حائل ـ البلاد
كشف الباحث وموثق التراث في منطقة حائل، عبدالله الخزام، عن شغفه في بناء منازل الطين؛ حيث عاش مع أسرته في بيت من الطين قبل 49 عامًا، ليختزن في ذاكرته كافة المشاهد، حتى أصبح اليوم من صناع المباني الطينية شمال المملكة.
وقال الخزام إنَّ بداية ميوله وشغفه للطين عندما هطلت أمطار غزيرة على مدينة حائل، واستمرت ٧ أيام متواصلة، حتى أتلفت الكثير من المنازل، وأصبحت مباني الطين في خطر، واضطر السكان إلى الانتقال للمباني الأسمنتية الحديثة مثل المدارس والمستشفيات، وبعد توقف الأمطار وجفاف المباني الطينية، عاد أصحابها إلى عمل صيانة وترميم منازلهم.
وأضاف: «كلفني والدي متابعة الحرفيين الذين يعيدون ترميم المنزل بعد الأمطار، كوني أصغر إخواني، لتأمين الماء والقهوة والأكل، حينها كانت تشدني اهازيجهم التي لا تنقطع طوال عملهم، وكنت أردد معهم تلك الأهازيج مستمتعًا بها، حتى أصبحتُ أتابع خلط الطين وقص الأخشاب، وكل ما يفعلونه بشأن البناء».
وتابع: «في عام ١٤٠٠هـ تم بناء منزل من الأسمنت، وانتقلتُ مع أسرتي فيه، وكانت الفرصة الأولى لي أن أجعل البيت الطيني أحد الأماكن التي اشبع فيها ميولي للمباني الطينية، فجعلته المكان الذي اجتمع فيه أغلب الأوقات مع أصدقائي، ومحافظًا عليه بالصيانة الدورية، وفي عام ١٤٠٢ قررتُ بناء مجلس من الطين وسط المزرعة، فأخذت المعلومات والمشورة من كبار السن ذوي الخبرة في بناء المنازل الطينية، ومنها انطلقتُ في ممارسة البناء كهاو يعمل بشغف».
وواصل: «ترك من سبقنا في منازلهم إرثا تاريخيا، يجب المحافظة عليه، كونه يحمل حضارة عريقة من الفنون المعمارية والتراثية للمنازل القديمة، والتي شُيدت من مواد الطبيعة مثل الطين والحجر والأخشاب، ففي مدينة حائل بُنيت المباني الطينية بطريقة “العروع” وتمتاز المباني بالقوة والارتفاع، ويصل علو أسقف المجالس إلى ٨ أمتار تقريبًا، كما يوجد العمدة (الميل) وسط المجلس، ويتراوح من عامود إلى ٤ أعمدة، حسب مساحة المجلس، وتكسو المجلس من الداخل النقوش الجصية المصنعة محلياُ».
وأتم: «بعد انتشار أعمالي وسط المجتمع الحائلي وانفرادي بخبره البناء بالطين، تواصلت معي الجهات المعنية بالتراث عام ١٤٢٧هـ، وتم عمل عدد من الدورات التدريبية لطلاب الجامعة والهواة، وبرامج تثقيفية للأطفال عن الإرث الشعبي للبناء بالطين، كما تم التعاقد لبناء عدد من المشاريع منها تأهيل سور الإمام تركي بالغزالة، وسوق الحايط الشعبي، ومسجد فيد التاريخي، وبعض الأعمال في مدينة جبة التاريخية».