جدة – رانيا الوجيه
أكد عدد من المختصين أن السينما السعودية تخطو بخطوات حثيثة نحو العالمية، وهي تجد الاهتمام من قبل المسؤولين، حتى تصبح المملكة وجهة عالمية لصناعة السينما، مؤكدين في الوقت نفسه إن مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي وهيئة الأفلام يقومان بجهود حثيثة لتعزيز صناعة السينما ودعم المواهب السعودية.
في البداية يعبر الناقد السنيمائي خالد ربيع السيد بقوله: ما حدث في مجال السينما يكاد يكون بارزاً ومفرحاً ومبشراً بمستقبل واعد ومحمل بما يصبون إليه شباب المملكة، ومن قبلهم وزارة الثقافة التي أخذت على عاتقها إطلاق المبادرات والبرامج والمشاريع التي تصب في تأسيس صناعة سينمائية رصينة، وعلى قدر كبير من التطلع لازدهار هذا الفن الذي يتيح مخاطبة العالم أكثر من غيره.
قبل فترة مضت سعدنا بخبر موافقة الوزارة على إنشاء أول جمعية للسينما في المملكة، ناهيك، قبل ذلك، عن إنشاء هيئة الأفلام التي بدأت تزاول مهامها منذ سنتين، هذا إلى جانب المشاركات الدولية التي شرعت الهيئة فيها، ومنها الجناح الذي أنشئ في مهرجان كان، وإطلاق برنامج صناع الأفلام، ومساهمة ودعم الهيئة لمهرجان أفلام السعودية ومهرجان البحر الأحمر السينمائي. ثم عزمت الوزارة في توفير مئات صالات العرض في مختلف مدن ومحافظات المملكة.
ولو تأملنا الأرقام الخاصة بعدد دور العرض في المملكة، فسنقف على أنه منذ السمح بإنشاء دور العرض السينمائية في أبريل 2018م وحتى اليوم أنها في تزايد مطرد يغطي كافة مدن المملكة، وسنجد أنه يوجد في المملكة حالياً 400 شاشة صالة سينما، ومن المخطط له في ختام سنة 2023م أن يتضاعف عدد الصالات السينمائية إلى 800 شاشة وبحلول عام 2030م سيكون في السعودية 2500 شاشة.
هذه الأرقام المتزايدة في عدد دور العرض السينمائية، إضافة إلى ما حققته الأفلام السعودية الطويلة خلال الثلاث سنوات الماضية، سواء في المحافل والمهرجانات العربية والدولية، ونيلها للجوائز الرفيعة التي انتشلتها من بين كيانات سينمائية عريقة، وتزايد الاهتمام الجماهيري السعودي بالسينما، تمثل دافعاً قوياً ومبشراً للمستثمرين والصناع وهيئة الأفلام لبذل المزيد من الجهود لتطوير المنتج السينمائي السعودي، ولذلك نسمع بين وقت وآخر عن مبادرات الدعم السخية التي يرصدها صندوق البحر الأحمر السينمائي لدعم مشاريع الإنتاج السينمائي سواء السعودية أو العربية، وهو يقوم بذلك إِيماناً منه وبتوجيه من وزارة الثقافة لتحقيق أعلى النتائج المأمولة. فمنذ أيام أعلن الصندوق عن دعم 14 مشروعاً سينمائياً عربياً، وهذه البادرة من شأنها جذب المزيد من الاستثمارات السينمائية التي تتم بالشراكة مع صناع الأفلام السعوديين، وهي في النهاية ستدر عائداً مالياً يفتح الآفاق للمزيد من الشراكات والدعم. من جهة أخرى لا ننسى أن السوق السينمائي السعودي يتكون من جمهور شاب ومتعطش لرؤية دراما تعبر عنه، ولعل التجارب التي عرضت في الصالات تؤكد هذا الإقبال على المنتج المحلي. كما أن الاحتراف سيصبح مجدياً، وستتجه الكثير من شركة الإنتاج الفني إلى دخول المعترك السينمائي.
ختاماً يمكننا القول إن المؤشرات كلها تقول: إن السينما السعودية ستحقق تطورات مهمة، رغم عدم وجود بنية إنتاجية ملائمة حتى الآن، لكن الشواهد التي أمامنا والخطط تؤكد بمشيئة الله أنه سيتم توفير هذه البنية في غضون العامين القادمين، على أبعد تقدير، وعندئذ يمكن توطين هذه الصناعة والوصول بها لمستوى المنافسة العالمية.
ويرى المخرج والمنتج ممدوح سالم: أن التوجه الجديد نحو رؤية 2030 أصبح هناك مظلات رسمية كـوزارة الثقافة والفنون وهناك توجهات رسمية نحو دعم صناعة الفنون والسينما، وقد أعلنت وزارة الثقافة سابقا عن وجود 11 هيئة تغطي مختلف الفنون بما فيها المسرح والسينما، والنقلات التي نتوقعها مستقبلا مع وجود الجيل الجديد من الشباب السعوديين الموهوبين ستكون هناك قاعدة جديدة في الإنتاج السنيمائي أو الدرامي، فهناك نماذج لإنتاج ضخم على منصة كبيرة، بوجوه شابة وهذا يعطي مؤشراً إلى أن هناك خطوات جديدة نحو الفن السعودي على الأصعدة جميعهم، كما سيفتح الآفاق لوجوه جديدة شابة سعودية مما سيظهر منافسة بشكل حقيقي، وسيجعل السعودية على خارطة الفنون تنافس الوطن العربي والعالمي، حيث المواهب موجودة والدعم أيضا من وطننا الغالي موجود، وسواء كان الدعم بالدراسة والتطوير أو التدريب أو حتى بالدعم المالي، ولذلك أتوقع الآن أن وزارة الثقافة تعمل على تأسيس نقابة سنيمائية؛ لأن مهمتها تسن القوانين، وتشرع الأنظمة وتحفظ حقوق الفنانين والعاملين في هذا المجال؛ وبالتالي هذا أمر مهم جِدّاً، وَأنها ستكون من ضمن أولويات وزارة الثقافة التي ستعمل عليها في المستقبل القريب.
وفي السياق نفسه أوضحت مخرجة الأفلام الوثائقية دانية الحمراني بقولها: “لا شك في أن هناك تغيرات كبيرة حدثت في السنوات الأخيرة، وخاصة مع الدعم الحكومي بالتعاون مع وزارة الثقافة وهيئة الأفلام، ومعمل البحر الأحمر جميعهم يجتمعون على تحفيز ودعم لصناع الفن السنيمائي أو صانعي المحتوى، وكل هذه العناصر تؤدي إلى تقدم سريع في مجال الإنتاج الفني السنيمائي أو الدرامي، أيضا افتتاح صالات سينما ليس فقط في المدن الرئيسية في المملكة، بل أيضا في عدة محافظات ومدن عديدة داخل المملكة بشكل عام، وهذا دليل على اهتمام الوطن بهذا المجال الفني، وبالرغم من وجود صالات سينما في بعض الدول العربية منذ مئات السنين، إلا أن المملكة عندما قررت أن يكون هناك صالات سينما اختارت أعلى المعايير العالمية لهذه الصالات وبأرقى المستويات، وكان انتشارها وتأسيسها سريعا جِدّاً، وهذا ما يميز مملكتنا الحبيبة”.