البلاد ـ المدينة المنورة
تعد المآذن شكلاً من أشكال الفن المعماري الإسلامي وجزءا يتناغم مع مكونات المسجد وتقسيماته المعمارية، فالمآذن تعد دليلا يهتدى به إلى المسجد ومعلما يجسد الفن المعماري للمساجد، فمآذن المسجد النبوي العشر تعد معلماً معمارياً إِسْلامِيّاً حَضارِيّاً طرأ على تصميمها على مر العصور كثير من التحسينات والزيادات في أعداد المآذن، حتى أصبحت بهذا الشكل الجمالي البديع.
ومرّ المسجد النبوي بعدة تحسينات على مر التاريخ، لكنه في عهد الدولة السعودية شهد توسعات ضخمة على مختلف الصُعد، ليستقطب أعداد المصلين الذين باتت تتزايد أعدادهم عامًا بعد عام، إذ أجرى الملك عبد العزيز آل سعود -يرحمه الله- ما بين أعوام 1370 – 1375هـ تحسينات أولى، أبقى خلالها على مئذنتي الجهة الجنوبية للمسجد النبوي، وأزيلت الثلاث الأخريات، حيث شيّد الملك عبد العزيز عِوَضاً عنها مئذنتين جديدتين في ركني الجهة الشمالية، يبلغ ارتفاع الواحدة منهما سبعين مِتْراً، وتتكون كل مئذنة من أربعة طوابق، الأول مربع الشكل يستمر أعلى سطح المسجد، وينتهي بمقرنصات تحمل شرفة مربعة، والثاني مثمن الشكل زين بعقود، وتنتهي بشكل مثلثات، وفي أعلاه مقرنصات تعلوها شرفة، والثالث مستدير حُلي بدالات ملونة، ، والرابع مستدير أَيْضاً له أعمدة تحمل عُقُوداً تنتهي بمثلثات في أعلاها مقرنصات وفوقها شرفة.
واستمرت توسعات المسجد النبوي خلال الأعوام من 1406هـ إلى 1414هـ، وأضيف ست مآذن أخرى على ارتفاع 104 أمتار لتصبح عشر مآذن، وصممت بحيث تتناسق مع مآذن التوسعة السعودية الأولى، وتصطف أربع منها في الجهة الشمالية والخامسة عند الزاوية الجنوبية الشرقية من مبنى التوسعة والسادسة في الزاوية الجنوبية الغربية منها أَيْضاً.
وتتكون كل مئذنة من خمسة طوابق، الأول مربع الشكل، والثاني مثمن الشكل قطره 5.50م، مغطى بالحجر الصناعي الملون، وعلى كل ضلع ثلاثة أعمدة من المرمر الأبيض فوقها عقود تنتهي بشكل مثلثات وبين الأعمدة نوافذ خشبية تنتهي بمقرنصات تحمل شرفة مثمنة، والثالث مستدير قطره 5 أمتار وارتفاعه 18 مِتْراً، صُبغ بلون رصاصي داكن، وحلي بدالات بارزة مموجة شكلت اثني عشر حِزاماً ينتهي بمقرنصات تحمل شرفة مستديرة، والرابع دائري الشكل قطره 4.50 م، وارتفاعه 15 مترًا عليه ثمانية أقواس.
وتواصلت التوسعات السعودية، إذ شهدت المدينة المنورة أواخر عام 1434هـ، أكبر توسعة في تاريخ المسجد النبوي الشريف، إذ ارتفعت طاقته الاستيعابية لتصل إلى مليوني مصلٍ مع نهاية أعمال المشروع، ويعد هذا المشروع الأكبر في تاريخ المسجد النبوي الشريف، والحدث الإسلامي الأبرز في مختلف أنحاء المعمورة.
وتواصلت في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود -حفظه الله- مسيرة العطاء في خدمة الحرمين الشريفين، إذ أكد -أيده الله- أهمية الحرص على متابعة العمل في مشروع التوسعة الكبرى للمسجد النبوي والمشروعات المرتبطة بها، التي تصب جميعها في خدمة الإسلام والمسلمين من شتى أرجاء العالم، وكذلك خدمة أهالي مدينة الرسول -صلى الله عليه وسلم- وزوارها بمتابعة من سمو ولي العهد، وإشراف مباشر من سمو أمير منطقة المدينة المنورة.