لو تأمل الإنسان في الأقدار وجريانها، وتصاريف الزمان وسريانها، سيجد أن الله يحيطه بألطافه، ويتولاه بأكنافه.
يبتليه بأمر فيكشف له البلاء خيرا يخبئه الله له، يُحرم من شيء فيكون الفقد خيرا له.
ألطاف الله تحيط به من كل مكان، وتحتضنه في كل جانب، وهو يتقلب في أستار يجريها الله عليه ليل نهار، فما كتب الله شيئا إلا بحكمته، ولا قدر أمرا إلا بخبرته، فهو الحكيم الخبير سبحانه.
يتأمل العاقل أحيانا في أمر قَدَري أضرَّ بالعالم كله فيقول في نفسه كأن الله قلب موازين الكون، وحرك الكرة الأرضية كلها من أجله هو ولصالحه فقط، ولو نظر الآخرون في دقائق الألطاف لقالوا مثل قوله.
يحرص على أمر ويتفانى له فيضيق عليه ويتعسر ويتعثر، وفي لحظة عابرة قريبة أو بعيدة يقول: سبحان الله الذي كتب هذا لي وما كنت أعلم أن الخير هو في الذي اختاره الله لي.
نواميس الكون، وحركات الأرض، ومشاعر الناس، وتفاصيل الزمان والمكان وكل دقيق وجليل كلها تركض وفق أمر الله المدبر الحكيم الذي استوى على عرشه وقدر مقادير كل شيء.
نم قرير العين، وأحسِن الظن بربك، وتأمَّل في ألطافه وأقداره وأسراره وأستاره التي تحيط بك من كل مكان.
كنت أسمع شيخا بسيطا رحمه الله يقول بين المغرب والعشاء:
يا لطيفا لم تزل
الطف بنا فيما نزل
أنت لطيف لم تزل
يا خفي الألطاف
نجِّنا مما نخاف
ورحم الله أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه حين قال:
وَكَم لِلّهِ مِن لُطفٍ خَفيٍّ
يَدِقُّ خَفاهُ عَن فَهمِ الذَكيِّ
وَكَم يُسرٍ أَتى مِن بَعدِ عُسرٍ
فَفَرَّجَ كَربَهُ القَلبُ الشَجيِّ
وَكَم أَمرٍ تُساءُ بِهِ صَباحاً
وَتَأتيكَ المَسَرَّةُ بِالعَشيِّ
إِذا ضاقَت بِكَ الأَحوالُ يَوماً
فَثِق بِالواحِدِ الفَردِ العَلِيِّ
وَلا تَجزَع إِذا ما نابَ خَطبٌ
فَكَم لِلّهِ مِن لُطفٍ خَفيِّ
@mansourjabr