البلاد – عبد الهادي المالكي، أحمد الأحمدي
رسخت الكوادر السعودية وجودها عالميا في قطاع التعليم، ليدخل أعضاء هيئة التدريس بجامعات المملكة المختلفة في قائمة جامعة ستانفورد الأمريكية، ضمن القائمة التي تصدرها سنويا لأعلى 2 % من علماء العالم الأكثر استشهادا في مختلف التخصصات، إذ يأتي التكريم في وجود أكثر من 200 ألف عالم من مختلف الجامعات والمراكز البحثية من 149 دولة تشمل جميع التخصصات العلمية طبقا لتصنيف جامعة ستانفورد الأمريكية، ما يؤكد أن العقول السعودية قادرة على التميز في كافة المجالات، ويمكنها الإبداع في أي مجال تختاره بعد التأهيل الذي وجدته من قبل الدولة -أيدها الله- والتي اهتمت بتنمية العقول للنهوض بالوطن.
وقال الدكتور عمر المغربي من جامعة جدة لـ”البلاد”: إن تصنيف جامعة ستانفورد يعتمد على عدة عوامل منها قوة النشر العلمي الدولي، وعدد الاستشهادات العلمية بالأبحاث ومعامل H- index للباحث والتأليف المشترك، والمشاركة في مراجعة وتحرير الأبحاث العلمية في المجلات الرصينة، مبينا أنه تم اختيار كوادر من الجامعات السعودية لتحقيقهم هذه العوامل المحددة في التصنيف. وأضاف: “عدد المختارين ضمن قائمة ستانفورد من الكوادر السعودية بلغ 736 عالما وهو أكبر عدد لبلد عربي تم اختياره بهذا التصنيف، وتكمن أهمية الاختيار في: رفع تصنيف الجامعات السعودية وهو أحد أهداف رؤية المملكة 2030، وتعزيز السمعة الدولية الطيبة للجامعات السعودية بظهورها في المحافل الدولية كجامعات متقدمة، كما أن وجود عدد كبير من العلماء المنتمين للجامعات السعودية بقائمة ستانفورد يعطي ثقة كبيرة بمستوى هذه الجامعات ومضاهاتها العالمية المميزة. ويسترعي انتباه القائمين على شؤون البحث العلمي بالمملكة بضرورة الاهتمام بالبحث العلمي، فدعم أبحاث هؤلاء العلماء يسهم في تعزيز الاقتصاد المعرفي في الاقتصاد الوطني”.
وحول طبيعة الأبحاث التي تم بموجبها اختيار الكوادر السعودية بقائمة ستانفورد، قال المغربي إنها في مجال الصحة من بينها الأدوية والمستحضرات والمواد البيولوجية والكيميائية ذات النشاط الحيوي والتي يمكن أن تستخدم في عمل أدوية جديدة. وأضاف:”من المعلوم أن الوصول إلى دواء جديد يتطلب إمكانيات ووقت طويل ومراحل من الأبحاث الأولية والمتقدمة والسريرية، والدول التي تسعى للتقدم في هذا المجال تشارك الدول المتقدمة في المراحل الأولية على أن يكون لها نسبة من العائد المادي للأدوية، كما أن هذا المجال مرتبط بالأمراض والأبحاث السريرية التي تقوم بها كليات الطب وهي تنشر أبحاثها في مجلات علمية وبالتالي تؤثر على رفع الكفاءة لمعالجة الأمراض المختلفة”.
ومضى بالقول: “أخيرا هناك مجال الأجهزة الطبية والحاسبات والذكاء الاصطناعي، فالتعرف على الأمراض ومعالجتها باستخدام هذه الأجهزة الحديثة له تأثير مباشر على صحة الإنسان فالدولة -حفظها الله- لها دور في هذا الجانب وتدعمه بشكل كبير”.
استفادة من البحوث
ويرى الدكتور عمر المغربي أنه يمكن الاستفادة من البحوث الجامعية في حراك الواقع بالنسبة للاقتصاد والصحة والتنمية وجودة الحياة، مضيفا: “من المعلوم أن الاقتصاد المعرفي مبني على الأبحاث العلمية والابتكارات والأفكار الجديدة، التي يمكن تطبيقها وتطويرها واستخدامها في مجالات صناعية أو لوجستية، لذلك يعتبر أحد الروافد الإقتصادية المهمة لبعض الدول وأصبح يضاهي أو يفوق الاقتصاد الناتج من البترول أو بعض المنتجات الصناعية الأخرى، وبات يشكل رافدا مهما للاقتصاد الوطني لبعض الدول المهتمة بالبحث العلمي”.
وأشار إلى أن البحث العلمي قبل رؤية 2030 كان عبارة عن أبحاث متفرقة لا تجتمع على هدف موحد، ولكن حاليا أصبح هناك أهداف وفكرة لتطوير المملكة لوضعها بمصاف الدول المتقدمة، وهذا ما سيساهم فيه البحث العلمي، الذي أصبح له هدف محدد وهو المشاركة في تحقيق مستهدفات الرؤية والمساهمة في تطوير ونمو المملكة. وتابع: “ينبغي المشاركة مثلا بالبحث العلمي في مجال تطوير الصناعات الوطنية لصناعة التكنولوجيا بأيدٍ وطنية بدلا من استيرادها بمبالغ كبيرة، وجعلها في متناول الشركات الصناعية”.
ونوه إلى أهمية الاستفادة من الأبحاث العلمية في التنمية وجودة الحياة، من أجل مجتمع صحي يتمتع ببيئة معافاة من نباتات ومنظومة متكاملة تكون في أفضل مستوى، توفر سبل الترفيه وتهيئة البنية التحتية من مستشفيات متكاملة مدعومة بجميع الكوادر الطبية والأجهزة الحديثة وكذلك المدارس والخدمات الأخرى التي توفر سبل الراحه للإنسان.
مستوى فكري مميز
اعتبر الأستاذ الدكتور محمد أحمد المنشي، أن اختيار جامعة ستانفورد الأمريكية لكوادر سعودية يعود إلي قناعتها بالمستوي الفكري المميز الذي وصل إليه الإنسان السعودي عالميا، بفضل الله ثم بجهود حكومة المملكة في تأهيل أبنائها على المستوى الدولي وفي شتى التخصصات العلمية، وتحقيق المملكة مكانة عالمية ومؤثرة عالميا كونها دولة من دول العشرين إقتصاديا، وكون المملكة لها كوادر قيادية من الذكور والإناث في هيئات دولية أثبتت قدراتها في العطاء الدولي، ولها قيادات تعمل في سفاراتها تمثل صوتا يمتلك القدرة علي إيجاد توازن للعلاقات الدولية مع دول العالم بما يكفل مصالح الطرفين اقتصاديا دون إغفال الدعم المباشر لكافة الهيئات الإنسانية، كما أن الفكر السياسي السعودي ينتهج الحياد ويسعي نحو السلام في العالم، فكل ذلك جعل العالم ينشد مشاركة المملكة في شتي المحافل.
من جهته، قال عضو الهيئة التدريسية بجامة أم القرى الدكتور عبد الله بن ابراهيم الزهراني، إن اختيار الجامعات المرموقة لبعض الأساتذة السعوديين للتدريس بها دلالة على ما حظيت به من مكانة وسمعة علمية عالمية، وأن الاختيار لم يكن عشوائيا بل عن إيمان بقيمة ذلك الكادر السعودي وما يقدمه من معرفة علمية عالية تضاهي زملاءه في تلك الجامعات، مؤكدا أن الكوادر السعودية تقدم علما جاذبا وبجدية كبيرة وتفانٍ في العمل. وأضاف: “لو لم تكن عقلية الأستاذ السعودي بذلك المستوى المتقدم لما حظي بالاختيار ضمن قائمة ستانفورد العالمية بين مجموعة من الأستاذة على مستوى العالم، لذلك نهنئ أنفسنا ووطننا بهذه السمعة العالمية، ونرجو مزيدا من النماء للعملية التعليمية التي أنتجت تلك العقول النيرة”.
تحدٍ جديد للكفاءات التربوية
أكد عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى الدكتور علي بن سويعد القرني، فخرهم بما حققه أعضاء هيئة التدريس السعوديين من تميز عالمي أهلهم لأن يكونوا ضمن أعضاء أفضل الجامعات العالمية، منوها إلى أن ذلك يؤكد حرص أساتذة الجامعات السعودية على ترجمة ما يقدم لهم من دعم حكومي بتميزهم على المستوى العلمي والبحثي الذي جعل منهم منارة مشرقة لطلبة العلم والمعرفة في مختلف بلدان العالم. وفي السياق ذاته، يقول الدكتور عادل بن محمد البركاتي: “لا شك أن اختيار الكوادر السعودية للتدريس في أكبر الجامعات تحدٍ جديد للكفاءات التربوية السعودية المتميزة، ونراهن على نجاحها بإذن الله بعد إطلاق وزارة التعليم للعديد من البرامج التي تهدف لإعداد كفاءات مهنية متميزة في قطاع التعليم العام والجامعي، بما يحقق أهداف رؤية المملكة 2030 الطموحة”.