*رؤية محمد بن سلمان في “العلا” طموح كل عربي ومفاجأة إبداعية في البلدة القديمة
* لم يهاتفني أحد لإبلاغي بالوظيفة الحكومية واختاروا زوجي لهذه المهمة
* استغليت توزيري لأكتب فصلاً للثقافة في “مجلس الوزراء”
*خلافي مع وزير الإعلام السابق وراء إبعادي من المنصب
*”ما فيهم رجاجيل” مقولة رددتها في مجلس النواب وتحولت لاحتفال سنوي
* “صدام” أشعل غضبي ضد الراحل غازي القصيبي ورسالتي لم تصله
* هذه حقيقة موقفي مع مثقفين عرب خذلوني ومهما حاولوا العودة فلن أسامح
الرياض: البلاد
أكدت الشيخة مي بنت محمد آل خليفة وزيرة الثقافة والإعلام سابقاً، عضو المجلس الاستشاري لهيئة تطوير العلا، أن مشروع “مكان الذاكرة”، الذي ينفذه مركز الشيخ إبراهيم البحريني “كمركز للخبرة”، في البلدة القديمة بالعلا، سيكون مفاجأة كبيرة للجميع، لافتة إلى أنه المأمول افتتاحه في ديسمبر المقبل، مشيرة إلى أنه يعمل عليه فريق متخصص من بينهم مصمم ومهندس فرنسي شهير معروف بلمساته الإبداعية والجمالية، ليوازن ما بين التطوير والحفاظ على التراث.
وكشفت في الحلقة الأولى لبرنامج “مخيال” الذي دشن انطلاقته الجمعة ويستمر أسبوعياً على القناة السعودية الأولى ويقدمه الإعلامي عبدالله البندر، ويمكن مشاهدته عبر منصة “شاهد”، أن عملها متواصل مع الهيئة الملكية لتطوير العلا، وقالت ما يحدث يبهجني جداً إذ أصبحت العلا الوجهة للسياحة الثقافية في السعودية، والآن من الصعب العثور على حجز في أحد فنادقها إلا في وقت مبكر.
ووصفت الرؤية الثقافية التي يتبناها سمو ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان، هي ما كانت تتمناه للبحرين ولكل بلد عربي، حيث التركيز على الهوية والمواقع الأثرية، واستقطاب الخبرات من العالم أجمع.
وقالت: “الآن في العلا تجد ما يبهرك ما بين التطوير والحفاظ على الهوية والخصوصية والسياحة الثقافية”.
تاريخ البحرين
وتطرقت الشيخة مي بنت محمد آل خليفة، إلى أصول آل خليفة، وقصة نزوحهم من الجزيرة العربية سواء النزوح الأول، وكيفية تسلسل وانتقال الحكم في البحرين، واستقلال البحرين في عهد الشيخ عيسى بن سلمان.
وروت جوانب مضيئة من إنسانية الشيخ عيسى بن سلمان الذي تولى الحكم، وعددت مناقبه وما تميز به من حضور كبير وكرم وصيت، وحرصه واهتمامه بمناطق البحرين، والتي يتذكرها من عاصره.
وبينت كيفية رحيله، “حيث أصيب بالقلب أثناء أزمة الخليج، فلم يحتمل قلبه ما أصاب الكويت وتلك الصدمات وتوفى إثر تلك العلة”.
حكم الملك حمد
وتناولت الشيخة مي في اللقاء بدايات تولي الملك حمد بن عيسى الحكم في البحرين، وما صاحب ذلك من تحولات كبيرة وما اشتمل عليه الميثاق الوطني.
وكشفت بدايات عملها في الحكومة، مؤكدة أنه كانت البيئة لهذه الدعوة إصلاحية، وقالت “لم نستطع أن نرفض أمراً لجلالة الملك، بالمساهمة جميعنا”، واصفة تلك الفترة بالمتميزة جداً.
وأوضحت أنها قبل تكليفها لم تكن تعمل في الحكومة، بل منصرفة للكتابة والرسم كهواية، وقالت “كنت سيدة في بيتي، والهم الأكبر لي الكتابة التاريخية”.
وأشارت إلى تفاصيل عملها في الحكومة في قطاع الثقافة، عندما جاءتها الدعوة للالتحاق لمنصب الوكيل المساعد للثقافة والتراث.
وقالت كان الأمر غريباً بالنسبة لي ماذا سأفعل في القطاع الحكومي، فأنا إنسانة حرة أعمل “بمزاج” وأختار موضوعاتي بنفسي بحرية، فكيف أمارس العمل الرسمي؟
وأضافت “لم يحدثونني مباشرة، بل تحدثوا مع زوجي ربما كان هناك تحفظاً في الحديث مع سيدة من الأسرة، وكنت مترددة، لأن العمل الرسمي جديد علي ولم يكن حولي من يعمل في مؤسسة رسمية”، لافتة إلى أن من تحدث مع زوجها كان معالي نبيل حمر وزير الإعلام آنذاك، والذي يعمل حالياً مستشاراً إعلامياً لجلالة الملك.
وبينت الشيخة مي أن زوجها دعاها لخوض التجربة، وقالت “نصحني بأن أجرب وإذا لم تعجبني يمكنني تركها، ولم أكن أدري بالطبع أنني سأترك الوظيفة بعد عام وبضعة شهور”.
واعتبرت أن “مركز الشيخ إبراهيم” المركز الثقافي الأهلي الذي تأسس بجهود أهلية، هو الذي فتح لها الأبواب للعمل الحكومي.
الاستقالة من الوظيفة
وتحدثت عن استقالتها عن العمل في يناير 2004، وقالت “كانت هناك أسباب كثيرة، فالهدف الأساسي من العمل في القطاع الرسمي تحقيق بنية تحتية للثقافة، وكان لدي حلم بناء متحف لموقع قلعة البحرين وإدراجها في قائمة التراث الإنساني العالمي، وكانت أول زيارة لي لبلد أوروبي إلى الدانمرك، لجلب قطع من الأثار في الاحتفالية في عام 2004 بمناسبة مرور 50 عاماً على اكتشاف حضارة دلمون”.
وأضافت “اكتشفت يومها أن هناك متحفاً يعتبر متحفاً لأول موقع مسجل لديهم في قائمة التراث الإنساني وهو كنيسة وتصميم مركز الزوار كان على مستوى عالي من الجودة وأنا مغرمة بالهندسة، لذا دعوت هذا المهندس في أول سنة لي بالعمل الرسمي، وطرحت مسابقة لإنشاء مسرح وطني ولم أجد استجابة في المؤسسة الرسمية”، مما دفعها لتقديم استقالتها.
وحول السبب في عدم الرد، قالت الشيخة مي: “دائما الثقافة ليست من الأولويات في وضع الميزانيات الحكومية، لذا فإنه بعد عودتي للعمل الرسمي في عام 2005، عملت على إطلاق مشروع الاستثمار في الثقافة حيث استطعت بدعم القطاع الخاص، إنشاء عدد من المشاريع مثل المتحف الذي تركت العمل بسببه، بدعم كريم من أحد البنوك، كما أن المسرح الوطني جاء بدعم كريم من جلالة الملك بالكامل”.
وقالت “لذلك كان خروجي من العمل في المرة الأولى لعدم تحقق هذه المشاريع، وبعد عودتي عملت على نقلها لأرض الواقع”.
وقالت “استقالتي لم تقبل مباشرة حيث قدمتها لصاحب السمو الملكي الأمير خليفة “رحمه الله” ولم أجد رداً ولم يعين شخصاً آخر في منصبي”.
ولكن بعد عام ونصف العام بعدما تغيرت الإدارة جاءت دعوتي للعودة لمنصبي مع المطالبة باستقلالية الثقافة عن الإعلام.
الإقالة بعد العودة
وتحدثت الشيخة مي عن تفاصيل إقالتها في 18 مايو و2008 والذي يصادف يوم المتاحف العالمي،
وقالت “كان هناك وزيراً جديداً للإعلام اسمه جهاد أبو كمال، وهو كان رجل أعمال، وكانت الثقافة قطاع يتبع لوزارة الإعلام، وهو كان دخيل على الثقافة ولم يكن يجد الأولوية في الثقافة كما نراها، على سبيل المثال كانت لدينا استضافة لمعرض ثقافي وكان يرى أنه لا داعي لهذه الاستضافة، لكنني حققت هذا المعرض بدعم القطاع الخاص”.
وبينت أن هناك نوعاً من الخلاف أدى للإقالة، وطلب مني أحد كبار المسؤولين في البحرين ترك العمل حتى لا يتأزم الخلاف مع الوزير الجديد، والذي تسلم موقعه وقتها قبل أقل من 6 شهور، فتمت إقالتي.
كيف تغيرت وزارة الإعلام
وأضافت الشيخة مي “الملفت أنه بعد 6 شهور فقط من الإقالة كان تعييني وزيرة للثقافة والإعلام بديلة لهذا الوزير”.
وأشارت إلى أن لها تواصل وجسور مع المؤسسات العالمية، وكانت في مؤتمر معني بالترويج للسياحة الثقافية، وكانت في إيطاليا مع اليونسكو ووصلتها مكالمة برغبة جلالة الملك بعودتها للعمل، من معالي وزير الديوان الشيخ خالد بن أحمد، حيث كان الطلب أن أكون وزيرة للإعلام، وقلت ليتها تكون وزارة للثقافة والإعلام مثل السعودية ولبروز الثقافة، ولبوا هذه الرغبة”.
أول سفيرة يهودية للبحرين
كما تحدثت الوزيرة السابقة عن أصداء تعيين أول سفيرة يهودية من البحرين هدى نانو لدى أمريكا في عام 2008، وقالت “كانت الأصداء جميلة، وكنا نعرفها جيدة فهي مواطنة بحرينية ونحن لا نختلف على الدين، مجتمعنا منفتح، وهو أمر طبيعي، وعبره تم نقل رسالة حضارية عن طبيعة البحرين”.
أحداث البحرين
وعن أحداث البحرين التي وقعت في 14 فبراير 2014، أشارت الشيخة مي إلى أنها كانت آنذاك تتولى منصب وزيرة الثقافة والسياحة بعدما تم فصل وزارة الإعلام “في عام 2010”.
وقالت الأحداث كانت دخيلة على البحرين وأهله المسالمين، وكانت هناك عناصر أجنبية تسعى لخلق الفتنة، وهناك مخطط للمنطقة بأكملها، وكان دعم السعودية واضحاً لدعم البحرين وعروبتها وضد من يحاول المس بأمنها، وكان دورنا تصحيح ما ينقله الإعلام في المحطات الخارجية لأنهم كانوا يبالغون في نقل الأحداث وما يدور في البحرين”.
كيف تم الخذلان
وكشفت أنها خُذلت من بعض المثقفين العرب ممن كانت تلتقيهم في باريس بالتحديد، مشيرة إلى أنه خلال فترة تركها للعمل الحكومي كانت تخطط لمشاريع أكبر، وكان يتحدث هؤلاء المثقفين عن مساحة الحرية في البحرين بعدما زاروها، لكن كثير منهم بدأ يكتب في الصحف مساندتهم للدخيلين على البحرين، وقالت “هم سقطوا من قائمة الأسماء التي كنت أعرفها أو احترمها، بسبب الموقف ضد بلدي ووطني ولم يكن موقفاً شخصياً، وهم إلى اليوم يحاولون مد جسور التواصل معي ولا يمكن أن أتجاوز هذا الأمر أو أسامحهم”.
الخلاف مع مجلس النواب
وحول بدايات الخلاف الذي أدى لاحقاً لملاسنات في مجلس النواب البحريني في عام 2012، وصفت الشيخة مي ذلك بأنه تعدي سافر وغير واقعي.
وقالت:
قبل يوم من حضوري أمام مجلس النواب، كانت هناك حرب في مركز الشيخ إبراهيم، وهو مؤسسة أهلية لا علاقة له بمنصبي الرسمي، هم حاولوا أن يوظفوا الحدث بحشد مجموعة من الأطفال جلبوهم من مناطق مختلفة، هم من يعارضون ربيع الثقافة والمتشددين تحت مسمى “ربيع الإيمان” وكانوا يعارضون العزف الموسيقي، وكانت حفلة لأشهر عازفات القانون، بهدف إنساني لجمع تبرعات لمرضى السرطان.
هم كانوا يحاولون يضيقون علينا، والأمر كان غير طبيعياً، وكان تعدياً بالكلام والحركات، والغريب أن الكل انصرف من هذا المكان بما فيهم أعضاء من مجلس النواب، وأحدهم المسؤول عن وزراء الدولة.
وفي اليوم التالي طلبوا استجوابي وألقاه المرحوم سمو الشيخ خليفة، وقلت وقتها لهم “ما فيهم رجاجيل”، وبات مصطلح يرددونه الناس يحتفلون به سنوياً، وأعتقد أن الرجولة هي الموقف، وهم ليسوا أهلاً لهذا المنصب.
الإقالة
وأضافت الشيخة مي إلى أنها استمرت في منصبها، لكن بعد سنتين تغير الوضع، ليتم العمل على تحويل منصبها من وزارة إلى هيئة للثقافة، حيث أن النظام يحدد عدم استجواب رئيس الهيئة أو حتى حضور جلسات مجلس الوزراء، وقالت “ربما كان ذلك أحد الأسباب لإبعادي حتى لا أتعرض لهذا الموقف المحرج مرة أخرى، ولكن كان بالنسبة لي كان الأسهل أن أترك العمل وتكون هناك إقالة على ألا تخرج الثقافة من المؤسسة الرسمية في التجمع الأسبوعي المهم”.
العلاقة مع غازي القصيبي
وتطرقت الشيخة مي إلى علاقتها بالراحل غازي القصيبي، وأكدت اعتزازها بصداقته، “والمواقف القليلة التي التقيته مؤثرة، وذات مرة قدم محاضرة في مركز الشيخ إبراهيم، وجاء لدعمي حين كنت خارج المؤسسة الرسمية وكنت حديثة عهد بالمؤسسة الرسمية، وكان له خبرة طويلة حيث كان وزيراً للمياه في السعودية، وزارني مع زوجته عند افتتاح بيت الشعر للشاعر إبراهيم العريض، واطلع على المكان وحفظ المأثورات، وطلب من زوجته أن تترك مأثوراته بعد رحيله مثل الراحل العريض، وتم تنفيذ وصيته فكانت “منامة القصيبي” في 2019 وهو منزل صغير ضم طاولة تروي قصة حياته بصوته وفق التكنولوجيا الحديثة، لنعطيه حقه كقامة كبيرة، وهو أكثر استقطاباً للزوار من السعودية.
غضبي من القصيبي
كما تحدثت عن تفاصيل غضبها من الراحل القصيبي “عندما غزا صدام حسين الكويت، كتب غازي القصيبي في عموده المعتاد، مقالاً بعنوان “أيتها الماجنة صدام حسين” فغضبت لأنه أن يتم تحقير صدام بأنه امرأة فهذه كبيرة بالنسبة لي، وكنت في الطائرة على رحلة إلى لندن، وكتبت رسالة “عتاب محب” أرسلتها له لمقر السفارة في لندن حيث كان سفيراً هناك، ولم تصله الرسالة للأسف، وهو ما روته لي زوجته لاحقاً.
خروجه من الهيئة 2022
واعتبرت الشيخة مي مشاهد الدموع التي رافقت خروجها ووداعها من العمل الحكومي بأنها طبيعية، “لأنها المحبة ولم نكن نعمل مثل موظفي الحكومة، بل كنا نعمل كشخص يخدم وطنه، العمل كان بشغف وبمحبة، ولم نكن نلتزم بقواعد رسمية ولا بدوام، بل بخدمة الوطن”.
وحول رضاها عن أداء الثقافة، قالت “دائماً لست راضية عن دور الثقافة في البحرين، ولم أكن منذ اليوم الأول قابلة للدور، فهي تحتاج لمساحة وميزانية أكبر”.
وعما إذا كانت ستوافق للعودة للثقافة إذا ما تمت دعوتها لذلك، قالت هي فترة وانتهت، أحب أن أعمل في وزارة البلديات، لأن المشهد العام للبلدان أول ما يصدمك، التخطيط العمراني والمساحات الخضراء وترتيب النظافة، هاجس موجود”.
وبينت أنها كانت في 2011 جاءت بمصمم لتصميم الشوارع في البحرين من المطار إلى المرفأ المالي، كنت أريد مشاهدة الشوارع بأبهى صورة، وأجمل ترتيب وهو أمر لا يملكه موظفون اعتياديون لابد من أن يكون هناك مختص وتخطيط.
وأشارت إلى أنها كانت في خلاف دائم في مجلس الوزراء، مع وزراء البلديات بهذا الشأن.
الراحة
وحول اتجاهها للراحة بعد سنوات العطاء، قالت الشيخة مي هناك الكثير الذي يمكن أن يتحقق، هناك فكرة حالياً لتأسيس مركز إقليمي للصندوق العالمي للآثار، أنا أخترت ضمن البورد الاستشاري لهذا الصندوق، وفي نيويورك يحتفل الصندوق بمرور 60 عاماً على تأسيس المركز، وهو مؤسسة أهلية غير ربحية تعني بموقع التراث في العالم أجمع، ولديها أكثر من 50 موقعاً في العالم، وفي البلدان العربية لديها مشاريع في مصر وعمان وليبيا والسودان وغيرها من البلدان العربية، وجاءت الفكرة بأن أتولى رئاسة المركز الإقليمي وسيكون مقره في بيت العرب، وهو الموقع المقابل لبيت “منامة غازي القصيبي” في المنامة، وهو مشروع مستقبلي نأمل أن يتحقق.
وأوضحت أن الفكرة من بيت العرب أن يكون هناك بيت يضم كل الأقطار العربية، ومكتبة تضم كتبا عن العمارة في الوطن العربي، ومكتبة لتعليمه النطق السليم للغة العربية عبر القرآن أو الأشعار أو الموسيقى.
وهو مشروع بدعم من حاكم الشارقة الشيخ الدكتور سلطان القاسمي.