اجتماعية مقالات الكتاب

المكفوفون بين والواقع والمأمول

شهد القرن التاسع عشر الميلادي، نقلة في تعلم المكفوفين مهارات القراءة والكتابة باستقلالية.
فبعد أن كانوا يعتمدون على الآخرين، ظهر النظام النقطي الذي طوره الكفيف الفرنسي لويس برايل حوالي عام 1829 م.
تمكن المكفوفون مع هذا النظام من قراءة ما يكتبون، فاستمتعوا بالخصوصية في حياتهم اليومية والتعليمية والمهنية والثقافية.
وفي القرن نفسه وصل هذا النظام إلى الشرق الأوسط، فتأسست على إثره المدارس الخاصة بالمكفوفين للتعليم بهذا النظام.
ونظام برايل عبارة عن خلية مستطيلة يتكون ضلعها الأفقي من نقطتين، بينما ضلعها الرأسي من ثلاث نقاط.

وبتغيير مواضع النقاط داخل الخلية يتكون الرمز.
ويصل عدد الرموز الممكنة بتشكيل النقاط في كل خلية 63 رمزاً.
كان التركيز في بداية انتشار النظام في القرن التاسع عشر الميلادي يعتمد على طباعة الحروف والكلمات والأرقام.
إلى أن ظهرت الحاجة إلى وجود نظام خاص برموز الرياضيات ليتمكن من خلالها الكفيف من التعرف على العمليات الحسابية والإحصائية.

وقد كانت البداية مطلع القرن العشرين عندما ظهرت أول قوائم للرياضيات في فرنسا عام 1922 م، تمت مراجعتها أكثر من مرة، حتى تم اعتماد النسخة النهائية لها عام 2007م.
وأخذت الدول الأوروبية تحذو حذو فرنسا في إنشاء قوائم للرياضيات حسب احتياجها وموافقة ذلك مع رموز لغتها.
فظهر نظام في ماربوغ Marburg, وفي شتوتغارت Stuttgart, ثم في بريطانيا، ويعرف بـ(BritishCode) اعتمدت النسخة النهائية منه عام 2007م.

تلا ذلك ظهور أنظمة للرياضيات في كل من: إيطاليا، وهولندا، وإسبانيا، وبلجيكا، والسويد، وفنلندا، ورومانيا.
وروسيا، واليابان والصين.
أما أشهر هذه الأنظمة على الإطلاق، فهو نظام نمث Nemeth Code في الولايات المتحدة الأمريكية.
اعتمد هذا النظام عام 1952م، وقد خضع لعدد من المراجعات حتى ظهر بنسخته الحالية.
يمتاز النظام بأنه أكثر الأنظمة شمولاً لرموز الرياضياتي والجبر والهندسة وكذلك لرموز العلوم.
يتكون نظام نمث من 25 وحدة رياضية، ولكل وحدة قواعدها.
تتضمن وحداته جميع الرموز والقواعد المتشابهة في كل قاعدة مثل المقارنة، والعمليات… إلخ.
وما يزيد من كفاءة النظام، أنه يخضع لتطوير مستمر من قبل مجلس برايل لشمال أمريكا The Braille Authority of North America BANA

أما في العالم العربي، فبعد أن تباينت الدول في تطبيق نظام الرياضيات المناسب لها حسب خلفيتها الثقافية بالرجوع إلى الأنظمة أعلاه، تبنت المملكة العربية السعودية عقد مؤتمر لتطوير وتوحيد نظام برايل العربي في الرياض عام 2001 م.
اعتمد في هذا المؤتمر قوائم للرياضيات والعلوم ارتكزت على النظام البريطاني مع إدخال بعض الرموز من الأنظمة الأخرى.
اشتملت قوائم الرياضيات والعلوم على 232 رمزاً، مرفقة بضوابط الكتابة بكل رمز.
إلا أن هذا النظام لم يخضع للتطوير منذ انطلاقه منذ 21 عاماً.

وما تنبغي الإشارة إليه، أن قوائم نظام نمث للرياضيات تتفق مع قوائم الرياضيات المعتمدة في نظام برايل العربي الموحد في شكل الأرقام، بينما يظهر الاختلاف بينها بدءاً من العلامات الأساسية.
ففي حين أن رمز الزائد بنظام نمث يتكون من نقطتين في خلية واحدة، نجد أن رمز الزائد بنظام برايل العربي يتكون من خمس نقاط موزعة فخليتين، وهكذا مع بقية الرموز الأخرى.
ولعل الكفيف في المملكة العربية السعودية قد تضرر من هذا التمايز، ففي الوقت الذي يتعلم فيه في المرحلتين الابتدائية والمتوسطة على رموز الرياضيات المعتمدة في نظام برايل العربي الموحد، نجده يضطر إلى تعلم نظام Nemeth في المرحلة الثنوية لتطبيقها لسلاسل الرياضيات الأمريكية.
أي أنه بحاجة إلى حفظ رموز الرياضيات بنظام برايل العربي، وبنظام نمث.

لذا، فإننا في المملكة العربية السعودية بحاجة إلى تفعيل مبادرة مجلس برايل العربي على مستوى الدول العربية، والمقدم من قبل سعادة عضو مجلس الشورى د. ناصر بن علي الموسى إلى جمعية المكفوفين الأهلية بمنطقة الرياض، تكون أولويات عمل المجلس، توحيد نظام برايل للرياضيات والعلوم لجميع المراحل الدراسية باعتماد نظامة Nemeth Code كونه الأكثر فاعلية، ويخضع للتطوير بشكل مستمر.

Anwar_alnassar@

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *