تحت صفة الأخلاق الحميدة،ومسمّى “تكّبير العقل”، غالبًا نتغاضى عن أفعال الأخرين المسيئة لنا، بأنهم عديمو تربية أو صغار في السن أو حتى مصابون بأمراض تسبّب لهم الغضب، ما يجعلهم يتطاولوا علينا بالقول الجارح، فقط علينا أن نتجاوز افعالهم دون ردّ الإعتبارلأنفسنا وتراكم ما نشعر به من انكسارات في قلوبنا نتيجة لتكرار تلك الأفعال منهم.
وحتى اليوم أتعجب من أولئك الذين لازالوا يناقشوني في ردّ الإعتبار لنفسي كلما اتخذته حين يتجاوز أحدهم قوله معي، وخصوصًا أني أعمل في منشأة تستقبل الكثير من المراجعين، فلست مسؤولة عن سبب تأخير أحدهم ثم يأتي مطالبًا متطاولًا على الجميع بإدخاله في وقت مراجع آخر، لا أسكت هنا بل أواجهه بحقائق الوقت والمواعيد واحترام المكان بأعصاب هادئة تجعله يأتي بعد الانتهاء من موعده معتذرًا، مبررًا تصرفه بأسباب واهية لكن بالمقابل ابتسم لأنه يستحق ردة فعل اللطف مني.
بطبيعة الحال نحن لسنا أوعية لاحتمال أفعال الآخرين المسيئة لنا، ومن الخطأ عدم مواجهتهم بما أخطأوا فيه، لأني حين “أكبر راسي”- ويفعل البعض مثلي ثم لا يجد تنبيهًا أو توجيهًا بما اخطأ فيه، يضعه تكرار ذلك في مرحلة التمادي على الآخرين بالقول والفعل وقد يصل للصراخ أو التنمُّر دون مراعاة شعور الشخص الذي يقال له ذلك، مما يتسبب له بالحزن والانكسار لأن صمته كان نتيجة أخلاقه الحميدةالتي تمنعه من الرد على مثل هؤلاء.
في المقابل فإن وضع التربية ضمن إطار هذه الصفة خاطئ، وكثيرًا ما نسمعها حين نستعد للرد أو اتخاذ إجراء نتيجة ذلك، بإن يسعى أحدهم -لتطييب خاطرنا- نتجية ماشعرنا به من الأذى أو لومنا بأنه كان من المفترض اتخاذ أن الصمت هو فعل القوة تجاه المخطئ، ففي الحقيقة لاعلاقة للتربية بذلك، فكل والدين يسعيا لأن يكون صغارهم مثاليين في الأخلاق الحميدة والتربية الحسنة، واسقاط ذلك السوء على تربيتهما أشد خطأً ولؤمًا عليهما، فلا علاقة لهما و للتربية بذلك، وهذا لا يكون فيه تطييب خاطر بقدر الهرب من المواجهة.
وفي جميع الحالات ، فإن على الطرفين مراعاة مشاعر الآخر سواء في القول أو الردّ عليه ما لا يسبّب الأذى والحزن، فحين يقول أحدهم وغيره مايشعرنا بالسوء ولا نتخذ إجراء ،يمكن التنبيه عليه فإننا سنشعر بالسوء والضعف خصوصا إن ظللنا صامتين في كل مرة، كذلك الطرف المسيء إن لاحظ على نفسه تكرار السوء دون توقف فإنه امتلك صفه الجُبن ولن يتوقف حتى يجد من يرد عليه ضعف إساءته مما يكسر قلبه ويشعره كذلك بالحزن، وكلا الحالتين بالمفهوم العامي بأنه “دجاجة”تتصف بالهرب من المواجهة والإختباء خلف ما يشعرها بالأمان،لكنها في مرحلة ما يمكنها أن تسبِّب جرحًا غائرًا حين تقرر ردّ الهجوم بالمثل.
@i1_nuha