“السيستم داون” عبارة محبطة لا تقال في وجه مراجعي المصارف فحسب، وإنما أضحت سائدة في الكثير من المرافق الحكومية والخاصة. عبارة تجلب الضيق والتذمر، بل المعاناة والألم النفسي للمراجعين الذين جاؤوا يمنون النفس لإنجاز معاملاتهم والانصراف لشأنهم بأيسر الطرق وأبسط الإجراءات. (السيستم داون) عبارة آن لها أن تتلاشى لاسيما ونحن على أعتاب نهضة سعودية شاملة، بل أن تختفي تماما ومعها كافة المفاهيم المحبطة المتصلة بإنجاز المعاملات، التي لا تتسق مع الأهداف والغايات الكبرى لرؤية 2030.
(السيستم داون) عبارة لتبرير الفشل والهروب والتنصل من مسؤولية الخلل الكامن في المنشأة وعدم مواجهة المشكلة الحقيقية وإيجاد الحلول الجذرية لها، ومع أننا قد نجد العذر للمنشأة أياً كانت بالتبرير بهذه العبارة إذا كان الخلل نادر الحدوث، لكن للأسف أضحى التبرير دائماً ومستمراً وعمل “السيستم” أمر نادر الحدوث، (السيستم داون) هو جرس إنذار إلى أن هنالك خطأ بل خللاً ما، سواء كان في الكوادر البشرية المسؤولة عن تشغيل الأنظمة أو في البرمجة أو في الأجهزة وتشغيلها.
إن المطلوب هو إعادة تفعيل النظام المتصل بإنجاز المعاملات واتباع فلسفة إدارية جديدة ترتكز على التخطيط السليم وصولاً إلى جودة المخرجات عبر التركيز على الكفاءة والتميز في الأداء وتعميم الحكومة الإلكترونية وتأسيس نظام فعال للرقابة الإدارية، وتقييم وتقويم المخرجات وتبسيط الإجراءات، بل إن هنالك حاجة ماسة لتنمية إدارية تغير من الذهنية وأسلوب التعامل مع المواطن وإنجاز معاملاته، حيث تظل “التقنية” والبرامج أدوات فقط، بينما العنصر البشري هو الأساس في التعامل مع المواطن.
كما أنه لا بد من مكاشفة صريحة، بل شجاعة حال حدوث الأخطاء والتقصير في إنجاز معاملات المواطن والمقيم بالاعتراف بالخطأ أولاً، وتحمل مسؤوليته وبيان الحلول الناجعة المحددة بوقت محدد لا الوعود البراقة والأوقات المفتوحة لمعالجة تلك الأخطاء، وبشكل يضمن عدم تكرارها مستقبلاً، كما تبرز الحاجة إلى استخدام “السيستم” الفعال الذي يقف خلفه موظفون أكفاء قادرون على قضاء مصالح الناس بسهولة ويسر بعيداً عن “السيستم” الذي يكون مكرساً لتبرير الأعذار عن الإخفاق والفشل.
وهنالك عدة مقترحات لتجنب تداعيات تعطل وتأخير معاملات ومصالح المواطنين والمقيمين من جراء تعطل النظام؛ منها أن يتم كتابة البيانات ورقياً وإدخالها في الأجهزة لاحقاً على أن يتم الاتصال بالعميل بعد إتمام تلك الخطوة أو أن يتم تقسيم النظام إلى نظامين، وفي حال تعطل الأول يكون الثاني جاهزاً للعمل علاوة على وجود قنوات اتصال سالكة بالإدارة العليا للمنشأة مع المراجع لإبلاغها بتضرره من عطل النظام. وأخلص إلى أن التقنية الحديثة تم إدخالها للتيسير على الناس وحل مشاكلهم واختصار وقتهم وجهدهم، لا لخلق مزيد من المعاناة لهم.
باحثة وكاتبة سعودية
J_alnahari@