بغداد – البلاد
خلافات عميقة تحول بين السياسيين في العراق، وتشكيل الحكومة الجديدة، سببها تدخل المليشيات الإيرانية في السياسة ومختلف مناحي الحياة، وهو ما يرفضه التيار الصدري؛ إذ حذر زعيمه مقتدى الصدر من الزج بالحشد الشعبي في السياسة والتجارة والخلافات، معتبرًا أن تدخل هذه المليشيا يحول دون الاتفاق على حكومة عراقية وطنية، في ظل وقوف المليشيات التابعة لطهران في وجه التوافق.
وطالب الصدر، بفصل مليشيات الحشد الشعبي عن الفصائل المسلحة في العراق، مؤكدًا في تدوينة على “فيسبوك” أمس (الأحد)، أنه صار لزاماً على الجميع تنظيم الحشد وقياداته والالتزام بالمركزية، وفصلهم عما يسمى بالفصائل، وتصفية مليشيات الحشد الشعبي من المسيئين، لأجل تقوية العراق وقوّاته الأمنية، وليبقى الحشد حشد الوطن وفي الوطن.
ودعا مقتدى الصدر في وقت سابق، إلى حل مليشيات الحشد الشعبي، ونزع سلاحها بشكل يضمن تقييد عملها ضمنا، مما أثار غضب الفصائل الموالية لإيران، بينما يحتدم الخلاف بين معسكر الصدر، وقوى الإطار التنسيقي (الكيانات المقربة من إيران)، على بعض القضايا، بينها مصير المليشيات والفصائل المسلحة وضرورة خضوعها لضبط وسيطرة المؤسسة العسكرية في العراق.
ودفعت قوى الإطار التنسيقي بعد تراجع حظوظها الانتخابية في أكتوبر الماضي، ولأكثر من مرة باستخدام ورقة الحشد الشعبي، لتهديد الأمن والسلم المجتمعي، في حال تشكيل حكومة جديدة بعيدًا عن فصائلها المسلحة.
ووقع نواب الكتلة الصدرية في العراق، استقالاتهم قبل ثلاثة أيام ووضعوها تحت تصرف مقتدى الصدر، الذي دعاهم لتقديم استقالاتهم، وقال: إن إصلاح العراق لن يكون إلا بحكومة أغلبية وطنية، وهو مطلب ترفضه الفصائل المسلحة الموالية لإيران، مؤكدًا أن العراق ليس بحاجة لمطلق الحكومة، بل للحكومة المطلقة ذات الأغلبية. وتابع: “هنا صار لزاماً على الجميع تنظيم الحشد وقياداته والالتزام بالمركزية وفصلهم عن ما يسمى بالفصائل وتصفيته من المسيئين”.
وكان الصدر- الذي حاز على الكتلة النيابية الأكبر في الانتخابات النيابية- قد دعا مراراً في السابق إلى تشكيل حكومة أغلبية بعيداً عن التبعية للخارج، تحت شعاره الشهير “حكومة أغلبية وطنية لا شرقية ولا غربية”. وأمهل مطلع أبريل الماضي، الإطار التنسيقي، (الذي يضم فصائل وأحزابا موالية لإيران) فرصة لتشكيل حكومة من دون تياره أيضاً، معلناً اعتكافه لمدة أربعين يوماً، من أجل فسح المجال لخصومه، كما عاد ومنح منتصف الشهر الماضي النواب المستقلين مهلة أسبوعين للانضمام إلى تحالفه الثلاثي (إنقاذ وطن)، الذي يضم تحالف “السيادة” السني، والحزب الديمقراطي الكردستاني، لكن تلك المهلة انقضت دون أن يبدي النواب المستقلون أي تجاوب مع الدعوة الصدرية، بل أعلنوا رفضهم لها، متمسكين بموقفهم المستقل بعيداً عن التكتلات الطائفية.
وتعيش العراق منذ أشهر في انسداد سياسي، لا يبدو أن له حلا قريبا في الأفق، مع تمسك الطرفين بمرشحيهما لموقع الرئاسة، وبحصة الأسد في تشكيل الحكومة، ما دفع بعض السياسيين إلى طرح فكرة إجراء انتخابات نيابية جديدة، على الرغم من انخفاض حظوظها. فيما قدم عدد آخر من السياسيين دعوى قضائية ضد الرئاسات الثلاث (الجمهورية والوزراء والبرلمان)، مطالبين المحكمة الاتحادية العليا (أعلى سلطة قضائية)، بحل مجلس النواب، الذي عجز 3 مرات عن انتخاب رئيس جديد للبلاد.