تربط الإنسان في حياته اليومية علاقات متعددة مع الآخرين، من خلال الاختلاط بهم والتعامل معهم في الشارع والعمل والمحلات التجارية وغيرها، وهذا أمر محمود، يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «المؤمن الذي يخالط الناس، ويصبر على أذاهم خير من الذي لا يخالط الناس ولا يصبر على أذاهم».
إلا أنّ هذا الاختلاط والتعامل مع الآخرين قد يُحدث احتكاكات وسوء فهم تنتج عنه فجوة اجتماعية بين شخصين أو أكثر، وتولد الشحناء والبغضاء فتكون القطيعة والعياذ بالله، الأمر الذي يتطلب من العاقل أن يفعل خاصية المسافة الحذِرة بين بعض الأشخاص، حتى لايدخل في مسلسلات من الزعل والقطيعة، وإذا وقع في مثل هذه المشكلات عليه المبادرة إلى التسامح؛ حتى لا يعيش المشكلة بشكل يومي وتبقى منغصًا له وقلقاً مستمرًا، فعليه بالتسامح حتى يرتاح هو بالأول، ولا يحمل في نفسه على أخيه المسلم، وحتماً سوف تعود المياه إلى مجاريها أكثر انسياباً وأصفى وأعذب، وليتذكر قول الله تبارك وتعالى: (وليعفوا وليصفحوا ألا تحبون أن يغفر الله لكم)، وقول الله تعالى: (فمن عفا وأصلح فأجره على الله إنه لا يحب الظالمين).
فعلى المسلم إدارة علاقته مع الآخرين، بكل حكمة وروية، مبتعداً عن مواطن الجدال والمناقشات العقيمة، واضحاً في تعامله، حليماً رحيماً بالآخرين، مقللاً من العتاب.
يقول الشاعر بشار بن برد:
اذا كنت في كل الامور معاتبا صديقك لم تلق الذي لا تعاتبه.
وليعلم كل مغاضب ومشاحن، أنه لا ينبغي للمسلم أن يهجر أخاه المسلم أكثر من ثلاثة أيام فعن أَبِي أَيُّوبَ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: لَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلَاثِ لَيَالٍ، يَلْتَقِيَانِ, فَيُعْرِضُ هَذَا، ويُعْرِضُ هَذَا، وخَيْرُهُمَا الَّذِي يَبْدَأُ بِالسَّلَامِ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (تفتح أبواب الجنة يوم الاثنين ويوم الخميس، فيغفر الله لكل عبد لا يشرك بالله شيئا إلا رجلاً كانت بينه وبين أخيه شحناء، فيقال أنظروا هذين حتى يصطلحا، أنظروا هذين حتى يصطلحا، أنظروا هذين حتى يصطلحا) رواه مسلم.
ولتكن لنا في قصة يوسف عليه السلام، عظة وعبرة.. ألقاه إخوانه في غيابة الجبّ، فرغم موقف القوة ليوسف في تلك اللحظة الا انه سامح، وقال لا تثريب عليكم.