البلاد – مها العواودة
باتت المملكة من بين الدول الأعلى تقدما في ميدان تقنية المعلومات والاتصالات، وتشق طريقها لتكون جزءاً من المراتب المتقدمة من بين 7 دول في هذا المجال الذي يطلق عليه مجازاً «الثورة الصناعية الرابعة»، بينما تحتل السعودية المركز الثامن عالميا من ناحية مدى كفاءة استخدام تقنية المعلومات والاتصالات من جانب الحكومة والهيئات الرسمية في تنفيذ أعمالها، ومدى تحسين نوعية الخدمات الحكومية للسكان في ميدان تقنية المعلومات، وفي المركز التاسع عالميا من ناحية مدى نجاح الحكومة في تشجيع استخدام تقنية المعلومات والاتصالات، إذ تسخر إمكاناتها في تسهيل الإجراءات الحكومية إلكترونياً، سواء عن طريق «أبشر» أو التطبيقات الحكومية الأخرى التي تسهل إنجاز المعاملات، في وقت سخرت المملكة إمكاناتها التقنية لخدمة الحجاج والمعتمرين وزوار بيت الله الحرام، وتجلى ذلك خلال أزمة كورونا التي أرهقت دول العالم، غير أن استخدام السعودية الذكي للتقنية جعلها تسيطر على الأوضاع بشكل أكبر، إذ قدمت خدمات صحية عالية الجودة عبر الخدمات الإلكترونية المتنوعة.
كما احتلت المملكة المركز الـ15 من ناحية اشتراكات النطاق العريض في الإنترنت للحاسوب المحمول لكل 100 نسمة، والمركز الـ 18 من جهة مؤشر نوعية الخدمات التي تقدمها الحكومة على الإنترنت، ويتولى هذا المؤشر تقيم تنفيذ الحكومة لمشاريع خدمات الإنترنت، ما جعلها تتقدم بشكل كبير لتصبح ضمن الدول التقنية امتياز.
يرى رئيس الاتحاد العربي للاقتصاد الرقمي الدكتور علي الخوري، أن المملكة تمكنت برؤيتها الاستراتيجية الطموحة 2030 من تحقيق قفزات كبيرة وملموسة وإنجازات قياسية في فوراق زمنية قصيرة. وقال: «لقد أظهر تقرير المؤشر العربي للاقتصاد الرقمي الصادر في 2022، بأن المملكة قد صعدت خلال الفترة ما بين العام (2020 – 2022) من المركز الرابع إلى المركز الثاني بين الدول العربية، وهو ما يؤكد بأنها تنتهج أنماط تطويرية ومسرعات غير تقليدية. ويبين التقرير أيضاً أن المملكة رفعت متوسط سرعة الإنترنت من 9 ميجابت/الثانية في عام 2017 إلى 109 ميجابت/الثانية في عام 2020، وأوصلت خدمات النطاق العريض لكافة المناطق النائية لربط كافة المجتمعات والمناطق ببنية تحتية متطورة تحقق رؤية المملكة في بناء أحد أهم ممكنات الاقتصاد الرقمي والمتمثل في سرعة الاتصال بالإنترنت».
وأضاف: «للتعبير بشكل أكثر دقة عن النمو الجذري بالبنية التحتية في المملكة، نشير إلى مشروع خدمات التصديق الرقمي المعتمدة على مفاتيح التشفير العام (PKI) والذي تم تعزيزه بتأسيس المركز الوطني للتصديق الرقمي لإصدار شهادات التصديق العام في إطار باقة متكاملة من الإجراءات والبنية التحتية والتشريعات لتعزيز وتأمين المعاملات الإلكترونية؛ ومن شأن ذلك أن يقفز بكافة الأنشطة الرقمية لبعد جديد قد يكون الأكثر حداثة وفريد من نوعه إقليمياً وعالمياً».
ولفت الخوري، إلى أنه يمكن أن نلمس حجم الجدية في الحركة التنموية الرقمية في المملكة، حيث تم تشكيل مجلس إدارة هيئة الحكومة الرقمية برئاسة وزراء وكبار المسؤولين في الدولة، ويتجلى في ذلك إصرار المملكة على مواجهة وتجاوز الصعوبات والعقبات التي قد تعتري تنفيذ خططها وأجنداتها الرقمية، وهو ما نراه خطوة بغاية الأهمية لمواجهة المقاومة التقليدية التي تواجهها مشاريع التحول الرقمي حيث عادة ما نجد بأن المؤسسات الحكومية لا تنخرط في عملية التحول بالجدية الكافية، ولا تتكامل بالشكل الصحيح، مما يؤخر الخطط الحكومية في كثير من الأحيان أو يبدد الموارد على مشاريع حكومية لا تحقق أهدافها بكفاءة وفاعلية، مؤكدا أن هذا المجلس بتشكيله يمثل قرار استراتيجي، يضع الثقل الحكومي خلف هذا التحول الرقمي بكل جدية.
مضاعفة القدرات الوطنية
وحول مدى تأثير ذلك على الحراك التنموي قال الخوري: «مما لا شك فيه أن التمكين الرقمي للخدمات والأنشطة الاقتصادية المختلفة يضاعف من القدرات الوطنية وسرعة معدلات نمو الناتج العام بحسب ما تظهره الدراسات المختلفة وتجارب الدول. كما أنه وبحسب تقرير المؤشر العربي للاقتصاد الرقمي، فإن كل 2 % زيادة بنتيجة مؤشر الاقتصاد الرقمي، سيناظرها زيادة في الناتج المحلي بحوالي 5 %- 10 %؛ وهو ما يشير لمدى عمق تأثير وفعالية التحول الرقمي في تعزيز الإنتاج وتنمية الاقتصادات الوطني»، مضيفا :»بحسب التوقعات الرسمية الصادرة عن وزارة الاتصالات السعودية، فإن معدل مساهمة الاقتصاد الرقمي سيصل إلى 25 % من الاقتصاد السعودي خلال الأعوام الثلاث المقبلة وهو تأثير كبير وملفت، ونتوقع من وجهة نظرنا بأنه ومع استمرار المملكة في تنفيذ خططها وأجنداتها الرقمية بالوتيرة الحالية، فإن حجم المساهمة قد يتخطى ثلث الاقتصاد السعودي بحلول العام 2030».
وفيما يخص تأثير التقنية على سرعة إنجاز المعاملات، قال الخوري: «أقرت المملكة ضمن إستراتيجية الحكومة الذكية 2020-2024، مبدأ (الزيارة الواحدة) التي يقصد بها تزويد البيانات من الأفراد والشركات لمرة واحدة بلا تكرار، والاعتماد على الربط الإلكتروني بين قواعد البيانات الحكومية، وهو ما من شأنه أن يساهم في أتمتة الإجراءات وتطوير خدمات رقمية أكثر كفاءة.
منظومة رقمية موحدة
اعتبر رئيس الاتحاد العربي للاقتصاد الرقمي، أن وجود منظومة هوية رقمية موحدة في المملكة، يدعم مؤسسات القطاع العام والخاص ويطور خدماتها الإلكترونية وتطبيقاتها الرقمية على منصات الأجهزة الذكية والتي لن تختصر مدة إنجاز المعاملات فحسب، بل قد تلغي الحاجة لمراكز الخدمة التقليدية. وتابع: «على سبيل المثال، فلنفترض أنه وبعد تسجيل ملكية عقار ما، لن يحتاج المالك لتكرار الحصول على الموافقات البلدية مثلاً عند حاجته لتوصيل الخدمات والمرافق، فالبيانات سيتم الوصول إليها من قاعدة البيانات وبدون الحاجة لإعادة زيارة المركز البلدي الحكومي مرة أخرى، حيث ستكون السجلات مرتبطة بهوية الفرد، ويمكن التحقق من البيانات إلكترونياً، وبشكل تلقائي حسب منظومة إدارة البيانات التي تتحكم في طبيعة البيانات المتاحة حسب نوع الخدمة الحكومية. ثم أنه ولو أضفنا المميزات الخاصة بالبنية التحتية السريعة وتوافر الإنترنت، وتنامي الخدمات الحكومية بشكل رقمي متكامل، فإن هذا سيعني كفاءة عالية وسريعة بالعمليات وتوفير كبير بتكاليف التشغيل وإصدار تلك الخدمات، مما يمكن معه تحقيق وفورات مالية بعشرات المليارات من الريالات من حيث الوقت المستهلك من المستفيدين والجهاز الحكومي لتنفيذ هذه الخدمات بشكل يدوي».
حلول تكنولوجية
وأوضح الدكتور علي الخوري أنه مع زيادة تطور التكنولوجيات الناشئة والجديدة، فإن الحكومات والمؤسسات أصبحت أمام معترك يضم تحديات معقدة وغير مسبوقة لضمان حماية واستمرارية بنيتها الرقمية. فبقدر ما تتيحه الحلول التكنولوجية من قدرات لصد المخاطر السيبرانية المحتملة، إلا أنها تمنح وبنفس القدر أيضاً قدرات جديدة للجهات المطورة لوسائل الهجوم والخداع السيبراني، مبينا حسب التقديرات العالمية، أنه من المرجح أن يشهد سوق الأمن السيبراني وخدماته نمواً كبيراً، كنتيجة لارتفاع معدلات ومخاطر الهجمات الإلكترونية العالمية، لحماية البنى التحتية والأنظمة والخدمات من مخاطر تلك الهجمات وضمان استدامتها. فقد أشارت دراسة أجرتها (Global Market Insights)، أن تتضاعف الاستثمارات بقطاع الأمن السيبراني وتصل إلى 300 مليار دولار بحلول عام 2024، مع ارتفاع قيمة سوق الأمن السيبراني في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا إلى 2.89 مليار دولار أمريكي بحلول عام 2026، بمعدل نمو سنوي نسبته حوالي 8 % خلال المدة (2021 – 2026). ومن المتوقع أن يتجاوز حجم الاستثمارات بالبنية التحتية للأمن السيبراني في المملكة لحوالي 30 مليار ريال بحلول عام 2023 في ظل التوسع في المشاريع التنموية والحاجة لتأمين البنى التحتية الحيوية.
وتابع: «لذا فإن تعزيز الأمن السيبراني والثقة الرقمية يأتيان كنتيجة استراتيجية لا تتحقق إلا من خلال خطة شاملة تشارك فيها الحكومة وقطاع الأعمال والأفراد أيضاً من خلال الوعي والثقافة الرقمية وحسن الإدراك والتدريب على مجابهة المخاطر السيبرانية. ويمكننا تلمس جهود المملكة في تنفيذ خطط وطنية عملية وجادة من خلال الهيئة الوطنية للأمن السيبراني في جهودها التنسيقية بين أطراف المجتمع ونحو تأمين البنية التحتية الرقمية، وهو ما تترجم في احتلالها المرتبة الثانية عالمياً من بين 193 دولة في محور التحسن المستمر في مؤشر الامن السيبراني لعام 2021 وفق تقرير الاتحاد الدولي للاتصالات».
مواجهة متغيرات العصر
من جهته، يقول الدكتور عبدالعزيز آل حسن المتخصص في علم الجريمة: «لم يعد استخدام الانترنت والتقنية بكافة أشكالها محصوراً على جهة معينة أو مسار محدد بل أن الدائرة في اتساع مستمر وانتشار سريع، وبفضل من الله تعالى ثم بفضل توجيهات حكومتنا الرشيدة أصبحت المملكة في مقدمة الدول المستخدمة للتقنية الرقمية في كافة مجالات الخدمات على المستوى الفردي والمجتمعي، بالإضافة إلى التميز التقني والاحتراف الرقمي في البناء والتطوير والتشغيل في كافة القطاعات والبنى التحتية»، مؤكدا أن ذلك يدل على النظرة الثاقبة الاستباقية لمواجهة متغيرات العصر والتسارع والتطور الرقمي، لافتا إلى أن ذلك ينعكس بدوره على التنمية المستدامة وجودة الحياة والرقي بالمجتمع وتلبية الاحتياجات الإنسانية من خلال التقدم التقني والذكاء الاصطناعي والرقمي، لمواكبة التطور العالمي التقني في المجالات السياسية والاقتصادية والأمنية والتعليمية والصحية والاجتماعية، ويشكل ذلك تعزيزاً تقنياً لمنظومة الحماية الرقمية والأمن السيبراني وحماية البيانات من الاختراقات وبناء فريق سيبراني من أبناء وبنات الوطن الغالي ليكونوا سداً منيعاً في وجه كل من يحاول العبث بأمن واستقرار هذا البلد الغالي.
وقال أستاذ القانون الجنائي المساعد بمعهد الإدارة العامة بالرياض أصيل الجعيد: «لا اقتصاد رقمي دون بنية رقمية تحتية متطورة وقد أدركت الدولة ذلك مبكرا وتيسر الخطط الرقمية التنموية على أكمل وجه، وقد حققت المملكة وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات إنجازات مهمة في مؤشرات عديدة، مثل: مؤشر «اختبار السرعة العالمي»، ومؤشر» تطور الحكومة الإلكترونية»، ومؤشر «الجاهزية الشبكية»، ومؤشر «تقييم تجربة الـG5 العالمية»، ومؤشر «التنافسية الرقمية» وكذلك مؤشر تطور الحكومة الإلكترونية، لتقفز بترتيبها 9 مراتب في عام 2020 عن ترتيبها في العام 2018، محقّقة المرتبة 43 عالمياً من بين 193 دولة، وفق التقرير الصادر عن الأمم المتحدة الخاص برصد وتقييم الإجراءات الحكومية وكذلك مؤشر البنية التحتية للاتصالات حيث قفزت السعودية 40 مركزاً لتأتي في المرتبة 27 عالمياً من بين 193 دولة وبلغة الأرقام فإن المملكة حققت أرقاما وإنجازات مهمة على الصعيد الإقليمي والعالمي فالحراك التنموي الإلكتروني ملاحظ ومشهود على كافة الأصعدة».
الشحيمي: نهضة الاتصالات الشاملة تؤكد الريادة السعودية
الخبير في الحوكمة الاستراتيجية CIFE في المركز الدولي للتكوين الأوروبي والخبير القانوني في المفوضية الأوروبية الدكتور محي الدين الشحيمي، أكد أن رؤية المملكة 2030 ليست مجرد ملف إنمائي عادي وإنما مشروع نوعي بشخصية جديدة ضمن الأطر العصرية والتقنية والمتطورة بنموذج مختلف كليا من حيث التكوين الحيثي للنظام الإداري ولسلوكيات الوظيفة الخدماتية ولنموذج لمجتمع إنساني مواكب وقيادي، مؤكدا أن المملكة رائدة في ابتكار أساليب التمكين والتكوين العالمية الجديدة، بمفاهيم ومتطلبات عصرية، أبرزها الرقمنيات وتقنيات الدمج وإنترنت الأشياء.
وأشار إلى أن المملكة أثبتت أنها شريك لا بديل عنه في رحاب الثورة الصناعية الرابعة أي ثورة الدمج التام التتاغمية بين العالم المادية والمعنوية، ويعتبر مشوارها لجهة تطوير البنية التحتية والاتجاه نحو العالم الرقمي حساس وضامن وجبار يعكس إصرارها على هدفها القيادي الإقليمي والمرجع والشريك العالمي. وأضاف: «نهضة الاتصالات الشاملة في المملكة وتنظيم شبكة الاتصالات العالية التقنية وربط كل مفاصل الإدارة فيها من خلال التحول رويدا رويدا نحو الإدارة الذكية والشباك الواحد والحكومة الإلكترونية، يعكس تقدما كبيرا على المستوى الإقليمي والدولي وبتشريعات ذكية شاملة تحقق العدالة والمساواة والشفافية وعدم المحاباة في تلقي الخدمة والعدالة الزمنية لأي فرد في الحصول عليها، وذلك عامل مساعد وأساسي لوصول المملكة للمكانة الاستراتيجية العليا والشريكة في كل المراحل العالمية المهمة وخاصة لناحية الأمن السيبراني والجغرافية الإقليمية للشركات الكبرى بتحول رقمي وشامل، أصبح محوريا وجوهريا بتحقيق الأهداف الطموحة للسعودية، فالإدارة الذكية وخدماتها متكاملة مختلفة كليا عن الإدارة الكلاسيكية والتي تعكس أثرا إيجابيا لناحية التنمية المستدامة والعدالة المجتمعية بضوابط أساسية للأمن القومي رقميا، ولمستقبل مشرق ومميز للمملكة».
وأكد رئيس أكاديمية فنون التسويق الرقمى الخبير فى التسويق والتحول الرقمى المهندس أحمد صبرى، أن المملكة لها خطوات جادة استكملت برؤية ٢٠٣٠ في التحول الرقمي، وهو ما يظهر في الاستثمارات الموجودة بالبنية التحتية، المتمثلة في الأنظمة الحكومية وسرعات الإنترنت والتسهيل على المواطنين للوصول إلى الخدمات.
ويقول: «من أهم الاختبارات كانت فترة كورونا التي تعد كارثة دولية حيث ليس لها أي مقدمات ولا مخططات وحينها تم اختبار قدرات الدول في إمكانية استيعاب التحول الرقمي الذي تطلبته الجائحة حيث شهدنا أن التعليم تحول إلى رقمي فكانت الدراسة عن بعد وكذلك اختبار الأنظمة الصحية قواعد البيانات الخاصة بالمواطنين وبرامج كثيرة تتعلق بالصحة، وكذلك البرامج الخاصة بدخول الحرم كلها أطلقت تطبيقات نفذتها المملكة بسرعة كبيرة جعلها مثالا يحتذى به عالميا وأثبت قوتها في هذا المجال». وأضاف: «السعودية باستثمارات كبيرة باتت من أبرز أماكن الجذب الدولي لريادة الأعمال بشكل تكنولوجي»، لافتا إلى أن ابتعاث شباب وشابات المملكة طيلة السنوات الماضية جهز لوجود قاعدة ابتكار تكنولوجي كبيرة جدا يمهد للثورة الصناعية الرابعة المنطلقة حاليا. وتابع: «خطوات المملكة خطوات جادة في هذا الاتجاه متمثلة في وجود جامعات متخصصة وريادات اعمال ومبادرات»، مؤكدا أن المملكة في طفرة تقنية حقيقية.
نانسي: المملكة سباقة لمواكبة المتطلبات العصرية
أكدت عضو لجنة الشؤون الخارجية والدفاع والأمن الوطني بمجلس الشورى البحريني نانسي دينا ايلي خضوري، أن المراكز المتقدمة التي حققتها المملكة العربية السعودية في مجال تقنية المعلومات والاتصالات لم يكن ليتحقق لولا الإدراك والطلاع العلمي المسبق لمستقبل الثورة الصناعية بشتى أشكالها وأصنافها، والرؤية الاستشرافية المستقبلية للمملكة باعتبار أنها تتطلع دومًا لتحقيق التقدم والازدهار في كافة المجالات، كما أن انفتاحها ورغبتها الجادة في تحقيق التطور الاقتصادي والتنموي حتم على المملكة أن تكون سبّاقة في مجالات الثورة الصناعية الرابعة، وأن تواكب المتطلبات العصرية الحضارية.ومضت نانسي قائلة: «لا ننسى في هذا المقام الإشارة إلى الدعم والتمكين الذي تحظى بها منظومة البحث والتطوير والابتكار في المملكة من قبل القيادة الرشيدة -حفظها الله- لذلك تعتبر المملكة سباقة في المنطقة والعالم في مجال تقنية المعلومات والتطور الرقمي إذ قامت بالاستثمار في تطوير البنية التحتية من خلال استثمار البيانات الحكومية والاحصاءات من أجل تحفيز القطاع العام والخاص لبناء حلول مبتكرة ونماذج أعمال جديدة لحل مشاكل قائمة تساهم في تطوير أوجه الحياة والاقتصاد».
وأشارت نانسي إلى أن هذا التطور الاستباقي واضحاً في أزمة كورونا إذ كانت البنية التحتية الرقمية في السعودية مثالاً واضحاً للعالم لكيفية استخدام تقنية المعلومات للمساهمة في مواجهة الكوارث والأزمات، وذلك من خلال مجموعة التطبيقات التي تزامنت مع أزمة كورونا، مثل: «توكلنا»، و»صحتي»، و»اعتمرنا»، التي ساهمت بشكل واضح في مواجهة الأزمة بكل احترافية وأتقان وكشفت عن مدى التطور والتقدم في البنية التحتية الرقمية بالمملكة ومدى وصول خدمة الإنترنت للمواطنين، فعلى سبيل المثال أظهرت الإحصائيات في سبتمبر من عام 2020م أن أكثر من سبع ملايين مشترك قاموا بالاشتراك في تطبيق «توكلنا» وهو ما يعتبر رقم كبير عالمياً. وأضافت: «من الأمور المثيرة للإعجاب على مدى التطور الذي وصلت إليه الحكومة السعودية هي تلك المبادرات الرقمية من الحكومة الإلكترونية التي تشرف عليها هيئة الحكومة الرقمية والتي تسعى بدورها إلى زيادة الترابط والربط بين الجهات الحكومية من خلال العمل على ربط الوكالات الحكومية بالمنصات التي تشرف عليها، ناهيك عن مجموعة المبادرات المميزة التي أطلقتها الهيئة مثل نظام «مراسلات» و»حافلة الخدمات الحكومية» و»المنصة الوطنية الموحدة» التي تقدم خدمات حكومية بلغ عددها ما يقارب 2116 خدمة وهو الأمر الذي يعد ثورة عالمية في مجال الخدمة الحكومية المقدمة للمستفيدين وهو ما يعكس الرغبة الحقيقية في سرعة اجراء المعاملات على اعلى قدر من الكفاءة وسرعة الإنجاز». وحول تأثير ذلك على الحراك التنموي قالت نانسي: «لقد فتحت الثورة الصناعية الرابعة، وتقنيات الذكاء الاصطناعي حديثًا المجال واسعًا لتحفيز الابتكار، وذلك من خلال الدمج بين المواهب والتقنية المتطورة، وتلبية متطلبات النهوض بكافة القطاعات من خلال توظيف مخرجات التقدم التقني والمعلوماتي لتسهيل تقديم الخدمات العامة والخاصة والارتقاء بها، واستحداث قطاعات رقمية وافتراضية واعدة تعتبر هي المحرك الأساسي بنسبة كبيرة في الاقتصادات الوطنية والإقليمية والعالمية، وبالتالي فإن المملكة تلمس اليوم حجم الانخراط الكبير في مجال تقنية المعلومات والاتصالات الذي تجلى واضحًا وبفاعلية خلال جائحة كورونا بالعامين الماضيين، بالشكل الذي أمّن استمرار الحياة العملية والاجتماعية الاقتصادية دون تأثر بيّن. ومن المعروف أن البنية التحتية تساهم في تسريع عجلة التبادلات والمبادلات التجارية وهو الأمر الذي يعزز ويجذب المستثمرين». وتابعت: «المملكة تولي اهتمامًا بالغًا بقطاع الاتصالات والمعلومات، وتسعى دائمًا لتحفيز الشركات العاملة فيه نحو مزيد من الابتكارات والخدمات التي توفر مزيد من الإمكانيات والتسهيلات الداعمة لسرعة التواصل وإنجاز المعاملات وتقديم الخدمات، بما يسهم في تنشيط عملية التنمية الشاملة ويزيد من فاعليتها وسرعتها». وأضافت: «تطور البنية التحتية الرقمية للسعودية ساهم في زيادة كفاءة التعاملات والمعاملات الحكومية والتجارية وقلص وقت إتمامها. فعلي سبيل المثال فقد طورت السعودية عدة منصات لتسهيل التعاملات التجارية من أبرزها منصة «فسح» التي تساهم في تسهيل أعمال التجارة الإلكترونية مع اكثر من 22,000 من الموردين المسجلين وأكثر من 9,000 من وكلاء الجمارك ووكلاء الشحن المسجلين وهو الأمر الذي يعتبر من العلامات المميزة التي تساهم في تطوير قطاع التعاملات التجارية الإلكترونية تماشياً مع التطور العالمي لزيادة حجم التبادلات التجارية الإلكترونية. كما أن خدمة الاستخراج الإلكتروني للسجلات تخول المستثمر باستخراج السجل التجاري خلال 180 ثانية فقط ما يجعل من بيئة االسعودية جاذبة للاسثتمار». وأشارت نانسي خضوري، إلى أن السعودية وبتطورها الملحوظ في مجال الأمن السيبراني، أصبحت محط أنظار العالم إذ قامت مؤخراً بإطلاق أكبر برنامج في الاقتصاد الرقمي والفضاء والابتكار بقيمة 23 تريليون دولار بحلول العام 2040 وهو ما يهدف الى تدريب مبرمج في كل 100 سعودي، ناهيك عن تصنيعها لأول رقائق ذكية بأيدِ سعودية مما يعزز من جودة الأمن السيبراني للمعلومات والبيانات التي تملكها لتكون الرائدة في المنطقة والعالم، مؤكدة أنه بالأمكان الاستفادة من تجربة المملكة في التطور الرقمي وأهميته في تعزيز الأمن السيبراني من خلال نجاحها في التصدي للجائحة من خلال توظيف الذكاء الاصناعي والتقنيات الحديثة بالإضافة إلى التميز الفعال في موسم الحج من خلال الاستثمار النافع في إدارة الموسم.