أبها ــ البلاد
تحتفظ مائدة الطعام في منطقة عسير بطابعها الشعبي الذي يجسد علاقة الإنسان بالمكان والموارد الغذائية المتوفرة فيه، حيث تتميز الأطباق المقدمة بفنون طهي فريدة تستلهم وصفاتها وأصنافها من وحي الطبيعة المختلفة ما بين سهولٍ وجبال، ومنذ القدم تعد الأكلات الشعبية التقليدية تعبيرًا عن الاحتفاء بالضيف وإكرامه، وذلك لاحتوائها على أثمن ما يمثل القيمة الغذائية لديهم كالسمن والعسل والبُر إضافة إلى لحم الضأن والماعز.
وحظيت هذه الأكلات باهتمام واسع على مستوى المنظمات الدولية المهتمة بالجانب السياحي وموروث الشعوب، مما أسهم في ترشح عسير كمنطقة عالمية في فنون الطهي, وفوزها بلقب منطقة فنون الطهي العالمية 2024م, وفقا لإعلان المعهد الدولي لفن الطهي والثقافة والفنون والسياحة (IGCAT)، كأول منطقة من خارج قارة أوروبا تفوز باللقب الذي يُمنح للمناطق التي انضمت إلى المنصة بعد استيفاء عدد من المعايير، أبرزها العمل عبر قطاعات التنمية الاقتصادية والثقافية والاجتماعية والبيئية من خلال مجال فنون الطهي، لدعم التنمية الإقليمية المستدامة.
واستمرت جاذبية هذه الأكلات رغم التطورات التي يشهدها العالم في فنون الطهي، حيث برز عدد من أبناء وبنات المنطقة الطهاة لاستكمال الموروث الشعبي للمنطقة، فضلاً عن توظيف التقنيات الحديثة في الترويج للأكلات العسيرية من خلال تسهيل إعدادها.
ويشير مرشد الطهي “علي العساس”, وهو أحد الشباب المهتمين بالطهي العسيري وفنونه، إلى أن الأطباق العسيرية تتميز بارتباطها بثروات المنطقة الطبيعية الأمر الذي أسهم في تعزيز شغفه في المحافظة على صناعة تلك الأطباق واستغلال الموارد المميزة في منطقة عسير، مشيدًا بالدعم الكبير الذي المقدم من وزارتي الثقافة والسياحة للمهتمين بالطهي والموروث الغذائي، لافتًا النظر إلى أن ذلك الدعم انعكس على شغفه وتطور مهاراته وكذلك تجويدها بعد حصوله على شهادة مرشد طهي معتمدة من وزارة السياحة.
ويتصدر طبق “الحنيذ” قائمة الأكلات الشعبية في عسير، متجاوزاً بفضل لذة طعمه وطريقة إعداده حدود المنطقة ليصبح من الأكلات السعودية المعروفة. ويرتبط خبز التنور أو “الميفا” الذي يعد العنصر الأساسي للمائدة العسيرية لوجوده بغالبية أطباقها، ويعد بعد تخمير عجينة دقيق البُر أو القمح لمدة طويلة، من البلدي والملح واللبن.
وتشتهر منطقة عسير أيضًا بطبقي العريكة والعصيدة التي تتشابه في الشكل والمكونات وتختلف في طريقة التحضير، حيث تتميز العريكة بسهولة تحضيرومن ثم فرد أقراص الخبز بشكل طولي في التنور، ويتم تحضيره مع اللحم والمرق، أو العسل والسمن، وكذلك “الرضيفة” التي تعد من الأكلات الشعبية الخفيفة، وتحضر على وجبات الإفطار والعشاء ويطلق عليها هذا الاسم نظير استخدام أحجار الرضف الملساء في إعدادها وتتميز بقيمتها الغذائية الغنية بالسعرات الحرارية، وتتكون من مزيج ما بين السا وقيمتها الغذائية التي جعلت منها وجبة إفطار مثالية تتكون من عجينة تُشوى على صاج ثم توضع في صحن ويُصَب في وسطها السمن والعسل ويتم تزيينها بالتمر على الأطراف، وتختلف العصيدة عنها في طريقة التحضير التي تتم من خلال طهي الدقيق مع الماء على النار بتقليب مستمر حتى يتحول قوامها إلى عدص جين يُقدم مع المرق واللحم.