متابعات

الحنّاء.. نقوش على كفوف العيد

البلاد ـ جدة

قبيل العيد تزدهي الشوارع، ببانوراما الألوان، وتسطع الإضاءات، في المحال التجارية، والأسواق والمولات، اِسْتِعْداداً، لهذه المناسبة السعيدة، ومن التقاليد الشعبية التي ما زالت مترسخة، لدى سيدات المجتمع، نقش الحناء قبيل إطلالة العيد، حيث تعد “الحناء” من أقدم العادات التي مازالت مستمرة إلى وقتنا الحاضر، كواحدة من أهم وسائل الزينة التي ترسم الفرح على كفوف الفتيات اِبْتِهاجاً بِالمناسبات السعيدة.

ويأتي عيد الفطر المبارك بمظاهره المتعددة التي يحرص عليها الكبير والصغير، وعلى التزيّن فيه بمختلف الألبسة والحُلي:”فرحاً بمقدمه كمناسبة دينيةٍ ووجدانية لها روّنقها وطابعها الخاص، حيث تبدأ الأمهات برسم مختلف النقوش على أقدام وأيدي فتياتهن، بأشكال مميّزة تضفي على جمالهن جمالاً، وعلى حضورهن أناقة تزدان بها ومعها ملامح العيد السعيد، التي تخضع معه نقوش الزينة لأساليب، فيحرصن على رسم ونقش الحناء بأشكال متنوعة، كون النقش بالحناء من العادات النسائية القديمة التي لا تزال مستمرة إلى وقتنا الحاضر، حيث تهتم النساء والفتيات، بالظهور بأبهى الحلل استعداداً لاستقبال عيد الفطر المبارك والاحتفاء بأيامه من خلال النقش والرسم بالحناء بمختلف أنواعها وألوانها كواحدةً من أبرز مستحضرات التجميل، فهي تستعمل لتطويل الشعر وصبغه والمحافظة على جماله ونعومته، وهو فن قديم، ومن العادات التي لا تندثر.

وأدى الإقبال المتزايد على طلب النقش في مناسبات عديدة إلى جعلها تَقْلِيداً تُراثِيّاً يتطور ويمارس كمهنة ومصدر للرزق في كثير من المواسم والأفراح بأنواعها، ويكون له رسومات بألوان مختلفة مع تلبية طلبات الفتيات بما يخترن من أشكال، مع تفاوت في الأسعار حسب نوع وطريقة تحضير النقش ودقة الرسمة وحجمها وطولها.


وإذا نظرنا إلى نقش الحناء، خصوصاً أيام الأعياد نجد أنها، من الفنون الشعبية ولها سحرها الخاص فهي نسيج من وجدان الشعب تتوارثه الأجيال على مر الزمن، وهذه الحالة الإبداعية الشعبية، سواء كانت من الفنون التشكيلية أم التعبيرية أم من الممارسات المرتبطة بالعادات والتقاليد يتصل بعضها ببعضها الآخر لتشكل بنية الإبداع الشعبي وبنائه الثقافي.
والتخضُّب بالحناء إحدى العادات القديمة التي تتباهى بها النساء اِسْتِعْداداً للعيد، هي مستمرة إلى وقتنا الحاضر في مختلف مدن المملكة، فهي تمثل حرفةً نسائية شعبية وَشَكْلاً من المهارات الفنية التشكيلية يُعبَّرُ بها عن الذوق والحس الجمالي والسرور على أيدي النساء ليلة العيد، فيظهر تَنَوَّعاً فَي المفردات التشكيلية والوحدات الزخرفية والأشكال الفنية، وتناسقها بنقوشها المتنوعة، واستطاعت هذه العادة المبهجة الحفاظ على أصالتها ومكانته، وتناقلها جِيلاً بعد الآخر.

وفي ذات السياق تحدثت حصة محمد عن أجواء قرب قدوم العيد حامِلاً أفراحه وبهجته وَناشِراً أضواء المحبة والتواصل بين أفراد المجتمع، مبينة أن الحناء نبات يقطفون أوراقه ويجففونها ويطحنوها، ثم يضيفون الماء إلى المسحوق، لتكوين عجينةٍ يستخدمونها في صبغ الشعور وتزيين رؤوس الأصابع وباطن الأكف، ويمثل حناء المدينة آنذاك شُيُوعاً في استخدامه وبيعه، حيث يأتي بها الحجاج قَدِيماً كورق نبات يتم بيعه بعد ذلك للمشتري حسب رغبته. وأشارت إلى أن طريقة تحضير الحناء بأخذ المقدار المحتاج له في وعاء يسمى “الرحاء” أو ما يسمى” الغضار” فكان البعض يعجن بالماء فقط، والآخر يوضع مع الشاي المغلي والليمون أو الليمون الأسود، ثم يعجن ويوضع على اليد.


وأفادت أن طرق الحناء مختلفة في المملكة، فكانت طريقة أهل نجد ومنطقة القصيم وما حولها للحناء بوضعها على الأصابع ووسط راحة اليد، وتقوم بلفه بقطعة من القماش لفترة ليأخذ لونه، وأهل الجنوب ما شاع لديهم هو نقش الحناء، ويمتاز فيه عادة أهل جازان فالنقش مأخوذة فكرته من بعض التجار الهنود عن طريق اليمن.
وأكدت أن الحناء لا يزال طقسًا من طقوس ليلة العيد، بصفته جزءًا من مظاهر التعبير والفرح، إذْ تُزيَّنُ أيدي الفتيات الصغيرات بنقوش الحناء مع السيدات، وإضافة إلى تبادل الهدايا وغيرها من نماذج الألفة بين المجتمع، مشيرة إلى استمرارية “الحوامة ” إلى اليوم وهي موروث شعبي يقوم الأطفال خلالها بالتجول على بيوت الجيران، ليأخذوا نصيبهم مما أعده الجيران من “عيديات” فَرِحا بالعيد.
وفي هذا السياق تحتفي سيدات الطائف كل عام مع حلول عيد الفطر السعيد بالإعداد لصنوف شتى من أنواع الزينة، يتصدرها الحناء الذي ما زال أقدم هذه العادات المستمرة حتى وقتنا الحاضر، وتلتم عليها الأسرة أواخر شهر رمضان المبارك وقبيل حلول العيد.


وتجتمع سيدات وفتيات الحي في جوٍ اجتماعي يسوده المحبة والألفة في مساعدة بعضهن في إعداد الخلطات الخاصة بالحناء، بتعدد الاستخدامات بين كبيرات السن والفتيات بأشكال متعددة ومتنوعة، ويفضل بعضهن قبضة الكفين بوضع كمية من الحناء على راحة اليد وبطون الأرجل، فيما يفضل صغيرات السن استخدام النقوش المختلفة باللون الأحمر أو البني الداكن، مثل النقشة السعودية، والكويتية، والإماراتية، والبحرينية، والسودانية، وتختلف باختلاف المواد المضافة مع الحناء وعرض خط الرسمة ونوعها. فيما يفضل أخريات الاستعانة بممتهنات النقش “المحنية” من خلال توافدهن إلى المنازل، وقد تطورت زينة المحنيات لتصبح على شكل نقوش مختلفة لا تخلو من الإبداع في تشكيلاتها، وتعتيق الحناء بالخضاب على اليدين والقدمين، حتى تظهر الرسوم الجميلة التي تضفي بدلالاتها على زينة النساء المتزوجات، والفتيات صغيرات السن بعد مرور أكثر 10 ساعات من وضعه.
ولا يقتصر استخدام أو استعمال الحناء على النساء أو الفتيات صغيرات السن، بل يشمل ذلك العديد من الرجال لصبغ شعر الرأس أو الشارب أو اللحية أو بطون الأرجل لعلاج الخشونة والتشققات.

أنواع نقوش الحناء

  1. النقشة السعودية
  2. النقشة الكويتية
  3. النقشة السودانية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *