفادة مشكلة الشخير، إذ يرى كل من إستشاري طب النوم بمركز طب وبحوث النوم بجامعة الملك عبدالعزيز فرع رابغ الدكتور وائل العمودي، والباحث في طب النوم بمركز طب وبحوث النوم بمستشفى جامعة الملك عبدالعزيز بجدة الدكتور عمر قصي قنبر، أن الشخير قد يكون إشارة لوجود بعض الإضطرابات الخطيرة مثل انقطاع النفس النومي، ولذلك يجب مراجعة الأطباء والإستشاريين المختصين للتأكد من عدم وجود انقطاع في النفس أثناء النوم، والذي يستدعي علاجًا مختلفًا عن الشخير المعتاد.
وأوضحا أن إحدى الدراسات التي أجريت بمركز طب وبحوث النوم بمستشفى جامعة الملك عبد العزيز بجدة، بينت أن نسبة انتشار الشخير ككل في المجتمع السعودي تصل إلى 40 %، وهذا يؤكد على أهمية هذا الموضوع وضرورة دراسته، كما أظهرت أيضاً أن ربع المجتمع يعاني بما يعرف بالشخير الاعتيادي وهو الشخير الذي يتكرر ثلاث ليال أسبوعيا فأكثر.
ولفت د. العمودي ود. قنبر إلى أن الدراسات الحديثة أشارت إلى وجود ارتباط وثيق بين الشخير وزيادة السمنة، إذ يعزى ذلك جزئياً إلى التأثير السلبي لزيادة الوزن على هيكل الحنجرة والأنسجة المحيطة بها، مما يزيد من احتمال حدوث انسداد في مجرى الهواء أثناء النوم، إضافة إلى ذلك تلعب السمنة أيضا دوراً في تغيير وظائف الجهاز التنفسي، حيث يمكن أن تتسبب الدهون الزائدة في مناطق معينة من الجسم اضطرابات في نمط التنفس أثناء النوم، مما يسهم في زيادة احتمالية حدوث الشخير.
وتابعا بالقول: “لا يمكن إلقاء اللوم بشكل حصري على السمنة، لوجود عوامل أخرى تسهم في انتشار مشكلة الشخير، منها مشاكل مجرى التنفس كانسداد الأنف واللحميات حيث يؤدي إلى زيادة الضغط في المجرى الهوائي، مما يجعل الهواء يتدفق بسرعة أكبر، والذي يساهم بدوره إلى اهتزاز الأنسجة الرخوة وتكون الشخير، أيضا تعتبر الأدوية المهدئة والمنومة أحد هذه العوامل حيث تسبب انخفاضًا في مقاومة العضلات، والذي يؤدي إلى استرخاء زائد في أنسجة الحلق وزيادة احتمال حدوث الشخير، كما يزيد التدخين من تهيج الأنسجة واحتقانها، وأيضاً نجد أن وضعيات النوم المختلفة تلعب دوراً في تخفيف أو زيادة الشخير، حيث أن احتمالية حدوثه تكون الأعلى عند النوم على الظهر وتقل عند النوم على الجنب ولذلك ينصح به، وتعتبر أيضاً التغيرات في نمط الحياة اليومي مثل قلة النشاط البدني، واستهلاك الطعام الغني بالدهون، وزيادة القلق والضغوط النفسية من العوامل التي تؤثر على الوظائف الحيوية للجهاز التنفسي وتسهم في حدوث الشخير، لذلك يظهر أن السمنة ليست السبب الوحيد، ولكنها جزء من تلك العوامل المتشعبة، ولقد تطورت وسائل علاج الشخير بشكل كبير خلال السنوات الأخيرة، حيث أن التقنيات الحديثة أدت إلى توفير حلول أكثر فعالية وراحة للأفراد المتأثرين، وذلك يعتمد على سبب الشخير”.
ونوها أن العديد من الدراسات الطبية والتجارب السريرية تقوم بتسليط الضوء على أهمية الحفاظ على وزن صحي والتخلص من الوزن الزائد وممارسة الرياضة والالتزام بنظام غذائي صحي كأساليب فعّالة للتخلص من مشكلة الشخير بالأخص لو كانت المشكلة مرتبطة بالسمنة، حيث ان تخفيف الوزن يؤدي إلى تقليل الدهون في مناطق معينة، مثل منطقة الحلق والرقبة، مما يقلل من احتمالية انسداد المجرى الهوائي. بالإضافة الى تحسين وظائف الجهاز التنفسي، أما ممارسة الرياضة تساعد على تقوية العضلات في جميع أنحاء الجسم، بما في ذلك العضلات الموجودة في منطقة الحلق واللسان، فتقوية هذه العضلات قد يقلل من اهتزازها وبالتالي تقليل حدوث الشخير، بالإضافة إلى أن تحسين اللياقة العامة يمكن أن يسهم في تحسين نوعية النوم، والنوم الجيد يقلل من احتمالية حدوث الشخير. وبالأخص لو كانت ممارسة الرياضة مصحوبة بنمط غذائي صحي وتجنب تناول الوجبات الثقيلة قبل النوم.
وأكد كل من د. العمودي ود. قنبر أن من أبرز الطرق للحدّ والتقليل من الشخير ، جهاز تقديم الفك السفلي والذي يوضع عند النوم ويزال بكل سهولة عند الاستيقاظ، كما أن هناك وسائل جديدة تم تطويرها لتحسين نوعية النوم وتقليل تكرار الشخير، تشمل استخدام أدوية مزيلة للاحتقان وبعض الأجهزة الخارجية كشرائط الأنف للحفاظ على مجرى التنفس مفتوحاً أو التوجه للعلاج الجراحي كأخر الحلول، لاسيما لو كان الانسداد مستمراً .
من جهة أخرى، تم تحسين عمليات الجراحة للتعامل مع مشكلات الشخير، الهدف منها هو تقليص أو إزالة الأنسجة الزائدة أو تصحيح مشكلة هيكلية (مثل انحراف الحاجز الأنفي) عبر عمليات جراحية دقيقة تعدّ من بين الحلول الفعّالة ، إضافة إلى ذلك، توفر تقنيات الليزر الحديثة تحسيناً في إجراءات العلاج وتقليل المضاعفات الجراحية ، كما يعتبر أيضا التوقف عن التدخين أحد اهم الخطوات العلاجية ،وأيضا تقنين استعمال الأدوية المهدئة والمنوِّمة والتي يجب أن يكون تحت إشراف طبيب ، وأيضا علاج مشاكل القلق والتوتر يمكن ان يسهم في العلاج حيث ان تقنيات إدارة التوتر مثل التمارين التنفسية والاسترخاء قد تكون مفيدة في تحسين الشخير في مثل هذه الحالات وتحسين جودة الحياة الصحية.