- أيام التشريق.
وهي الأيام الثلاثة التي تلي يوم النّحر، قال تعالى: ﴿وَاذكُرُوا اللَّهَ فى أَيّامٍ مَعدودٰتٍ…﴾ [البقرة: 203]. “والأيام المعدودات أيام منى، وهي ثلاثة أيام بعد يوم النّحر، يقيم الناس فيها بمنى وتسمى أيام التشريق، لأنَّ النَّاس يقددون فيها الّلحم، والتقديد تشريق، أو لأن الهدايا لا تنحر فيها حتى تشرق الشمس”(). وقد قال النّبي -صلّى الله عليه وسلم: “هي أيام أكل وشرب وذكر الله”().
إنّ غاية البقاء ثلاثة أيام بمنى بعد يوم النّحر هي ذكر الله شكرًا على نعمه التي لا تحصى وأوّلها نعمة الطعام، فهي أيام ذبح وأكل وشرب وذكر لله على هذه النّعمة. فهو تدريب مكثف للحجيج على تعظيم هذه النعمة وأداء حقها ذكرًا وشكرًا للمنعم سبحانه وتعالى.
- السعي.
قال تعالى: ﴿إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ َيَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ﴾ [البقرة: 158]. لما نفد الماء عند أم إسماعيل -عليهما السّلام- كانت تصعد من الصفا للمروة، كانت تبحث عن الماء، وقال النّبي –صلى الله عليه وآله وسلم: “وكذا سعي النّاس بينهما”(). فسعينا على المطلب الأساسي في الحياة وهو الماء. وجعل الله السعي بين حجرين ولم يجعله بين نبعين، فالأصل أن تسعى من العدم حتى تعلم أن أصل الحياة (الماء) من الله وحده. فالسعي بين الصفا والمروة طلبًا من الله لسبب الحياة وسر وجودها، وشكرًا له سبحانه على أن أمدنا بهذه النّعمة العظيمة.
إنّ إدراك هذه العلاقة الوطيدة بين الحج والطعام يجعلنا أعمق فهمًا لحكمة الحج ومقاصده، إذ تُستدعى هذه الرابطة في كل منسك من مناسك الحج، وهذا يبين بوضوح خطر قضية الطعام وأثرها على الإنسان، ودورها في إصلاح الأرض وعدم إفسادها، بل وأهميتها في الإيمان بالله -تعالى- واستشعار عظمته وعبادته والتوجه له بإخلاص وإخبات لأنه -سبحانه- صاحب هذه النّعم والمتفضل بها على بني آدم والتي يشتركون جميعًا في التمتع بها وإدراك ضرورتها لحياتهم واستمرار معيشتهم.
إنّ العلاقة بين الحج والطعام تحتاج لمزيد بحث ودراسة لاكتشاف مزيد من أسرار وحكم هذه العلاقة، ودورها في فهم هذه العبادة، وتجليات ذلك في واقع النّاس في الحج وبعده، وأهميتها في استمرار الحياة على الوجه الذي أراده الله لهذا الإنسان، وأهميتها في الحفاظ على هذا الكوكب صالحًا للحياة، وكيفية التعامل مع شركائنا في الحياة على هذه الأرض من الحيوانات وغيرهم، لاكتشاف الأخلاقيات والقيم التي أمرنا الله بها في مسألة الطعام ودورته، وكيف يكون طعامنا متوافق مع هذه القيم والأخلاق حتى يكون أزكى طعامًا.
أحمد حمدين عيسى
بالتعاون مع فريق أزكى