طهران – البلاد
بدأ الاهتزاز داخل النظام الإيراني بعد انفجار التظاهرات التالية لمقتل الشابة مهسا أميني، ما دفع قوات الأمن الإيرانية لقمع مسيرات طلابية في جامعة طهرانأمس (السبت)، إذ تم اعتقال 1200 من المحتجين، بينما تواصلت الاحتجاجات أثناء الليل في مختلف أنحاء المدن الإيرانية وسط غضب عارم من قبل الشعب الرافض لسياسلات الملالي والمطالب بسقوط النظام الحالي، فيما هدد الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، المحتجين الذين خرجوا إلى الشوارع في مختلف المدن بالقمع تحت غطاء مكافحة الشغب.
وامتدت الاحتجاجات الشعبية في إيران إلى 133 مدينة في أكثر من 30 محافظة على الرغم من قمع السلطات الإيرانية الذي خلف أكثر من 100 قتيل واعتقالات واسعة النطاق في جميع أنحاء البلاد، كما قطعت السلطات الإنترنت في غالبية المحافظات في محاولة للحد من الاحتجاجات ومنع انتشار الأخبار المتعلقة بالاحتجاجات. وفي سياق التطورات، اعترف قائد قوات الأمن في محافظة غيلان الإيرانية بأن المحافظة على وشك السقوط بيد المحتجين، مؤكدا أن المحتجين في المحافظة في تقدم مستمر، خاصة في العاصمة رَشت، كما أشار إلى أن الكثير من المحافظات تعاني بسبب الاحتجاجات المستمرة، واصفا الوضع بالخطير. وأكد أن الحرس الثوري والشرطة اعتقلوا 739 شخصا بينهم 60 امرأة.
ويقول نشطاء إن مختلف المدن الإيرانية خاصة في العاصمة طهران، تشهد سيطرة المحتجين على الشوارع، وترددت أنباء عن تراجع قوات الأمن في مناطق كردستان إيران. وأظهرت مقاطع مصورة نشرها نشطاء، احتجاجات حاشدة في مدينة “أُشنوية” ذات الغالبية الكردية في غرب إيران، وخروج أجزاء من المدينة عن سيطرة السلطات، بينما جاب المحتجون شوارع المدينة ولم تظهر أي صور لعناصر الأمن.
ومن القرى النائية إلى مباني جامعة طهران في العاصمة، تقود الإيرانيات احتجاجات ضد النظام، حيث يقفن في مقدمة المظاهرات ويجمعن الحشود من خلال حرق حجابهن الإلزامي وقص شعورهن والرقص في الأماكن العامة. وظاهرياً يبدو أن غضبهن المباشر سببه وفاة مهسا أميني، وهي طالبة تبلغ من العمر 22 عاماً توفيت في 16 سبتمبر بعد أن احتجزتها شرطة الآداب لارتدائها حجابا “غير لائق”، لكن تظلماتهن تغذيها أربعة عقود من القيود التي كانت أشد وطأة على النساء من الرجال، بالإضافة لتردي الأوضاع المعيشية والاقتصادية.
وطبقا لموقع “ذي إيكونميست”، فإن تشديد القيود الاجتماعية مؤخراً هو الأحدث في موجة من الإجراءات المصممة لدعم النظام الإيراني بقيادة علي خامنئي. وقد قام خامنئي في السنوات الأخيرة بإقصاء الإصلاحيين من نظامه، ووضع جميع فروع الحكومة تحت حكم متشددين يثق بهم، مثل رئيس الجمهورية إبراهيم رئيسي. وفي محاولة لتشديد السيطرة والقيود، أصدر رئيسي مرسوم “الحجاب والعفة” الذي شجع شرطة الأخلاق على قمع النساء. وقد أزال هؤلاء من الشوارع الملصقات التي تظهر نساء غير محجبات وأمروا مالكي المقاهي بتغيير الأغاني. وبحسب “ذي إيكونميست”، فإن “النظام يهتز”، ليس فقط بسبب الاحتجاجات المناهضة للقيود المجتمعية ولكن أيضاً بسبب الاضطرابات الاقتصادية. ومنذ عام 2012، انخفض الناتج المحلي الإجمالي للفرد في إيران من أكثر من 8000 دولار إلى أقل من 3000 دولار، وحتى مع انخفاض الدخل، فإن الأسعار ترتفع.
وخوفاً من الانتقام، يقوم بعض المتظاهرين بحذف ملفاتهم الشخصية على وسائل التواصل الاجتماعي، وآخرون يتحولون إلى العنف. وأفادت وسائل الإعلام الحكومية عن سلسلة من عمليات قتل رجال دين، حيث تعرض ثمانية منهم للطعن يوم 17 سبتمبر في مسجد بمدينة شيراز الجنوبية.